تُعرف عنه مساهماته الخيرية الواسعة التي تهدف إلى مساعدة المحتاجين في نواحي متعددة، ودعم الشباب في تحصيلهم العلمي، إلى جانب شهرته وسمعته الطيبة كطبيب جراح ومدير مقتدر، إضافة لكونه هاوٍ محترف في جمع النوادر من الطوابع والعملات.

هو الدكتور "عبد السلام الأبرش" أحد الوجوه المعروفة على مستوى مدينة "حمص" والذي التقته مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 7 تشرين الأول 2020 ليحدثها عن مسيرة حياته، والبداية كانت عن مرحلة الولادة والنشأة حيث قال: «ولدت وترعرعت في جوٍّ أسري واسع مع إخوتي وأولاد عمومتي في حي "البغطاسية"، لكن أصول عائلتي تعود لأحد أحياء مدينة "حمص" القديمة ويدعى "جمال الدين"، حصلت على الشهادة الثانوية عام 1977، وانتقلت بعدها إلى مرحلة الدراسة الجامعية في كلية "الطب" بجامعة "حلب" وحصلت على شهادة البكالوريوس منها سنة 1983 لأنطلق منها في رحلة الحياة العملية ومشوارها الطويل المستمر حتى الآن».

ولدت وترعرعت في جوٍّ أسري واسع مع إخوتي وأولاد عمومتي في حي "البغطاسية"، لكن أصول عائلتي تعود لأحد أحياء مدينة "حمص" القديمة ويدعى "جمال الدين"، حصلت على الشهادة الثانوية عام 1977، وانتقلت بعدها إلى مرحلة الدراسة الجامعية في كلية "الطب" بجامعة "حلب" وحصلت على شهادة البكالوريوس منها سنة 1983 لأنطلق منها في رحلة الحياة العملية ومشوارها الطويل المستمر حتى الآن

عن المرحلة اللاحقة في مسيرته تابع الدكتور "عبد السلام الأبرش" قائلاً: «بعد التخرج عدت إلى مدينتي كطبيب مقيم في مشفى "حمص الوطني" لمدة 3 أعوام وفي قسم الجراحة العامة تحديداً، حيث حصلت على شهادة الاختصاص فيها، هنا أصبحت توجهاتي العملية واضحة الطريق وبدأت الخبرة في النمو رويداً، وعززتها من خلال العمل في مشفى الشهيد "عبد القادر شقفة" العسكري خلال تأدية الخدمة الإلزامية، لأعود بعدها إلى المشفى الأول للعمل في قسم الإسعاف لسنوات عدة، اتبعت خلالها العديد من الدورات التخصصية، أهمها تلك التي جرت في "اليابان" عام 1999 لمدة شهر واحد من خلال دعوة قدَّمتها منظمة "جايكا" اليابانية التي كانت عاملة في "سورية" حينها، جرى ذلك عندما كنت مديراً لمنظومة الإسعاف السريع حيث تمَّ تعييني في هذا المنصب سنة 1996 واستمر حتى عام 2010، خلال الفترة نفسها تسلمت مسؤولية إدارة مشفى "الباسل" في مدينة "الرستن" الواقعة شمال مدينة "حمص" وكان مخصصاً حينها لأمراض وجراحة القلب، لكن رغم كل الجهد الذي بذل فيه لم يبصر النور ويقدم خدماته، بطبيعة الحال كان الوجود في نقابة الأطباء حاضراً منذ تخرجي من الجامعة، وقد ساهمت مع بعض زملائي في تشكيل أول هيئة عامة لمجلس فرع النقابة في محافظة "حمص" من الأطباء البعثيين، بعد توقف عن العمل دام سنوات بسبب الأحداث التي شهدتها المدينة مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كان ذلك عام 1988 واستمر وجودي في المجلس لثلاث دورات متتالية مدة كلٍّ منها 4 سنوات، إلى جانب ذلك كان العمل مستمراً في عيادتي الخاصة وبعض مشافي المدينة، لأنهي خدمة العمل الحكومي في سنة 2020 بعد رحلة طويلة وشاقة لكنها كانت سعيدة بالنسبة لي وأنا أقدم علمي وخبرتي لمرضاي أينما وجدوا».

