يقوم أسلوب التنظيم العلمي في مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا العلمية عامة،بإخضاع الطالب إلى مجموعة من الامتحانات والاختبارات للوقوف على الحالة العلمية والتعليمية التي وصل إليها الفرد، والحكم على الملكات والقدرات الذهنية والفكرية للمُتعلم بشكل عام..

وطبعا ً تتخلل حياة الطلاب مجموعة من الامتحانات منها ما يستطيع الطالب تخطيه بسهولة ويسر ومنها ما يقف عنده وتشكل له حاجزا ً وعقبةً تؤخر من تحصيله العلمي.

إن هذه الامتحانات وجدت لتكون فيصلا ً للوقوف على نهاية حالة تعليمية قضاها المتعلم في مرحلة ما، فبالنسبة للمدرسة أو المؤسسة التربوية بشكل عام فتنظر إلى الامتحان على أنه وسيلة ووثيقة رسمية مطبوعة تُمهر بخط الطالب بالإجابة على الأسئلة التي وضعتها الإدارة في طريق خطتها التربويّة الموضوعة تساعد الطالب من خلاله على مراجعة المعلومات المحصّلة خلال الفترة السابقة، وإنهاء مرحلة من مراحل التعلم ... لكن ما هو رأي بعض الأشخاص الذين خضعوا للامتحانات.رنيم طالبة في الصف العاشر تقول:" لم أدرك أهمية الامتحان والخوف منه إلا العام الماضي عندما كنت في الصف التاسع، لأن الجميع -خاصة الأهل- صوروا لي المراقبين والمدرسين الذين يقومون بالإشراف على سير الامتحان بأنهم وحوش وليسوا أساتذة كمدرسينا الذين تعاملنا معهم طوال العام الدراسي، وينتظروا أنّ يشاهدوا أحد الأخطاء من قِِِِبل الطالب حتى يكشروا عن أنيابهم ويؤذوه ويطردوه خارج القاعة الإمتحانية، وبالتالي يقضوا على مستقبله العلمي، لذلك كنت أذهب إلى الامتحان وأنا متوترة كثيرا ً وخائفة من الآخر الذي جاء عملياً ليشرف عليّ لا للاقتصاص مني، وهذا ما أدى إلى ضياع بعض العلامات السهلة نتيجة التشتيت والاهتمام بالتصرفات والتركيز عليها أكثر من التركيز على الأسئلة والإجابة عليها".

إبراهيم البركات مدرس في ثانوية ابن رشد الصناعية بحمص يقول:" اعتقدت- عندما كنت طالباً طبعاً- بأنّ الامتحان وجد ليقهرنا وليُصنفنا في كل مرحلة من المراحل، وهو عرض للعضلات والإمكانيات العلمية التي حصل عليها الطالب في المرحلة السابقة، وهو يُصنفنا بين الآخرين، ويضع الفوارق والحواجز بين الطلاب، وهذا ما كان يسبب لي القلق من الامتحان حيث كنت أدرس لكي لا أخسر مجموعة من رفاقي في الصف الدراسي، لأنهم كانوا يعزفون عن الكلام مع الطلاب الذين ينالوا علامات امتحانيه سيئة، وكانت هذه العقوبة الاجتماعية التي يقوم الطلاب بتنفيذها العقوبة والقصاص الأصعب أمامي، والمحفز والدافع على الاجتهاد والدراسة لتجاوز هذه العقبة".

رشا طالبة أدب إنكليزي تقول: "أنا أكره الامتحانات كثيرا ً لأنها تزيد من توتري وأثناءه أعاني من قلة النوم، وأصاب بألم حاد في الرأس... أنا لا أحب الامتحانات أبدا ً هي صعبة في جميع مفاصلها ونتائجها...إلا أنني لا أنكر أنّ لها فضلاً جيداً على الفتيات بشكل خاص حيث تساهم في تخسيس أوزانهم أثناء فترة الامتحان دون الحاجة إلى إتباع برنامج غذائي قاسي ومكلف ومنظم (ريجيم)... خوض الامتحان يزعجني". السؤال عن الامتحانات والحالة النفسية التي يعيشها طلابنا خلال أوقاته توجهنا به إلى السيدة عبير شحادة (أخصائية نفسية) والتي قالت لنا:" إن التنظيم المدرسي مقرون حاليا ً بفكرة إخضاع الطلاب إلى مجموعة من الامتحانات الشفهية والكتابية أثناء فترة تحصيلهم العلمي، وذلك بحسب المرحلة العمرية والدراسية التي وصل إليها الطالب، وإن هذه الامتحانات تعتمد على ذاكرة وحفظ الطالب للدروس والمقررات التي أخذها خلال فترة سابقة، وإذا ما رسب الطالب بتلك الامتحانات وفشل باسترجاع المعلومات النظرية في أغلب الحالات، فإن عقابه واضح ألا وهو عدم تمكنه من اللحاق بأصدقائه والرسوب في الصف وعدم الانتقال إلى المرحلة العلمية الأعلى، أيّ إن التعليم مقترن بمنطق الفشل والنجاح، وإن هذا الفشل لا ينعكس على الطالب وحده وإنما يتعداه إلى أن يصل إلى الأهل الذين كثيرا ً ما يُتهمون بالتقصير ويحمّلون مسؤولية الفشل الدراسي للطالب، وأنا أرى أنّ العلامات النهائية ليست المؤشر والدليل الوحيد على نجاح أو فشل الطالب، لأن الطلاب كثيرا ً ما يعانون من ظروف قاهرة قد تؤثر في جدوى تحصيلهم العلمي، لذلك أرى أنه يجب اقتران النتيجة والعلامة التي يحصل عليها الطالب مع نشاطه ورغبته في العملية في العمل والتطور، وهذا ما يسمونه في نظامنا التعليمي (بدرجة أعمال الطالب) والتي لا تُدرس كثيرا ً أو تؤثر تأثيرا ً واضحا ً وجليا ً على حالة الرسوب أو النجاح المدرسي، وخاصة في امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية، ورغم سعي وزارة التربية في الآونة الأخيرة على إدراج مجموعة من الأسئلة التي تقف عند قدرة الطالب على الفهم والمتابعة ودقة الملاحظة، وليس على حفظ البصم، إلا أن هذا التطور والمنهجية في الامتحانات لا تزال غير كافية، وليست عملية بالقدر الصحيح ولا تعطي مؤشرا ً سليما ً على إمكانيات الطلاب.

الفشل لا يعني نهاية العالم بل هو محطة تُحفزنا للانطلاق إلى الأمام، لأنه كما يقول المثل الغربي المشهور(بعد سقوط المطر انتظر ترقب الطقس الجميل) ونحن نترجمه في اللغة العربية " ليس بعد الفشل إلا النجاح".