تتوجه معظم دول العالم اليوم نحو الاستفادة من الطاقات البديلة والمتجددة، لما لها من أهمية على أكثر من صعيد، ومن هذه الطاقات المتجددة "طاقة الرياح"، التي بدأت في سورية منذ عدة سنوات تأخذ حيزاً هاماً من الاهتمام الحكومي والأهلي، وخاصة على مستوى الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بها.

ضمن هذا المجال، وفي كلية "الهندسة الميكانيكية والكهربائية" "بجامعة البعث"، تمت بتاريخ 13/1/2010 مناقشة بحث علمي لنيل درجة "الماجستير" بعنوان: "تطوير دوار ريحي يعمل بمبدأ سافونيوس- داريوس"، قدمها طالب ماجستير الدراسات العليا المهندس "هاني متري"، بإشراف الأستاذ الدكتور "نايف العبود" وهي أول رسالة ماجستير يتم تسجيلها في كلية الهندسة الميكانيكية و الكهربائية بجامعة البعث في مجال طاقة الرياح.

بحث "الماجستير" الذي قُدم اليوم يهدف للاستفادة من طاقة الرياح، إحدى أهم الطاقات البديلة، وهو من الموضوعات الهامة على المستوى العالمي، وقد أخذ حيزاً من الاهتمام في سورية لتشجيعه وتطويره والاستفادة منه بالشكل الأمثل

وفي نهاية جلسة المناقشة، قررت لجنة الحكم المؤلفة من الأساتذة: د. "نبيل كشكية"، ود. "نايف العبود"، ود. "محمد بشار معيني"، منح المهندس "متري" درجة "الماجستير في الهندسة الميكانيكية- اختصاص هندسة قوى ميكانيكية- بتقدير ممتاز، وبعلامة قدرها ثلاث وتسعون.

المهندس "هاني متري"

للتعرف أكثر على البحث والغاية منه، موقع "حمص" التقى المهندس "هاني متري" فقال: «الغاية من البحث الذي قدمته تحسين عزم إقلاع دوّار "داريوس" عند سرعات رياح بطيئة، من خلال ربطه ميكانيكياً بدوار "سافونيوس" ذي محور الدوران الشاقولي، الذي يعمل بقوة دفع الرياح، وبالتالي الحصول على سرعة دوران مناسبة يستفاد منها لتوليد التيار الكهربائي، أو لضخ المياه، وخاصة في المناطق المعزولة عن الشبكة الكهربائية، وما شجعني أكثر لإجراء هذا البحث أن سورية غنية بطاقة الرياح، وبشكل خاص محافظة "حمص" التي تحوي كموناً ريحياً كبيراً، ومن ناحية أخرى فإن العنفات الريحية الشاقولية-موضوع بحثنا- تتميز ببساطة التصميم، وبتكلفة مادية قليلة مقارنة بالعنفات الأفقية، ونأمل أن يكون هذا البحث نواة حقيقية لتوطين صناعة هذه العنفات في بلدنا العزيز».

من جهته تحدث الأستاذ المشرف الدكتور "نايف العبود" عن أهمية هذا البحث قائلاً: «لدينا مشكلة مع سرعة الرياح وتغيرها، واتجاهاتها وأوقات هبوبها، فأردنا لبحثناأن يتناسب مع طبيعة الرياح في منطقتنا، بحيث يمكن أن نؤمن للمناطق المعزولة؛ التي لا يمكن أن يصل إليها التيار الكهربائي، وحدات ريحية تعمل بطريقة هذا الدوار الريحي موضوع البحث».

لجنة الحكم خلال ناقشة البحث

وأضاف: «هو حل متكامل لمشكلة عدم وصول الشبكة الكهربائية، بحيث أوجدنا جهازاً يعمل بسرعة رياح منخفضة، من خلال دواري "سافونيوس" و"داريوس"، حيث عالجنا نسبة توافق الدوارين وقياس تناسب القطر للدوران، والاستطاعة التي يجب أن يعمل فيها الجهاز، وطبعاً الموضوع بشكل عام بحاجة لدراسات معمقة أكثر فيما بعد، ويتم ذلك من خلال تأمين مخبر لطاقة الرياح، وأهم جزء فيه توافر النفق الريحي، لأنه مع الأسف ليس متوفر حالياً لدينا، إنشاء الله يتم تأمينه في المستقبل القريب».