جانب من مجموعات الطوابع والعملات الخاصة به

الفصل التالي من مسيرة الدكتور "عبد السلام الأبرش" عنه يقول: «رسالة الطب هي إنسانية بالدرجة الأولى وهذا ما كنت مؤمناً وما زلت به، وتقديم يد العون للمحتاجين على اختلاف درجات حاجتهم كان هاجساً لدي، لذا ساهمت مع بعض أصدقائي في تأسيس جمعية "الإنشاءات الخيرية" وأذكر منهم مثالاً: "فهد الشيخ عثمان" و"عبد البصير مراد" و"ظهيرالنحاس"، وذلك عام 2003، حيث كانت الجمعية الخيرية الأولى التي تعود إلى ميدان العمل الخيري بعد قرار بإيقاف تراخيص العمل للجمعيات لسنوات عدة سابقة، مشاريعنا في جلّها كان تهدف إلى تقديم يد العون للفئات المحتاجة، من خلال جمع التبرعات من الميسورين وأهل الخير، كان عددنا 8 أشخاص من المؤسسين ومعنا بعض الشباب المتطوع للخدمة، بدأنا بمشروع جمع الطعام الزائد من المطاعم والبيوت، وإعادة تجهيزه وتوضيبه، ومن ثمَّ إيصاله لمن يحتاجه، كذلك قمنا بالمبادرة نفسها ولكن هذه المرة مع الألبسة المستعملة والفائضة عن الحاجة، حيث قمنا بذات الأمر كما في تقديم الطعام، وبتعاون أهل الخير معنا شيدنا لاحقاً بناء من خمسة طبقات ليكون مقراً دائماً للجمعية ومركزاً لتقديم الخدمات العديدة التي كنا نهدف إليها، وجودي كطبيب وعضو مجلس إدارة لدورتين سابقتين وخازن فيها، عززته في خدمة الإشراف على المستوصف الصحي الذي أنشأناه في حي "بابا عمرو" وتقديم المعاينة المجانية فيه، إلى جانبه صيدلية تقدِّم أدوية الأمراض المزمنة لأكثر من 600 عائلة محتاجة، من أفكار المشاريع التي طرحتها وأبصرت النور لاحقاً كان مشروع "طالب علم" الذي يستفيد منه حوالي 300 طالب ويهدف إلى مساعدة الطلاب الجامعيين مادياً في تسيير شؤونهم ومساعدتهم في مصاريف الدراسة، إلى جانب إقامة دورات تخصصية لهم تساعدهم في زيادة تحصيلهم العلمي، ومنها مثلاً دورات "أوتوكاد" الخاصة بطلاب الهندسة المعمارية، إضافة لذلك كله، كان للأطفال الأيتام حصة وافرة في عمل الجمعية من خلال تقديم مبلغ مالي شهري للطفل الواحد مقداره 15000 ليرة، لأننا مؤمنون بأن بقاء الأطفال مع أمهاتهم هو أفضل بكثير من إيوائهم في دور الأيتام، حالياً خلال رئاستي لمجلس إدارة الجمعية عملنا على تأمين فرص العمل للمرأة من خلال دورات الخياطة التي أقمناها، ووضع خبرات المشاركات لاحقاً في مشغل الخياطة التابع للجمعية والذي ساهم في تعزيز مساهماتها الخيرية، وآخرها كان صناعة بدلات العمل وصناعة الكمامات الطبية وتقديمها مجاناً مع انتشار جائحة "كوفيد-19" في بلدنا، وأيضاً كان لنا دور في المساهمة بعملية التعقيم التي أجريناها للحي كاملاً وفي مناطق أخرى من المدينة بالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، وآخر ما نقوم به دورات محو الأمية التي نجهز لانطلاقتها بالتعاون مع مديرية الثقافة في المدينة، حيث تأمين القاعات والتمويل لها هو من مسؤوليتنا كجمعية خيرية».

