عندما يُسأل عن اسمه يقول أنا ابن "حمص" فرغم بعده الطويل عنها بقيت تسري في عروقه وتسكن فؤاده.. إنه المغترب الصحفي الأستاذ "شاكر حارس" الذي يعيش في تشيلي منذ أكثر من /50/ عاماً.

موقع eSyria التقى شيخ المغتربين الأستاذ "شاكر حارس" في آخر زيارة قام بها لوطنه سورية ولمدينته الأم "حمص" فكان لقاؤنا هذا:

سورية بلد رائع بكل مكوناته البشرية والاقتصادية والأثرية، وقد لاحظت أن سورية تطورت بشكل سريع وخصوصاً خلال السنوات العشر الماضية وأصبحت "حمص" من المحافظات المتقدمة والمتطورة، ففيها الزراعة والتجارة والاقتصاد المتنامي إضافة إلى الصناعة كل هذا سيجعل من بلدنا بلداً متقدماً ومتطوراً وهذا كله يدفعني إلى العودة والاستقرار مع عائلتي في "حمص"

  • عندما نسأل في "حمص" عن "شاكر حارس" نجد أن كثيرين يتذكرونك، ولكن لا يعرفون شيئاً عن طفولتك هلا حدثتنا عن طفولتك وسنيك الأولى في "حمص"؟
  • شيخ المغتربين "شاكر حارس"

    ** ببساطة شديدة أنا ابن "حمص" وقد ولدت في 1/1/1934 في "حي الحميدية" وهو من أقدم أحياء "حمص" القديمة والذي يقع في وسطها ويربط أحياءها بعضها ببعض، ولهذا الحي مكان في قلبي لا يمكن محوه، فأنا أحلم به وأزوره كلما أتيت إلى "حمص".. والدي اسمه "رزق الله حارس" كان يعمل مديراً لمديرية بريد وبرق وهاتف حمص، ووالدتي "ماري حداد" وهي أيضاً من "حمص".

    نشأت وسط عائلة متواضعة مثقفة وعندما أتذكر الطفولة أتذكر أياماً جميلة عشتها في "حمص" أيام كانت توصف بالبساطة والحميمية التي فقدت الآن.. وكان لدي الكثير من الأصدقاء الذين أتواصل مع بعضهم حتى الآن.

    المغترب "شاكر حارس" في "رابطة أصدقاء المغتربين"

    وعن مراحل الدراسة وأيام الشباب قال:

    «درست المرحلة الابتدائية في "مدرسة الغسانية" التي تقع قرب "كنيسة القديس جاورجيوس" في "حي الحميدية" وقد أنهيت هذه المرحلة في العام /1947/ ومن ثم انتقلت عائلتي إلى "مدينة النبك" قرب "حمص" لأن عمل أبي انتقل إلى هناك، فدرست الاعدادية في "تجهيز النبك" وتخرجت فيها عام /1951/ وبعد سنوات قليلة ذهبت قبل أن أنال الشهادة الثانوية إلى خدمة العلم في العام /1954/ وخلال تأديتي لخدمة العلم درست الثانوية ونلتها في العام /1955/ وفي العام /1957/ انهيت خدمة العلم قبيل الوحدة بين سورية ومصر».

  • بعد أن أنهيت خدمة العلم ما الذي دفعك إلى السفر إلى تشيلي؟ ولماذا اخترت هذا البلد البعيد؟
  • ** كان لدي أقرباء في تشيلي لذلك كانت فكرة السفر إلى هناك تراودني بشكل دائم، وفي إحدى زيارات خالتي إلى سورية والتي كانت تعيش في تشيلي تعرفت على ابنتها وقد أغرمت بها واسمها "لوبيتا مسوح حداد" فخطبتها في "حمص" ومن ثم سافرت إلى تشيلي وتزوجتها في العام /1961/.

