إخلاصه وإتقانه لعمله جعل منه الطبيب الإنسان، حيث تتجلى عظمة المهمة مع عظيم الألم نحو الخلق والحياة، غير أنه يحافظ على سرّ عطائه معه مرضاه؛ لأن الطب رحمة.

مدونة وطن "eSyria" زارت الطبيب "محمد السلمان" في "حمص" بتاريخ 16 تموز 2017، فحدثنا عن حياته قائلاً: «ولدت في قرية "المشرفة" عام 1961، لأبوين مزارعين، درست في مدارس قريتي، وحصلت على الشهادة الثانوية من المدرسة "الإنجيلية" الوطنية في "حمص".

لا شك أن الطبيب يبقى بحاجة إلى العلم حتّى مغادرته هذا العالم، والمحاضرات والمؤتمرات رافد مهم جداً للطبيب، وأحضر معظم المؤتمرات الخاصة بالعقم، إن كانت في "حمص" أو في "دمشق"، أو في أماكن أخرى؛ فهي تقدّم للطبيب خبرة رائعة وتساعده في تقديم خدمة كبيرة للمرضى

التحقت بدورة تدريبية قامت بها "شبيبة الثورة"، وكان لي شرف التكريم من قِبَل الرئيس الراحل "حافظ الأسد" الذي أدخلنا جامعة "دمشق"، كلية الطب باستثناء، وأصبحت طبيباً في مستشفى الوليد، اختصاص توليد وأمراض النساء وجراحتها.

في غرفة التوليد

كان وما زال حبي لعملي شديداً؛ ففي عام 2002 عملت مع الدكتور "نزيه إبراهيم" في المركز السوري للإخصاب، كان عملاً رائعاً ومُضنياً في الوقت نفسه، اكتسبت خلاله الخبرة والشهرة الواسعة، فالمثابرة والعمل الدؤوب كان جوازي لخدمة أولاد بلدي ومساعدتهم».

وحول دخوله مجال الطب، قال: «لكل رجل سند وموّجه، كان من علّمني أول حروف الأبجدية والدي الراحل الذي ربّانا على ثلاثية: (الحب، والصدق، والعلم)،

الدكتور سامي سيف

فكان نجاحي أولاً في اختيار الطب، والثاني في شموخي بعملي. وأنا بدوري رزقت بأربعة أولاد درسوا الصيدلة والطب البشري وطب الأسنان، والأخير سنة تحضيرية ليتابع المسيرة».

وحول تفاصيل تخصصه ومساعدة المرضى، أضاف: «اختصاص التوليد عمل رائع وإسعافي فيه شفاء للأم وجنينها، وأولى صرخات هذا المخلوق الجديد هي بهجة خالصة. العمل على راحة وسلامة الأم إن كان توليدياً أو بالعمل الجراحي في عمر متقدم، هو أمر محببّ وفيه جزء من رد الجميل للأمهات.

مساعدة الناس والمرضى عموماً قاعدة أساس في الطب، من دون ذكر حوادث. وكثيرة هي الحالات التي نقدم لها المساعدة. يكفي أن قناعتي التامة بأنه من حق المريض المعالجة بصرف النظر عن وضعه المادي والقيمة المادية للعمل، فنحن نعالج ثم نأخذ حسب الاستطاعة، لم أكتب أجري على "الطبلة" إلا نادراً وحسب المتفق، وأحاسب المريض وجهاً لوجه كي أرى ردة الفعل، والله الغني».

وعن أحد الأيام الجراحية التي مرت عليه، أضاف: «أيام الجرّاح النسائي مخلوطة بالفرح والحزن والدّم الغزير، استُدعيت مرة والمريضة في غرفة العمليات، حيث وُلِدَ الجنين والمشيمة بوضع ارتكاز مركزي انفك جزء منها، والباقي على عنق الرحم والمثانة، كان النزف غزيراً وبدأنا العمل، شعور الجراح صعب الوصف خاصة بمرور لحظات تقول فيها إن المريضة قد تموت، فإن استسلم الجرّاح وسلّم باحتمال موت المريضة، فإن نسبة الموت ترتفع كثيراً، وإن قلّ احتمال الموت ترتفع نسبة النجاة أكثر.

كنت أقول لنفسي: ما العمل؟ النزف غزير ومرعب، ممن أطلب المساعدة؟ لم أطلب المساعدة من أحد، وركزت على عملي برباطة الجأش المعتادة، فقضي الأمر».

وعن مشاركته في المؤتمرات، قال: «لا شك أن الطبيب يبقى بحاجة إلى العلم حتّى مغادرته هذا العالم، والمحاضرات والمؤتمرات رافد مهم جداً للطبيب، وأحضر معظم المؤتمرات الخاصة بالعقم، إن كانت في "حمص" أو في "دمشق"، أو في أماكن أخرى؛ فهي تقدّم للطبيب خبرة رائعة وتساعده في تقديم خدمة كبيرة للمرضى».

الدكتور "سامي سيف" اختصاصي نسائية وتوليد، قال عن زميله في المهنة: «شهادتي به مجروحة؛ فهو يتمتع بأخلاق الفارس الذي يعزف على أوتار الجد والنشاط والمحبة والتواضع، وهذه الأوتار من المؤكد أن الراحل والده زرعها فيه؛ فكان خير خلف لخير سلف؛ فكم مرة رأيته يعمل بجد ونشاط غير مبالٍ إن كان سيجني أم لا، هدفه إرضاء ضميره ورسم بسمات الأمل والتفاؤل لمرضاه».