حكاية الدكتور "عبد السلام الأبرش" مع هواية جمع الطوابع والعملات شرح عنها بقوله: «خلال المرحلة الإعدادية وتحديداً سنة 1972 بدأت هواية جمع الطوابع لديَّ بالظهور أول مرة؛ من خلال اهتمامات بعض زملاء الدراسة، ثمّ بدأت بالتردد على كوة "هواة الطوابع" التي كانت موجودة في مبنى "مؤسسة البريد" في مدينة "حمص"، حيث كنت أشتري منها كافة أنواع الطوابع السورية وغيرها، إلى جانب ذلك كان هنالك بعض المكتبات المشهورة ببيع الطوابع والتي أحصل منها على غايتي، وهكذا توسَّع اهتمامي رويداً رويداً على مدار السنوات اللاحقة، وزادت مقتنياتي من الطوابع خلال أسفاري التي كنت أقوم بها إلى دول مختلفة، وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي أصبح جمع الطوابع عندي أكثر احترافية من خلال انضمامي إلى "النادي السوري لهواة الطوابع" ومقره مدينة "دمشق" حيث التزمت بالسفر في يوم الأحد من كلِّ أسبوع لحضور جلسات المزاد التي كانت تجري فيه وما تزال، وكذلك إلى مدينة "حلب" لذات الأمر، وفي عام 1999 وعن طريق صديقي المهندس "نجيب فركوح" سنحت لي فرصة التعرف على الراحل "وليم عبود" الذي كان يقيم في حي "الحميدية"، وهو من محترفي جمع الطوابع على مستوى "سورية"، حيث تعرفت منه على طرق حفظ الطوابع بشكل مهني، ومنه حصلت على ألبومي الأول الذي كان من تصميمه وصناعته، واظبت على زيارته بشكل شبه يومي وعلى مدار سنوات لاحقة بسبب الشغف الذي كان عالقاً بي تجاه هذه الهواية التي تحولت لاحتراف كامل لها، فجمع الطوابع وحفظها ليس بالأمر السهل أبداً، فهي تحتاج إلى الكثير من العناية والإتقان في التعامل معها، بدءاً من اقتناء الألبومات الخاصة بها، إلى عملية التخلص من الإصفرار الذي قد يلحق بها إن لم تكن منظفة بشكل جيد من الأصماغ العالقة على خلفيتها، ويجب على الهاوي عدم مسك الطابع بيديه منعاً لطبع بصماته عليها، بل بواسطة ملقط خاص لذلك، كما أن صفحات الألبوم يجب أن تكون جافة وتفصل فيما بينها ورقات سوداء داكنة، وتهوية الطوابع من خلال تعريضها للضوء والهواء مرة كل شهرين، والحفاظ على الألبومات في غرفة جيدة التهوية بعيداً عن الرطوبة، لأنها العدو الأول لسلامة الطوابع».

