لم ترضِ فضوله الإجابات البسيطة، فتعمّق في كتب الفلسفة وقارب بين دراسته للهندسة ودراسة علم اليوغا، وعمل على رفع عزيمة الشباب وتوعيتهم خلال الحرب من خلال حلقات توعية وتوجيه، ليسكب فكره في كتاب بعنوان "أجوبة على أسئلة ضمن الدائرة الحمراء".

رافق "بسام شعبان" هاجسُ القراءة والمطالعة منذ طفولته المبكرة، وانصبّ اهتمامُه على أمور غير اعتيادية، وكانت أسئلته سابقة لعمره، ويعود ذلك للخلفية الثقافية والمعرفية التي تكونت لديه، حيث كان والده رجل دين مثقف يهتم بالعمق الفكري للدين، وعن تلك المرحلة قال لـ"مدوّنة وطن": «بدأت بقراءة كتيبات عن الأشباح والأرواح، منذ كنت في الصف الثالث الابتدائي، لتتبلور ميولي في المرحلة الإعدادية وأتوجه لقراءة الكتب الفلسفية والمادية، شدني كل ما يتعلق بحراك الفكر، وفي المرحلة الثانوية بدأت أسأل أين وكيف؟ لكني لم أجد أجوبة على تساؤلاتي، ثم حصلت على الثانوية العامة عام 1981، وكنت من المتفوقين على مستوى مدينة "حماة"، لأتوجه لدراسة الهندسة نزولاً عند رغبة عائلتي، فحصلت على منحة دراسية في الهندسة في "بولندا"، فدرست اختصاص (المعالجة الرقمية للصور الجوية)، وتفوقت في مجالي في العام نفسه وهو شيء نادر الحدوث، لأنها جامعة خاصة بالمتميزين في "بولندا"، حيث تعتمد على دراسة الرياضيات البحتة، ولكن في السنة الثانية عدت لهاجسي بالروحانيات، لألتحق بكلية "اللاهوت المسيحية"، بدافع من الدكتورة "يوآنا يشيكو"، فقاربت بين دراسة الهندسة وعلم النفس، ثم تعرفت إلى دكتور بعلم اليوغا ورياضة "التايكواندو"، لأدرس علم اليوغا مدة ست سنوات، وأحصل على ماجستير في الهندسة ودبلوم في علم النفس».

أطلق المثقفون عليه لقب "عراب الثقافة"، وخاصة عندما كان يقيم جلسات الدعم النفسي في المركز، ليحضرها الجميع ويتراكضون للوجود فيها، بالإضافة إلى خوفه الدائم على مستقبل البلد، والقلق على شبابه، فكان يجوب المدارس تحت مسمى "جلسات استماع" لدعم الشباب نفسياً

تمحورت دراسته للماجستير في الهندسة حول التشوهات والانزياحات للمنشآت الهندسية، بالاعتماد على التصوير الجوي، ودرّس لمدة عامين كمعيد في كلية "المعالجة الرقمية للصور الجوية"، وأجرى العديد من المحاضرات والندوات في مجال مقدمات الحرب على "سورية" وانعكاس نتائجها على الصعيد النفسي والاجتماعي على الفرد والمجتمع، وكيفية تلاقي هذه النتائج، كما أقام محاضرات في مجال الطاقة، والتوجيه التربوي والنفسي، مضيفاً: «لدي عدة أبحاث في أسباب انحراف الشباب وكيفية إعادة تأهيلهم واندماجهم في المجتمع، وأبحاث في مجال أثر التدين السلبي على الصحة، وحرف الدين وهدم المجتمع، وغيرها من الأبحاث ذات الصلة بالإرشاد النفسي، وقد كانت لي محطة فارقة لمدة أربع سنوات في مدرسة "محارب الأحمد" عام 2012، من خلال عشرات اللقاءات الأسبوعية، وهي عبارة عن حلقات توعية وتوجيه خاصة للشباب.

الأديبة غادة اليوسف

كما قمت بإلقاء العديد من المحاضرات التوعوية في العديد من المراكز الثقافية في "دمشق" و"اللاذقية" والعديد من المؤسسات الحكومية، وتناولت في ندواتي وأبحاثي موضوع المرأة ووقوعها بين سندان الشرع الديني ومطرقة العلم والتحرر، وأحضّر لإنهاء كتاب بعنوان "أجوبة على أسئلة ضمن الدائرة الحمراء"».

الأديبة "غادة اليوسف" عرفت "شعبان" في النقطة الثقافية بحي "الزهراء" في مرحلة صعبة كانت فيها مدينة "حمص" مقطعة الأوصال بسبب الإرهابيين، فتحولت هذه النقطة بجهوده إلى مركز ثقافي، وترى أنه نموذج للمثقف النخبوي (المنعجن) في واقع مأزوم، يبحث عن حلول لعقابيل ثقافية واجتماعية تراكمت عبر التاريخ، ناظراً إلى الارتقاء بالواقع، وتضيف: «هو مثقف عضوي بحسب "غرامشي"، وليس المتعالي في برجه العاجي، يؤمن بالتأسيس لا بالتجميع، ذو مشروع تنويري، ينتهج الأسئلة طريقاً، لتمازج الآراء واعترافاً بالآخر للوصول إلى الحقيقة، ويؤمن أن عليه الكثير ليفعله، خاصة في هذه المرحلة العاصفة، ويعرف أنه قد يتعب في البداية، لكنه التعب الذي سيريح لاحقاً، كالتعب في شق قناة للماء النقي في الصخر، فما تكاد تشق حتى يتدفق الماء زلالاً».

الأديبة المربية عفاف خليل

فيما أشارت الأديبة "عفاف خليل" إلى معرفتها به التي تعود لعشرة أعوام، عندما كان يحضر النشاطات في المركز الثقافي "المحدث" في حي "الزهراء"، فكان لا يفوّت نشاطاً من شعر وسينما ومحاضرات، وقد دعمه مادياً ومعنوياً، ومتبرعاً عدة مرات لنشاطات الأطفال وأولاد الشهداء، وأضافت قائلة: «أطلق المثقفون عليه لقب "عراب الثقافة"، وخاصة عندما كان يقيم جلسات الدعم النفسي في المركز، ليحضرها الجميع ويتراكضون للوجود فيها، بالإضافة إلى خوفه الدائم على مستقبل البلد، والقلق على شبابه، فكان يجوب المدارس تحت مسمى "جلسات استماع" لدعم الشباب نفسياً».

يذكر أنّ "بسام شعبان" من مواليد "مصياف" 1963، مقيم في "حمص"، وتم لقاؤه بتاريخ 25 تشرين الأول 2020 في حديقة "الفنون التشكيلية" بشارع "عبد الحميد الدروبي".

شهادة تكريم من إحدى الجهات