لم يشأ أن تكون مهنته الإنسانية عاديةً كغيره من الأطباء، بل ثابر واجتهد من أجل التميّز فيها، مساعداً مرضاه في اغتنام فرصةٍ جديدةٍ لحياةٍ طبيعية، ليضع اسمه بين الروَّاد القلائل بزراعة الكلى في "سورية" عموماً وفي مدينة "حمص" خصوصاً.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2019 الدكتور "عمرو عبد الدايم" الاختصاصي في الجراحة البولية وأحد روَّاد زراعة الكلى فيها، فقال عن تحصيله العلمي: «ولادتي كانت في حي "الورشة" أحد أحياء "حمص" القديمة لعائلةٍ متوسطة الحال، كان الاهتمام بالعلم وتحصيل الدرجات العليا فيه همَّاً أساسياً عندها. في مدرسة "الإرشاد" ببنائها الأثري بدأت دراسة المرحلة الابتدائية، وبعدها انتقلت عائلتي للإقامة في "الجزائر" في عام 1974 لمدة ثلاث سنوات بحكم عقد الإعارة لوالدي الراحل الذي كان مدرِّساً حينها، واستمرت رحلتي مع التفوق حيث حققت المرتبة الأولى بين طلاب مدرسة "الحسن بن الهيثم" في الشهادتين الإعدادية وكذلك الثانوية، ونلت شهادتها عام 1985 بمعدل 231 درجة، رغبتي كانت تتجه لدراسة الطب البشري وهذا ما حصل بالفعل حيث حصلت على شهادة البكالوريوس فيه عام 1991 من جامعة "دمشق"».

ولادتي كانت في حي "الورشة" أحد أحياء "حمص" القديمة لعائلةٍ متوسطة الحال، كان الاهتمام بالعلم وتحصيل الدرجات العليا فيه همَّاً أساسياً عندها. في مدرسة "الإرشاد" ببنائها الأثري بدأت دراسة المرحلة الابتدائية، وبعدها انتقلت عائلتي للإقامة في "الجزائر" في عام 1974 لمدة ثلاث سنوات بحكم عقد الإعارة لوالدي الراحل الذي كان مدرِّساً حينها، واستمرت رحلتي مع التفوق حيث حققت المرتبة الأولى بين طلاب مدرسة "الحسن بن الهيثم" في الشهادتين الإعدادية وكذلك الثانوية، ونلت شهادتها عام 1985 بمعدل 231 درجة، رغبتي كانت تتجه لدراسة الطب البشري وهذا ما حصل بالفعل حيث حصلت على شهادة البكالوريوس فيه عام 1991 من جامعة "دمشق"

عن المرحلة اللاحقة في مسيرته العملية وعن تخصصه الطبي تابع يقول: «مذ كنت في السنة الخامسة من دراستي أحببت مجال الجراحة البولية وتخصصت به لاحقاً بعد سنةٍ من تاريخ التخرُّج ولمدة أربعة أعوام قضيتها دارساً في مشفى "الكلية" التخصصي، متتلمذاً على يدي أشهر الجراحين ومنهم أستاذي البروفيسور "ماهر الحسامي" وهو رائد زراعة الكلية في بلدنا حيث أجرى أولى العمليات عام 1979.

جانب من شهاداته الطبية والعلمية

بشكلٍ طبيعي عدت إلى مدينتي "حمص" لأقدِّم علمي ومعرفتي لأهلها، استمريت في العمل متنقلاً بين مشافي المدينة وعيادتي الخاصة حتى الالتحاق بالخدمة الإلزامية عام 2000 وبقيت فيها عامين مزاولاً لاختصاصي في المشفى العسكري بمدينة "حرستا"، الخبرة التي اكتسبتها تباعاً كانت سبباً لازدهار عملي وخاصة الجراحي منه، وللمصداقية التي تعاملت بها مع مرضاي من حيث التشخيص الدقيق والصحيح لحالاتهم، وهذا ليس تفاخراً بنفسي بل هي حقيقة طبيعة شخصيتي، فإجراء العمل الجراحي لمجرد الكسب المادي بعيدٌ عن أسلوب ممارستي للمهنة، محبة الناس هي الهدف الأسمى لديَّ بعد الغاية الأولى طبعاً وهي مساعدتي لهم في التخلّص من آلامهم المرضية، والدعاء الذي يهبونني إياه هو الأجر الأغلى الذي أنشده».