أقدم طابع سوري إلى جانب بعض من مجموعات الطوابع التي يمتلكها

يتابع الدكتور "عبد السلام الأبرش" ويقول: «أمَّا حكايتي مع جمع العملات النادرة فهي مشابهة لحكاية الطوابع، لكنها بدأت فعلياً وبشكل احترافي سنة 1990 وأصبحت عملية جمعها وتنسيقها ضمن مجموعات خاصة بكل دولة وبكل فئة وتاريخ إصدار، أكثر ترتيباً، مصادري تنوعت بين هدايا الأقرباء والأصدقاء، وحتى من المرضى الذين كانوا يزوروني في عيادتي الخاصة، حيث كانت تلفتهم صور الطوابع والعملات المعلَّقة على الجدران وعلموا مدى تعلقي بهذا الأمر وأصبحت هدايا بعضهم منها، كذلك من خلال شرائها في المزادات التي كنت أحضرها في نوادي هواة الطوابع، وموضوع تخزي العملات والعناية بها مشابه لما هو عليه في الطوابع، رصيدي من ألبومات العملات السورية بإصداراتها الكاملة هو 10 مجموعات كاملة، أمَّا من ناحية العملات الأجنبية فأملك 15 ألبوماً منها، والعمل في هذه الهواية الاحترافية ساهم في توسيع معرفتي بأمور التاريخ من خلال الاطلاع على المراجع والكتب المتعلقة بالمراحل التاريخية التي وجدت فيها الطوابع والعملات، فمثلاً أغلب المواطنين لا يعلمون بأن أول عملة فضية سورية قد ظهرت سنة 1921، وأنَّ الظهور الأول للعملة الورقية من فئة 500 ليرة سورية كان عام 1958، وهذه أمثلة عما أقوله بخصوص الثقافة التاريخية المكتسبة».

الدكتور "عمرو عبد الدايم" ذكر لنا ما يعرفه عنه فقال: «عرفته منذ ما يقارب ربع قرن من الزمن، رغم قلة لقاءاتي به، إلاَّ أن ذلك كافٍ للإعجاب بهذه الشخصية المرحة، الطيبة، المحبة لجميع من يعرفها، وعند تعمق المعرفة بها تكتشف أنَ في هذا البحر كنوز جمة، ليس أثمنها البراعة في مهنة الطب، فالرجل له بصمات واضحة على مستوى الوطن في هواية جمع الطوابع والعملات، والتي حولها لاحتراف مشهود له، ويد طولى في أعمال الخير من خلال الجمعيات الخيرية التي يساهم في دعمها، وإدارة إحداها، بالنسبة لي فخور بمعرفة وصداقة وزمالة الطبيب الجراح "عبد السلام الأبرش" كأحد وجوه مدينة "حمص" المميزين».

الدكتور عمرو عبد الدايم

"عبد المؤمن الحجار" أحد المهتمين بتوثيق تاريخ مدينة "حمص" عنه يقول: «عندما نتحدث عن قامة حمصية مثل الدكتور "عبد السلام الأبرش" فإننا نحتار في الحديث وتسليط الضوء عن أي جانب من جوانب شخصية هذا الرجل، إن كان على الصعيد العلمي والطبي، فهو من خيرة الأطباء الجراحين الذين تفتخر بهم مدينة "حمص" والذين قدموا لمرضاهم المعاملة الطيبة قبل العلاج، عدا عن نجاحه الإداري كمدير فنِّي لمشفى "الأمين" لسنوات عدة، وحالياً في مشفى "فركوح"، أمَّا على صعيد العمل الخيري والإنساني، فبصماته واضحة فيما قدَّمه بمساعدة أهل الخير وبإشرافه على آلاف الناس المحتاجة عبر نشاطات جمعية "الإنشاءات" الخيرية، الجانب الثقافي في شخصيته بدا واضحاً في شغفه الكبير بجمع الطوابع والعملات النادرة، المحلية منها والأجنبية كذلك، وقد ترجم حضوره معنا ضمن نشاطات "الجمعية التاريخية السورية" من خلال تعاونه في إقامة وإنجاح معرض الطوابع الذي أقمناه بتاريخ 18 أيلول 2019 وقد كانت له حصة الأسد فيه، بما قدَّمه للجمعية من مجموعاته الكبيرة والنادرة، مقدِّماَ شرحاً وافياً لزواره، عكس فيه ثقافته الواسعة في شؤون التاريخ المعاصر لكلِّ طابع فيها، نفخر بوجوده ضمن كوادر جمعيتنا».

نهاية نذكر بأنّ الدكتور "عبد السلام الأبرش" من مواليد مدينة "حمص" عام 1960، متزوج ولديه أربعة أولاد.