يتحدد أسلوب الحياة بما يمتلكه الشخص من أفكار معاصرة أو تقليدية، وفي بعض الأحيان بكيفية استجابته للظروف والأحداث الاجتماعية والثقافية المحيطة به، ولعلّ فئة الشباب هي الأكثر تأثراً بما يحيط بها من تغيرات ولمعرفة كيف يعيش شباب "حمص" بين عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها أباً عن جد مقارنة مع التطور الهائل والعادات الجديدة التي دخلت إلى صلب الحياة اليومية التقى eHoms مجموعة من طلاب جامعة "البعث" بالإضافة لبعض الأشخاص الذين هم على احتكاك مع فئة الشباب بشكل يومي ومتكرر.

بداية تحدّث "بهاء روجيه" عن وجهة نظره قائلاً: «أعتقد أن الشباب الآن واقع بين نارين وأنا ألاحظ ذلك على أصدقائي من حولي أنهم ضائعين في المحافظة على سير عاداتهم وتقاليدهم سواء في المنزل أو في الحارة لأنّ ذلك يكسبهم رضا الأهل واحترام الآخرين الأكبر عمرا، ولكنهم في الصميم غير مرتاحين عن ذلك لأنها لا تتوافق مع تخيلاتهم المستقبلية أو حتى الحالية لحياة يريدون تغييرها بأدقّ التفاصيل، وأنا أحد الأشخاص الذين يقفون بحيرة كبيرة أمام ذلك فأنا أريد السهر والخروج إلى الحياة العصرية وفي بعض الأحيان أفضل البقاء مع أسرتي والجلوس معهم والعيش في صورة نمط يناسب حياتهم هم قبل فترة زمنية ليست بالقصيرة، لذلك أحاول قدر الإمكان أن أراعي الأهل وأن أتخذ قراراتي المستقلة أيضاً على الرغم من عدم موافقتهم عليها في أغلب الأوقات وهذا للأسف يضيف إلى حياتي الكثير من التوتر».

أتصرف حسب ما يعجبني من التقاليد أو ما أحبه منها، وما هو قادم من الغرب أو مستحدث أصنفه أيضاً حسب طريقة معيشتي وما يلائمها ولكنّني بصراحة أميل للعادات المتبعة أكثر فمثلاً لا أفضل السكن بمفردي دون أهلي قبل الزواج لأنه ولكل مرحلة نظامها، حسناتها وسلبياتها، وأدخن الأركيلة وأهلي على علم بذلك ولكن أفضل عدم تدخينها أمامهم احتراماً لهم، أرتدي ما يعجبني من الملابس ولكن حسب المنطق والمكان والوسط الاجتماعي الذي أقطن فيه وأعترف بأنه إذا ما أتيحت لي الفرصة وغادرت مدينتي أو بلدي فأنني سأغير 90% من هذه العادات

"حمص" مدينة هادئة جداً مناسبة للدراسة ولكنها تحبط الطموح لعدم وجود فرص العمل فيها مثل "دمشق" أو "حلب" أو حتى مدن الساحل كما تقول "ريم تركية" وتضيف:

"بهاء" و"جمال"

«مجتمع "حمص" مقيد أكثر من غيره بكثير فمثلاً على مستوى المقاهي الثقافية لا يوجد فيها سوى نادي "الفنون الجميلة" أمّا باقي المقاهي والتي تعدّ على الأصابع للأسف زوارها وروادها من فئة الذكور حصرياً لأن صورة الفتاة وهي ترتشف فنجان قهوة بمفردها هو مستهجن إلى حد كبير، ورؤية شاب وفتاة معاً يثير الشكوك ما يضطر المرء لاختصار صداقات عادية في كثير من الأحيان، إضافةً إلى أن الكثير من الناس لم يتخلصوا بعد من عمل الفتاة إلى وقت متأخر أي بعد الثامنة في مجتمع محافظ وصغير والكل يعرف بعضه بعضاً هو عيب أخلاقي، إضافةً إلى أنّه يوجد للأسف أية حركة اقتصادية أو سياحية تأتي بالسياح أو الغرباء إلى "حمص"، وهذا بكثير من الأوقات يدفع المرء إلى الإحباط بعد نيله شهادة جامعية رفيعة ولا يستطيع قبول أية فرصة عمل أو البحث عنها للأسباب السابقة».

أمّا "بقاء إبراهيم" فهو من المائلين للتقاليد وما يعجبه منها فيضيف:

الأب "فرنسيس"

«أتصرف حسب ما يعجبني من التقاليد أو ما أحبه منها، وما هو قادم من الغرب أو مستحدث أصنفه أيضاً حسب طريقة معيشتي وما يلائمها ولكنّني بصراحة أميل للعادات المتبعة أكثر فمثلاً لا أفضل السكن بمفردي دون أهلي قبل الزواج لأنه ولكل مرحلة نظامها، حسناتها وسلبياتها، وأدخن الأركيلة وأهلي على علم بذلك ولكن أفضل عدم تدخينها أمامهم احتراماً لهم، أرتدي ما يعجبني من الملابس ولكن حسب المنطق والمكان والوسط الاجتماعي الذي أقطن فيه وأعترف بأنه إذا ما أتيحت لي الفرصة وغادرت مدينتي أو بلدي فأنني سأغير 90% من هذه العادات».