التوجه نحو التخصص في زراعة الكلى عنه تابع قائلاً: «الرغبة في أن تكون مهنتي ذات جدوى وأثر في خدمة أهالي مدينتي وبلدي دعتني عند سماعي برغبة مديرية الصحة في "حمص" في إيفاد من يرغب من الأطباء للتخصص في هذا المجال مع عدم وجود طبيب مزاول له من قبل، تقدَّمت بطلبي وتمت الموافقة عليه بعد الاطلاع على خبرتي السابقة، توجهت مرةً أخرى إلى مشفى "الكلية" التخصصي في "دمشق" للبدء في اختصاصي الجديد في عام 2003، أساتذةٌ كبار أشرفوا على سنواتي الأربع التي قضيتها هناك، على رأسهم البروفيسور "جواد روماني" صاحب الفضل الأكبر فيما كسبته من علمٍ وخبرةٍ في هذا المجال، لأعود بعدها إلى مدينتي الأم حاملاً أول شهادةٍ بين أطبائها بهذا التخصص عام 2007 وأجري العملية النوعية الأولى في تاريخها بذات السنة في مشفى "الكندي" وتبدأ رحلتي مع اختصاص الزراعة الجديد».

البروفيسور جواد روماني

العمليات التي أجراها الدكتور "عمرو عبد الدايم" لاحقاً عنها قال: «أجريت سبع عملياتٍ في المشافي الخاصة، وفي عام 2008 بدأت العمل لدى مديرية صحة "حمص" بعد توقيع عقد عمل معها، خلال عامٍ واحد وصل عدد العمليات التي أجريتها إلى 42 عملية أقيمت جميعها في المشفى الوطني، وبسبب التخطيط للتوسع في بناء قسم أكبر يكون قادراً على استيعاب أعداد أكبر مستقبلاً، تمَّ التوقف عن إجراء عمليات زراعة الكلية، وطالت المدة أكثر من المتوقع، إرادتي وتصميمي على مساعدة مرضى الفشل الكلوي ليس في مدينتي وحسب وتخليصهم من معاناتهم الأليمة، دفعاني للبدء مجدداً بعمليات الزراعة ولكن هذه المرة في مدينة "حلب" بطلبِ من وزارة الصحة، حيث لم يكن فيها أيّ طبيبٍ مختصٍ، خلال عامٍ ونصف أجريت 62 عملية بمعدل عمليتين في الأسبوع الواحد، كان ذلك ما بين عامي 2009 - 2010، تلك المشَّقة في السفر والعودة باليوم نفسه لم أكن أشعر بها، طالما أنني ساهمت في إعطاء الأمل لمرضاي بحياةٍ أفضل لهم».

