تفتحت عيناه على الكتاب منذ يفاعته، فعشق اللغة العربية، وتماهى مع حروفها وقواعدها حد العشق، لتبدأ رحلة كفاحه المستمرة، حيث تبوء خلالها العديد من المناصب التربوية، ورفد طلابه بالكتب المتخصصة والأبحاث العميقة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الأستاذ الدكتور "أحمد دهمان" بتاريخ 23 نيسان 2020، ليحدثنا عن مسيرته، قائلاً: «نشأت في بيئة متوسطة الحال، فكنت في طفولتي المبكرة أساعد أخي الأكبر ببيع الكتب والقرطاسية في مكتبته بمدينة "سلمية"، وشكلت رؤية الشباب يتهافتون على شراء الكتب أو استعارتها حافزاً كبيراً لدي للقراءة.

نشأت في بيئة متوسطة الحال، فكنت في طفولتي المبكرة أساعد أخي الأكبر ببيع الكتب والقرطاسية في مكتبته بمدينة "سلمية"، وشكلت رؤية الشباب يتهافتون على شراء الكتب أو استعارتها حافزاً كبيراً لدي للقراءة. بدأت بقراءة الروايات العالمية المترجمة والدواوين الشعرية، خلال المرحلة الإعدادية، فشعرت بلذة غامرة لاطلاعي على عالم جديد من خلال الغوص بقراءة كتب متنوعة، حيث إنّ بيئتي تفتقر لمقومات الثقافة من سينما ومسرح ومقاهٍ إضافة لعدم وجود مركز ثقافي، لذلك كان التحصيل الذاتي للمعرفة هو الأساس

بدأت بقراءة الروايات العالمية المترجمة والدواوين الشعرية، خلال المرحلة الإعدادية، فشعرت بلذة غامرة لاطلاعي على عالم جديد من خلال الغوص بقراءة كتب متنوعة، حيث إنّ بيئتي تفتقر لمقومات الثقافة من سينما ومسرح ومقاهٍ إضافة لعدم وجود مركز ثقافي، لذلك كان التحصيل الذاتي للمعرفة هو الأساس».

أثناء مناقشته رسالة ماجستير في جامعة البعث

وتابع حديثه عن كفاحه للارتقاء بعلمه، قائلاً: «في مرحلة اليفاعة الأولى، دخلت مجالات العمل الجماعي كاتحاد الطلبة، حيث كان المجال أوسع للتنافس والتميز في كلية الآداب قسم اللغة عربية بجامعة "دمشق" لمن يقدم جديداً، ومن يستطيع التعبير عن فكرة ذات موضوع ثقافي ووجودي في "دمشق" فتح لي أبواباً واسعة للاطلاع والمعرفة على ثقافات مختلفة.

حصلت على الإجازة بالأدب العربي عام 1971، ثم حصلت على الدبلوم من جامعة "دمشق" عام 1972، لأعين معيداً في جامعة "اللاذقية" بالعام نفسه، وفي عام 1973 أوفدت إلى جامعة "الإسكندرية"، حيث دخلت أبواب البحث العلمي الأكاديمي، وحصلت على دبلوم الدراسات العليا، كانت فرصة لأشبع نهمي للقراءة، فكنت أكتب وأقرأ وأدرس ما يزيد على 16 ساعة يومياً، لأنال درجة الماجستير في البلاغة عام 1975 بتقدير ممتاز، ثم حصلت على الدكتوراه في النقد الأدبي عام 1979 من جامعة "الإسكندرية" بمرتبة الشرف».