عن رأيه بالبحث الذي تم تقديمه تحدث الدكتور "غانم السمان" عميد كلية "الهندسة الميكانيكية والكهربائية" لموقع "حمص" قائلاً: «بحث "الماجستير" الذي قُدم اليوم يهدف للاستفادة من طاقة الرياح، إحدى أهم الطاقات البديلة، وهو من الموضوعات الهامة على المستوى العالمي، وقد أخذ حيزاً من الاهتمام في سورية لتشجيعه وتطويره والاستفادة منه بالشكل الأمثل».

جانب من الحضور

وأضاف: «هذا البحث هو نموذج جديد لاستخدام دوار ريحي، وهي تجربة جديدة تعطي آفاقاً كبيرة لتطوير هذا النموذج والاستفادة قدر الإمكان من الطاقة الريحية، والبحث يعد أحد المحاور الهامة في الكلية، على المستوى الكهربائي وعلى المستوى الميكانيكي، ولا شك أن كليتنا تعمل اليوم على محاور الطاقات البديلة بشكل عام، ليس فقط على مستوى الطاقة الريحية، بل أيضاً على مستوى الطاقة الشمسية، وقد تم إحداث دبلوم خاص بالطاقة الشمسية ضمن الكلية، ولدينا حالياً الكثير من الأفكار الجديدة، نحاول تجسيدها في الكلية، تتعلق بافتتاح مجالات أكثر تخصص فيما يتعلق بموضوع الطاقات البديلة لما لها من أهمية».

وللتعرف على رأي أحد الحضور بالبحث التقينا عضو مجلس غرفة صناعة "دمشق" السابق، المهندس "وليد ملص" المدير التنفيذي لشركة "بالميرا" للتطوير العقاري، الذي جاء خصيصاً من "دمشق" لحضور مناقشة رسالة "الماجستير"، فقال: «شركتنا تهتم بالموضوعات العلمية بشكل عام، وبموضوع تطوير الإنسان علمياً ومعرفياً أيضاً، لقد تابعت مناقشة رسالة "الماجستير"، كانت مميزة بالكثير من الجوانب، والبحث الذي قدمه المهندس "هاني" كان ممتازاً، أتمنى أن يكون نواة علمية وعملية لأبحاث مقبلة في الطاقات البديلة، كطاقة الرياح، فنحن في سورية بأمس الحاجة للاستفادة منها، لأنها طاقة مجانية نظيفة، تساعدنا على حل الكثير من المشكلات الاقتصادية والبيئية، فنتمنى إعطاء هذا المجال المزيد من التفكير والعمل».

الجدير بالذكر أن المهندس "هاني متري" حصل عام /2003/ على الإجازة في الهندسة الميكانيكية من "جامعة البعث"، وفي عام /2005/ حصل على شهادة "دبلوم الدراسات العليا"، وهو يعمل حالياً كمهندس في قسم "ترشيد الطاقة" في الشركة العامة لكهرباء "حمص"، وهو أيضاً عضو في اللجنة المركزية لترشيد الطاقة في محافظة "حمص"، وقد شارك في إعداد الكثير من دراسات ترشيد الطاقة في القطاعات الصناعية والخدمية"، وقدّم ويقدم مجموعة من المحاضرات حول مواضيع ترشيد الطاقة في معظم المؤسسات والشركات الحكومية في "حمص"، كما أنه قام بتدريس القسم العملي لمادة طاقة الرياح لطلاب السنة الأولى ماجستير في كلية "الهندسة الميكانيكية والكهربائية" في "جامعة البعث"، إضافة إلى أنه عضو في لجنة طاقة الرياح في "الهيئة العليا للبحث العلمي" و أمين سر هذه اللجنة.