    وعن سنواته الأولى في تشيلي قال:

    «التجارة كانت نشاطي الأول في تشيلي، فقد عملت بها لمدة خمس سنوات وكانت هذه السنوات قاسية جداً، فعملت على استيراد وتصدير آلات الخياطة والنسيج، ولكن كنت أفكر في إتمام تحصيلي العلمي فعدت إلى "حمص" بعد خمس سنوات من سفري إلى تشيلي، وفي عام /1964/ سافرت من سورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل أن أدرس العلوم السياسية، فدخلت "الجامعة الأمريكية" في "نيويورك" في العام /1964/ وتخرجت في قسم العلوم السياسية العام /1970/ وأذكر أن سنوات دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أصعب وأشق السنوات في حياتي لأني كنت أمزج العمل بالدراسة.

    وفور تخرجي في الجامعة الأمريكية عدت مباشرة إلى تشيلي وعاودت العمل بالتجارة والاستيراد، إضافة إلى ذلك عملت في استخراج الذهب واستقريت في عاصمة تشيلي "سانتياغو" وأنا إلى الآن أعيش فيها».

  • علمنا أنك تمارس العمل الصحفي منذ زمن طويل إلى جانب عملك بالتجارة، هل يمكن أن تحدثنا عن عملك بالصحافة؟
  • ** الصحافة مهنتي الأولى ففي عام /1949/ نشرت أول مقال وكان عمري /15/ سنة، فأنا أحب الكتابة ومتابعة الأخبار، ودراستي للعلوم السياسية جاءت في هذا السياق ففي سنوات شبابي في "حمص" كنت أراسل العديد من صحف ذلك الوقت وأنشر العديد من المقالات وأبيات الشعر، ومن هذه الصحف "النقاد" "الصرخة" و"الحضارة" ومن أصدقائي القدامى الكاتب "نصر الدين البحرة" الذي كنت أنشر المقالات معه، وأحياناً كنت أكتب بعضاً من المقالات تحت اسم مستعار لأن عمري كان صغيراً مقارنة بصحفيي ذلك الزمان.. ومن هذه الأسماء الجندي المجهول.. والآن أنا أعمل مراسلاً "لوكالة سانا للأنباء" في "سانتياغو" عاصمة تشيلي.

    وعن عمله الحالي كمراسل "لوكالة سانا للأنباء" قال:

    «أعمل مراسلاً "لوكالة سانا للأنباء" فأنا أرسل لها كل الأخبار والأنباء التي تختص بأميركا اللاتينية، ولا سيما أخبار تشيلي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأستخدم لذلك جهاز الفاكس لأني لا أجيد العمل على شبكة الانترنت.

    وعملي الصحفي في تشيلي جعلني على صلة دائمة بالسفراء السوريين الذين عملوا هناك، وأتعاون مع كل الشخصيات العربية من أجل أن أعرفهم على تشيلي، كما أعمل أيضاً على تعريف المسؤولين في تشيلي على وطني سورية، وأستطيع أن أقول إني ممثل لسورية في أميركا اللاتينية لأكثر من /50/ عاماً».

  • إضافة إلى عملك الصحفي فقد نشرت مؤخراً كتاباً عن تشيلي، وكان أول كتاب لكاتب عربي يكتب عن تشيلي، هل يمكن أن تحدثنا عن كتابك هذا؟
  • ** للأسف الناس في البلدان العربية ولا سيما في سورية لا يعرفون شيئاً عن تشيلي ودورها في احتضان العديد من المهاجرين العرب وكثيرون لا يعرفون أين تقع تشيلي، لذلك قمت بتأليف كتاب باللغة العربية بعنوان "تشيلي البلد المضياف" وذلك في العام /2008/ يتحدث عن تشيلي وموقعها الجغرافي وتاريخها، إضافة إلى ذلك فقد ضم الكتاب بحثاً عن تاريخ الهجرة العربية إلى أميركا ودور العرب فيها ولا سيما حياة المهاجرين السوريين في تشيلي، وقد وزعت العشرات من نسخ هذا الكتاب في السفارة السورية بتشيلي وفي الوطن سورية.