خير الأمور الوسط ولا يجب التخلي عن آرائنا لمجرّد أنها لا تتوافق مع آراء أهلنا فالاحترام شيء والرضوخ شيء آخر تماماً، بهذا عبّر "جمال الخيّال" عن رأيه ويكمل قائلاً:

الخبير المحلّف "أحمد كوسا"

«نحن نستطيع أن نجد الحل كجيل في القرن الحادي والعشرين يطلّ على عالم من العولمة من خلال التصرف على طبيعتنا ومنطق الحياة الطبيعية القائم على التأقلم مع الظروف والتطورات فلباس القرن الماضي مثلاً لا يلائم الشخص ولا يساعده على ركوب السيارة أو الباص بل يصبح جحيماً ارتداء مثل تلك الملابس ولاسيما للفتيات اللواتي يدرسن ويعملن، فيمكننا أن نقنع أهلنا بأن حياتنا ملكنا وهي شي مختلف عن حياتهم وزمانهم ولنا الحق باختيار قراراتنا وحتى يحق لنا الخطأ لكي نتعلم من أخطائنا، ولكنّ المشكلة تكمن في خوف جيلنا من تحمل المسؤولية والدفاع عن قراراته وحريته وهذا كلّه يرجع للقناعة وقوة الفكرة المقتنع بها وصحتها أمام آراءٍ عديدة من حولها».

الجيل الماضي الذي يتمثّل في الآباء والأمهات كان في فترة ماضية جيلاً من الشباب المملوء بأفكار مناهضة لمجتمعه وعاداته، البعض منهم نجح في تخطيها وتغيير حياته والبعض الآخر فشل وبقي راسخاً وراضخاً لها على حدّ قول الأب "فرنسيس اليسوعي" الذي يعتبر الشخص الأكثر احتكاكا بجيل الشباب في مدينة "حمص" ويضيف:

«المشكلة تكمن لدى جيل اليوم هو ضياعهم في فراغ كبير يبررونه بكثرة المشاغل والهموم فهم لا يريدون ماضياً يأمرهم من فوق ويضع عليهم شروط العقاب والثواب، ولا يريدون حكماً قبلياً وجماعياً، وأنا ألاحظ هذا التغير من خلال المسير الذي أقوم به كلّ عام، فأنا أجد أن محبة الجماعة تلاشت والرغبة في البقاء ضمنها تضاءلت جداً، أصبح كلّ شخص يبحث عن آخر خاص به لملء فراغه وتفريغ الشحنات العاطفية والفكرية من خلاله فقط، لا يهمهم الماضي ولا الحاضر الذي سيصبح ماضياً يوماً ما، السعي المفرط نحو الحرية ينسيهم معنى المسؤولية فهم يرون العالم الخارجي عبر شاشات التلفاز متمثلاً بالمعيشة الفردية ويريدون العيش كذلك وهذا ليس بالخطأ ولكنهم ينهارون عند أول مطب وأول خطأ، فنادراً ما تجد شاباً يجمع رأس ماله الخاص من عمله الخاص وإنما يعتمد على مال والديه ليدرس ويتمتع في الحياة ويمتنع عن سماع طلباتهم، ولذلك تصبح الحاجات السطحية هي أساسية بوجود الفراغ الثقافي وفراغ المسؤولية، الشباب الآن للأسف هم أشبه بلاجئين لا يعرفون على أية أرض سينصبون خيمهم».

الشباب برأي السيد "أحمد كوسا" الخبير المحلّف بالمخالفات المرورية والقضايا الاجتماعية، يعني الجديد والتحدي ولكن باختيار المفردات الصحيحة والتوقيت السليم حيث يتحدث عن اكتمال الأدوار الذي يلغي ازدواجية العصر وقلقه:

«إن تكامل الشخصية يلغي المشاكل والمعاناة وذلك مبني على شخصية الأهل أي الرجل والمرأة في المنزل كصانعة حضارة وصاحب قرار وهذا ينعكس على أولادهم من حولهم ويكسبهم الثقة بالنفس واحترام الدور والدور الآخر، فأنا شخصياً تمرّدت على أهلي في فترة شبابي ولكن تمردي لم يواجه بعنف لأنني بنيته على فكرة صحيحة أساسها تغيير نحو الأفضل، والآن أحب تمرّد أبنائي لصنع قراراتهم الصحيحة وحياتهم القائمة على الخطأ والصواب، فالحياة ليست صحيحة دائماً ونحن البشر لسنا معصومين عن الخطأ ليكون أبناؤنا كذلك، فإذا كانت تغييرات أبنائنا بوعي وثقافة فسيكون ذلك إيجابياً على الجميع وقد يحققون ما لم نحققه نحن عندما كنّا بأعمارهم».