كيفية تطوير معارفه أكثر وتخصصات جديدة برع فيها منفرداً ورائداً عن ذلك يضيف بالقول: «خلال تلك السنوات كانت مسيرة التعلُّم والاطلاع على كلِّ جديدٍ في هذا الاختصاص وغيره من التخصصات قائمةً ولم تتوقف، حيث اتبعت عدّة دورات وحضرت العديد من المؤتمرات والندوات وورشات العمل التخصصية، والبداية كانت في مشفى "الملك فيصل" التخصصي في "المملكة العربية السعودية" حيث أقمت لمدة شهرٍ اطلعت خلالها على تقنية قطف الكلى من الأشخاص المتوفين دماغياً وكان ذلك عام 2006، وفي السنة نفسها سافرت إلى "مصر" واتبعت دورةً في استخدام تقنية استئصال المثانة الجذري ضمن مركز "محمد غنيم" بإشراف البروفيسور "حسن أبو العينين"، طموحي لم يقف عند ذلك الحد لأسافر بعد عامين إلى "الهند" وهناك حصلت على شهادةٍ في استخدام المنظار في عمليات زرع الكلى وقد أشرف عليَّ البروفيسور "ميشرا" أحدُّ رواد هذه التقنية في العالم، سنة 2007 نلت شهادة البورد الأوروبي بعد الدراسة لشهرٍ واحدٍ في "اليونان"، كما شاركت في مؤتمراتٍ طبيةٍ بدول أوروبيةٍ متعددة، ما اكتسبته من معرفةٍ مكنني من أن أكون الطبيب الوحيد في مدينة "حمص" حينها وحتى اللحظة الذي أجرى أول عملية استئصال للكلية بالمنظار في عام 2008 وبعدها عملية استئصال المثانة الجذري والتي تعتبر نوعيةً بامتياز وأجريت وقتها في مشفى "القصير" الوطني، وأيضاً العملية الأولى في استئصال البروستات الجذري سنة 2009».

البروفيسور "جواد روماني" أستاذه وأحد روَّاد زراعة الكلية في "سورية" يقول: «جاءنا الدكتور "عمرو عبد الدايم" إلى المشفى تاركاً خلفه عمله في عيادته وفي مشافي "حمص" رغبةً منه في زيادة تحصيله العلمي، والبدء بتخصص جديدٍ يعبر عن طموحه اللا محدود في التميز باختصاصه الطبي، ما لاحظته هو علاقة الصداقة الوطيدة ومدى التعاون الذي أبداه مع أعضاء فريق الزرع من زملائه، أثبت تواجده وحضوره الدائم قرب مرضاه وتفانيه المميز في تقديم الخدمة الطبية الأفضل لهم، ترك بصمات واضحة وذكريات مليئة بالمحبة والإخلاص لعمله، انعكس تميزه من خلال تأسيسه لشعبة زراعة الكلى في "حمص" وبظروفٍ صعبةٍ للغاية، لكنه أثبت جدارته من خلال العمليات التي أجراها كمَّاً ونوعاً، أفخر به وتشرفت بمعرفته وبعملنا سويةً، وأمنياتي له بالتوفيق والنجاح دوماً في مسيرته الرائدة».

زميله الدكتور "سامي أبو زريق" عنه قال: «تعيدني الذاكرة إلى عام 1992 حين تعرفت على الزميل "عمرو عبد الدايم" أثناء إقامتنا في مشفى "الكلية" الجراحي، كان إنساناً دمثاً، حاذق الذكاء، والأهم هو اندفاعه للعلم والعمل بدون كللٍ ولا ملل، ساعياً لاكتساب الخبرة الأوسع، كان منكبَّاً على التحصيل العلمي وتقديم العون لزملائه من تلقاء ذاته، هذا شاهدناه من خلال ترجمته للمراجع الطبية العالمية طوال الليل كونه كان متمكناً من اللغة الإنكليزية بشكلٍ متميز، حتى أنه أهدى في إحدى المرات رئيس القسم وكل الزملاء نسخةً من إنتاجه، صباحنا كان يبدأ بنكتةٍ منه عن أهالي "حمص" المحظوظين برأيي بوجود هكذا جرَّاح بارع عندهم، وكأحد روَّاد زراعة الكلية في "سورية" الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين حتى أيامنا هذه، هو صديقٌ عزيزٌ وأخٌ لم تلده أمي لي».

يذكر أنّ الدكتور "عمرو عبد الدايم" من مواليد "حمص" عام 1967 متزوجٌ ولديه أربعة أولاد.