    وعن تاريخ الهجرة العربية إلى تشيلي قال:

    «أول عربي هاجر إلى تشيلي كان فلسطينياً في العام /1855/ وأول سوري هاجر إلى هناك كان من مدينة "حمص" في العام /1885/. وتعتبر "جمعية الشبيبة الحمصية" أول جمعية عربية تم تأسيسها في تشيلي وقد تأسست العام/1913/ والتي أسسها بعض الشباب الحمصيين المغتربين، وهي تهدف إلى ربط المغتربين بوطنهم الأم سورية وإقامة علاقات صداقة بين سورية وتشيلي، وقد أصبح اسمها الآن "الجمعية الخيرية السورية" إضافة لذلك تضم تشيلي "المستوصف السوري" الذي أسس في العام /1928/».

  • بعد هذه السنوات الحافلة بالأحداث هل تحدثنا عن حياتك الحالية في تشيلي وعن زياراتك لوطنك الأم سورية؟
  • ** «أنا الآن أعيش في عاصمة تشيلي "سانتياغو" ولدي الآن ثلاث بنات، وأعمل بتجارة العقارات وأمارس العمل الصحفي كمراسل "لوكالة سانا للأنباء" وأقضي يومي في قراءة الكتب ومتابعة الأخبار العالمية، وأنا أحضر لتأليف كتاب عن تاريخ أميركا اللاتينية سيحمل اسم "أميركا اللاتينية الدامية" كما أحاول التعلم على جهاز الكمبيوتر لأني أريد أن أتعلم الدخول والولوج إلى شبكة الانترنت لكي أستطيع قراءة الصحف التي لا تصل إلى هناك، ومن أجل إرسال الأخبار بشكل أسرع وأدق.

    وخلال حياتي اليومية في مغتربي أفكر دائماً بوطني سورية وبمدينتي "حمص" فأنا على اتصال دائم بأهلها كما أتواصل دائما مع "رابطة أصدقاء المغتربين" التي أعتبرها من أهم المؤسسات التي تربط المغترب السوري بوطنه الأم سورية، والتي تحتاج دعماً في كافة المستويات لكي يتطور عملها الوطني الانساني.

    وأحاول سنوياً أن آتي إلى سورية لكي أمضي فيها فصل الصيف وخلال زيارتي لها أزور الأصدقاء والأقارب، والآن أفكر أن أشتري بيتاًَ في "حمص" لكي أموت فيها».

  • بعد سنوات الهجرة الطويلة ما رأيك بالهجرة؟ وكيف ترى سورية بعد هذه السنوات؟
  • ** أظن أن ظروفي هي التي دفعتني للهجرة فأنا شديد التمسك بوطني، ولكن هناك ظروف تحكم حياة كل إنسان.. وأنا بعد كل هذه السنوات لا أنصح أي إنسان بترك وطنه مهما كانت الظروف، فالوطن غالٍ وعزيز، وأنا عانيت كثيراً جداً وقضيت أياماً صعبة في مغتربي، لذلك أحاول دائماً أن أعود إلى وطني ولو لأشهر قليلة لأكحل عيني برؤية الوطن سورية ومعشوقتي "حمص".

    وعن رؤيته لسورية الآن قال:

    «سورية بلد رائع بكل مكوناته البشرية والاقتصادية والأثرية، وقد لاحظت أن سورية تطورت بشكل سريع وخصوصاً خلال السنوات العشر الماضية وأصبحت "حمص" من المحافظات المتقدمة والمتطورة، ففيها الزراعة والتجارة والاقتصاد المتنامي إضافة إلى الصناعة كل هذا سيجعل من بلدنا بلداً متقدماً ومتطوراً وهذا كله يدفعني إلى العودة والاستقرار مع عائلتي في "حمص"».