المعلومات النظرية التي تلقاها وصقلها رويداً رويداً، والتطبيقات العملية التي سعى إليها طيلة حياته كانت كفيلةً لتكوين عقلٍ خبيرٍ بأكثر الأمور التقنية الإنتاجية تعقيداً في المغترب.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع "لؤي علي" ليحدثنا عن عمله وإنجازاته في وطنه وبلاد الاغتراب، حيث قال: «ولدت في "سلمية"، وعشتُ ودرست في "حمص" متنقلاً بين مدينتها وريفها لتصقل منّي صخورها البازلتية إنساناً عصاميّاً بنى ذاته بذاتِه، فمنذ أن كنتُ في المدرسة أعمل لجانب دراستي، وأقتني الكتب الكثيرة ذات المواضيع المتنوعة الأدبية والعلمية والبحوث الفكرية والتقنية، ولديّ اهتمام بالأدب والشعر وكتبت قصائد شعرية، إلى أن قادني الطّريق نحو معهد الصناعات الغذائية الذي تخرجت منه عام 1994.

أصبح السوري علامة فارقة في أهم مفاصل العمل خارجاً، وفور قدومه يتم تسليمه أهم الأعمال، وذلك إن دلّ على شيء فهو يدلّ على رصانة الفكر الممنهج في التسلسل التعليمي في "سورية"، فمن درس المعهد المتوسط في الوطن يدرّب مهندسين خارجه، وأنا مثال على ذلك

درست بعده في معهد "الثقافة الشعبية" اختصاص الإلكترون لمدة سنتين، لأبدأ هنا بشكل جدي البحث عن أيّ معلومة من شأنها إعطائي فرصة الدّخول إلى عالم الآلات والتجهيزات البسيطة والثقيلة تركيبها وإصلاحها».

أثناء العمل

وأضاف: «عملت كمسؤول قسم في شركة "فرزات" للزيوت ومشتقاتها لإحدى عشرة سنة، وشركة أخرى لسنة واحدة، وكان ختام عملي في الوطن مع شركة أجنبية لصناعة السكر مدة خمس سنوات، وجميعها بالمنطقة الصناعية في مدينة "حسياء".

في كلّ مكان أعمل به أحاول ألّا أكون مجرد شخص يؤدي المهام المطلوبة منه فقط، فجهودي في استحداث طرق جديدة للإنتاج أدّت إلى ترقيتي في كلّ شركة أذهب إليها، ولديّ شهادات خبرة أهمّها شهادة بالإنتاج من معمل شركة "السكر" الأجنبية، وشهادة خبرة من شركة "BMA" الألمانية العالمية حيث عملت معهم في مجال الصناعات الغذائية، ومتبع لعدة دورات أهمها دورة "الإيزو"، ودورة السلامة المهنية».

وعن عمله في الغربة قال: «بعد إغلاق معظم شركات القطاع الخاص في بلدي بسبب الحرب، انتقلتُ إلى "لبنان" عام 2013، وعملت في شركة لصناعة السّكر كمشرف إنتاج، وبقيت لمدة سنة واحدة، ثم انتقلت إلى "العراق"، وعملت في شركة كمشرف على تركيب معدات معمل تكرير الزيوت، وبعدها كمشرف تشغيل، وهو مصنف من أكثر المعامل طاقة إنتاجية، والآن أعمل بشركة للسكر في البلد نفسه، وبطاقة إنتاجية عالية تصل إلى أربعة آلاف طن من السكر يومياً، حيث يتلخص عملي بمراقبة شاشات تحكم DCS وتشغيل المعدات ومتابعة عملها مع ضبط جودة المنتج بما يتوافق مع معايير الجودة المطلوبة، بالإضافة إلى تدريب مهندسين عراقيين، وتعريفهم طبيعة العمل، وإجراء صيانة للآلات كل فترة لضمان استمرارية الأداء الصحيح».

وختم عن نظرته للاغتراب: «أصبح السوري علامة فارقة في أهم مفاصل العمل خارجاً، وفور قدومه يتم تسليمه أهم الأعمال، وذلك إن دلّ على شيء فهو يدلّ على رصانة الفكر الممنهج في التسلسل التعليمي في "سورية"، فمن درس المعهد المتوسط في الوطن يدرّب مهندسين خارجه، وأنا مثال على ذلك».

يقول المغترب الصناعي "حسان منصور": «الحديث عن هامة من هامات الصناعة السورية في مجال الصناعات الغذائية مهم جداً لتسليط الضوء على التجربة الكبيرة والمنتجة بالوقت نفسه، أعرف "لؤي" منذ أربعة وعشرين عاماً، وعملنا معاً في عدة شركات لنحظى بنصيب السّفر أيضاً لغاية هذا الوقت.

شهدت على خبرته بالقيام بأي عمل يوكل إليه، فكان رئيس قسم أجهزة الطّرد المركزي (الفارزات)، وقام بمشاركة خبراء ألمان بتركيب معدات المعمل، حيث شهدوا بخبرته وعمله المتقن.

وأكثر ما يتميّز به في العمل الهدوء والاتّزان والقدرة على معالجة أصعب المواقف برويّة، وهذا هو أول ما يعلّمه للمتدربين الذين نهلوا من خبرته ودخلوا سوق العمل والإنتاج، ولديه خمسة أولاد نهلوا من تربيته وعلمه، ليجعل أربعة منهم طلاب هندسة، والخامس يكمل تحصيله العلمي في مدارس الوطن».

يذكر أن "لؤي علي" مواليد "سلمية" عام 1972، من سكان مدينة "حمص".