أوصلته طبيعته الاجتماعية ومحبته لخدمة الناس مختاراً لقريته "عناز" وتفرغ لمهنته الجديدة بعد تقاعده 1975 حتى اليوم.

المختار "الياس حوراني" استقر في المخترة بعد تنقلاته الكثيرة تبعاً لعمله كموظف حكومي، والمخترة بالنسبة إليه إلى جانب كونها مصدر رزق إنما أصبحت وسيلته لمساعدة الناس.

لم اعرف منذ طفولتي مختاراً غير السيد "الياس"، فهو على الرغم من كبر سنه بالنسبة لنا إلا انه مقصد كل سائل من القرية ومن خارجها، فله ميزة عن كل مخاتير المنطقة لأنه عاصر آباءنا وأجدادنا ويعاصرنا نحن ويقدم نصيحته لمن يطلبها دون مقابل، وله مجلسه المميز الذي يجمع معظم أبناء القرية

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "ريمون زلعوم" أحد أبناء قرية عناز بتاريخ 2/3/2013 فقال: «لم اعرف منذ طفولتي مختاراً غير السيد "الياس"، فهو على الرغم من كبر سنه بالنسبة لنا إلا انه مقصد كل سائل من القرية ومن خارجها، فله ميزة عن كل مخاتير المنطقة لأنه عاصر آباءنا وأجدادنا ويعاصرنا نحن ويقدم نصيحته لمن يطلبها دون مقابل، وله مجلسه المميز الذي يجمع معظم أبناء القرية».

السيد ريمون زلعوم

بين العمل في الأرض ومهنة المخترة توزع نشاط السيد "الياس" فهو موظف متقاعد عاصر العمل في ظل جمهورية الوحدة بين سورية ومصر، وأخذت قصص رحلاته بين مجموعة من الدول العربية أهم ما يتحدث عنه في مجلسه، ويقول في ذلك: «أكسبني عملي كمختار منذ خمسة وثلاثين عاماً خبرة في التعامل مع الناس إضافة لعملي السابق، ومن ثم أصبحت خدمة الناس وإعطاؤهم ما يحتاجون إليه من أوراق وثبوتيات عملاً تقليدياً ليس فيه أي متعة، إلا أن الالتقاء بوجوه جديدة والتعرف على أشخاص جدد هو ما يجعلني أتمسك بهذه المخترة، إضافة إلى أهمية الحفاظ على ثقة أهالي قريتي بتمثيلي لهم في مناسبات مختلفة، لتتعدى مهنتي الصفة الرسمية إلى الصبغة الاجتماعية حيث يصبح مجلسي وسيلة للتقرب من الناس وحل خلافاتهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، وطلب المشورة في مشكلاتهم، وأخذ الخبرة للحياة».

مع كبره في السن الذي يميزه من باقي مخاتير المنطقة، يفضل السيد "الياس" العمل في أرضه في بعض الأحيان، ليكون ذلك وسيلة أخرى للتواصل مع أبنائه وأحفاده، ويضيف: «لأن العمل في الأرض هو عصب قريتنا ومورد الرزق الأساسي لمعظم أبنائها فإن اهتمامي بالأرض هو شيء طبيعي وأفضى بي ذلك لأكون من المؤسسين للجمعية الفلاحية في "عناز" وأحد أعضائها حتى الآن، ولعل عملي كمختار ساعدني في زيادة مساعدة كل من يحتاج من الفلاحين ومالكي الأراضي الزراعية، ومواصلة الحفاظ على هذا الموروث الذي تشتهر به قريتنا ورفع شأنه وقيمته لدى كل أبناء القرية وبالأخص أحفادي وأصدقاءهم من المتعلمين الذين قد لا يقدرون أهمية الأرض وضرورة الاعتناء بها، لذلك أعمل على تقديم المساعدة لكل من يحتاجها حتى يطور أرضه ويعمل على ازدهارها».

قرية عناز

يحرص الجد "الياس" على دفع أحفاده لمواصلة تعليمهم لأن العلم بالنسبة له سلاح يحمي الأرض ومالكها وهذا ما دفعه لنيل الشهادة الإعدادية في الأربعينيات من القرن الماضي حيث كانت إنجازاً مميزاً لأهالي القرى وعن ذلك يقول: «على الرغم من كوني ابن ريف ووالدي فلاحين إلا أنهما شجعاني على نيل الشهادة الإعدادية لكونها مرتبة علمية هامة في ذلك الوقت، وكلفني الحصول عليها الكثير من الجهد حيث كنت أضطر للذهاب إلى مدرسة "مرمريتا" سيراً على الأقدام لاقتصار وجود المدارس في "مرمريتا" آنذاك، وحصولي على الشهادة الإعدادية جعلني أرتقي بعملي ومكنني من الحصول على عدة بعثات داخلية وخارجية».

الجدير بالذكر أن السيد "الياس حوراني" من مواليد قرية عناز 1935 متزوج وله ثمانية أولاد وهو مختار منذ 1978 بعد تقاعده 1975.