الدكتورة سمر ديوب أحد تلامذته

وتناول مسيرته في العمل، قائلاً: «عدت إلى جامعة "اللاذقية" لأعين مدرساً فيها، فكنت مع عدد من زملائي الرعيل الأول في الإطار التعليمي في كلية الآداب، ثم عينت وكيلاً لكلية الآداب وللشؤون الإدارية والطلابية من 1981 حتى 1982، وعينت عميداً لها حتى عام 1988، وخلال هذه الفترة تخرجت من الكلية دفعات متميزة، حيث كنت أستعين بزملائي من جامعات "دمشق"، و"حلب"، و"تشرين"، ثم أُعرتُ إلى جامعة الأمير "عبد القادر للعلوم الإسلامية" في "الجزائر" من عام 1988 حتى 1990، ثم انتقلت إلى جامعة "أم درمان" الإسلامية بين عامي 1990، و1992، لأعود لاحقاً إلى جامعة "البعث"، وأعين رئيساً لقسم اللغة العربية، ومن ثم عميداً لها حتى 2012.

شاركت بمناقشة وتقويم أكثر من 170 بحثاً، لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في الجامعات السورية واللبنانية والجزائرية والسودانية باختصاصات الأدب والنقد والبلاغة والدراسات الإسلامية واللغوية، وأصبح معظمُ تلامذتي دكاترة ومدرسين في الجامعات».

أثناء إلقائه إحدى المحاضرات

أما عن كتبه ونشاطاته الثقافية والعلمية، فأضاف: «لدي 13 كتاباً أكثرها تأليفاً منفرداً، وجزء بسيط بالاشتراك مع د. "محمد عيسى"، "فيروز الموسى"، "نزار عبسي"، تتناول النقد الأدبي القديم والأدب العباسي، وفي البلاغة وطرائق تدريس اللغة العربية، وقد انتخبت عضواً مراسلاً في "مجمع اللغة العربية" في "دمشق" عام 2000، كما أنني عضو في اتحاد الكتاب العرب في "سورية" جمعية النقد، وعضو هيئة تحرير مجلة "التراث العربي" من عام 2010 حتى 2012، وعضو بلجنة تمكين اللغة العربية في محافظة "حمص" من عام 2012 حتى 2013، وعدت مرة أخرى كعضو في اللجنة من عام 2019 حتى 2020، ولدي الكثير من النشاطات الثقافية والندوات والمؤتمرات المتخصصة داخل "سورية" وخارجها».

الدكتورة "سمر الديوب" إحدى طالباته وعميد كليات العلوم الإنسانية لجامعة "الحواش" الخاصة في "حمص"، قالت عنه: «تعرّفتُ الدكتور "أحمد دهمان" في تسعينيات القرن الماضي، وكنت حينها قد تخرجت من قسم اللغة العربية بجامعة "البعث"، وأستعد للتسجيل في مرحلة الدبلوم.

حين التقيته في المحاضرة الأولى شعرت أني أمام أستاذ ممتلئ علماً ومعرفة، وقد زاد على ذلك كلِّه أسلوبُه الشائق في إيصال المعلومة، وروحه المرحة التي جعلت الوقت يمرّ من غير أن نشعر به.

كنا نستمع إليه بشغف شديد وهو يقدم المعلومات المتعلقة بالأدب العربي القديم بأسلوب شائق، وعمق مدهش، ثم كُتِب لي أن أحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه على يديه، وكانت رسالة الماجستير التي تقدّمت بها أول رسالة ماجستير تمنح في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة "البعث" بإشراف، كان يقرأ كل كلمة، ويناقشني بكل فكرة، وإن نسيت فلا أنسى وقوفه إلى جانبي في مرحلة الحصول على درجة الدكتوراه بما رافقها من مشكلات، فكان ولا يزال الأستاذ المشرف، والسند المرشد.

وأكثر ما يعجبني في شخصيته شغفه بالعلم والبحث العلمي، وإلى الآن، بعد سنين طويلة من التدريس والبحث العلمي أستمد الطاقة الإيجابية من تشجيعه، ودعمه، ونصائحه».

يذكر أنّ الدكتور "أحمد دهمان" من مواليد محافظة "حماة" عام 1948.