غادر سورية في ريعان شبابه قاصداً الولايات المتحدة الأميركية ليتابع تحصيله العلمي، ويختص في أكثر من مجال طبي، فدرس واجتهد، وحصل على أعلى الشهادات في أكثر من اخصاص طبي، وفتح عيادته الخاصة هناك وحقق سمعة طيبة، كما عمل في الكثير من المشافي الأميركية، ودرّس في أعرق جامعاتها، إنه الدكتور "مسلّم سارة" المغترب الحمصي في الإمارات العربية المتحدة والذي يعمل حالياً في مدينة الشيخ خليفة الطبية في "أبو ظبي" كاستشاري أول للعناية المشددة، والأمراض الصدرية، ومدرس لطلاب الطب في المشفى.

eHoms انتهز فرصة تواجده في "حمص" ليحدثنا عن البدايات، وعن رحلة اغترابه وتجربته المهنية الناجحة في عالم الاغتراب. فتحدث الدكتور "سارة" في البداية قائلاً: «أنا من مواليد مدينة "حمص" عام /1963/ نشأت وترعرعت فيها ودرست الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارسها، وفي عام /1979/ حصلت على الشهادة الثانوية فالتحقت بعدها في كلية الطب بجامعة "دمشق" وتخرجت عام /1985/، وعملت بعدها حوالي السنتين في عدد من مشافي "حمص"، وفي عيادتي الخاصة.

أشارك حالياً مع مجموعة كبيرة من الأطباء المختصين بإنشاء مركز للأبحاث في الإمارات يتعلق بالأمور الطبية الأساسية والسريرية، وعندي أمل كبير بنجاحه، وأملي الأكبر أننا ومن هذا المركز بإمكاننا أن نؤسس لمراكز بحثية أخرى، وإنشاء الله يكون أولها في سورية، وأنا اليوم أفكر جدياً بالعودة إلى بلدي والاستقرار فيه، وأرى أنه يكتمل نجاحي المهني بعودتي إلى الوطن وتأسيس مركز الأبحاث الطبية، وما أجده في البلد من مستوى طبي شجعني أكثر على فكرة العودة

رحلتي الاغترابية كانت في العام /1988/ حين سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية بقصد متابعة تحصيلي العلمي في الطب فالتحقت بكلية الطب في "نيويورك" ودرست اختصاص الداخلية، وأنهيت اختصاصي عام /1994/ فتحت عيادة خاصة هناك وبدأت بالعمل كطبيب داخلية والحمد لله سارت الأمور من ناحية العمل بشكل جيد، وقررت متابعة تحصيلي العلمي فالتحقت بجامعة "براون" بولاية "رود آيلند" ودرست اختصاصاً يتعلق بالعناية المركزة القلبية والعامة، وبعدها أيضا درست في اختصاص أمراض الجهاز التنفسي والرئتين في ولاية "بنسلفانيا"».

وعن عمله كعضو هيئة تدرسية في إحدى كليات الطب الأميركية قال: «في عام /2000/ وبعد نيلي شهادات البورد الأميركية في الاختصاصات الطبية الثلاثة، تعاقدت مع جامعة "ستان فورد" في ولاية "كاليفورنيا" ودرّست فيها في كلية الطب البشري، وتعتبر هذه الجامعة من أعرق الجامعات الأميركية، وتتميز بالأبحاث الطبية المتطورة، وخلال وجودي في الكلية كان تركيز الأبحاث على الأدوية والمعالجات المتعلقة بالالتهابات الإنتانية الشديدة، وفي عام /2001/ توصلت مع فريق طبي من عدة مراكز أبحاث أميركية لاكتشاف دواء له تاثير على الإنتانات، وقد لاقى قبولاً من هيئة الأدوية والطعام الأميركية، وحقق فيما بعد شهرة واسعة ونتائج إيجابية متميزة، حيث أسهم في خفض نسبة الوفيات جراء هذا المرض من (30%) إلى (24%)، وأعتبر هذا الاكتشاف خطوة هامة وإنجاز علمي متميز.

وعموماً كانت الممارسة الطبية بالنسبة لي ممتعة في تلك الفترة ضمن الجامعة والمشافي التي زرتها، وهذا كله أكسبني خبرة جيدة في عملي المهني وأعطاني شعوراً بالرضا الذاتي، في أن الجهد الذي بذلته في الدراسة والتحصيل العلمي أعطى النتائج الإيجابية المرجوة».

شهادات البورد الثلاث الحاصل عليها

وسألنا الدكتور "سارة" عن تواصله مع وطنه وأهله خلال تلك فترة اغترابه في الولايات المتحدة فقال: «زرت سورية بعد غياب خمس سنوات عنها ثم صرت أزورها كل عامين، وطوال وجودي في أميركا كنت أفكر أن كل النجاح الذي حققته هناك لن يكتمل إلا بالعودة إلى الوطن الأم وتسخير تلك الخبرات التي اكتسبتها لأبناء بلدي، ودائماً يراودني حلم بأن ما تعلمته أستطيع تطبيقه في سورية وهذا شيء عظيم بالنسبة لي، لكن بنفس الوقت أعرف أن الإمكانيات والظروف والبنى التحتية والثقافة الاجتماعية تختلف من بلد لآخر، وهي عامل هام من عوامل النجاح في العمل واستمرارية هذا النجاح، ومن هنا تأتي صعوبة القدرة على العودة، على أمل توفر الظروف الملائمة للعودة».

وأضاف: «لكن في العام /2004/ وتحت ضغط ظرف عائلي شخصي، لأكون قريباً من سورية، اضطررت لترك أميركا والموافقة على توقيع عقد عمل كاستشاري أول في أمراض العناية القلبية المركزة والأمراض الصدرية في مدينة "خليفة" الطبية في الإمارات العربية المتحدة، والتي تعد من أكبر مشافي الإمارات، وشعرت أن هناك لا يوجد فارق كبير بالمستوى الطبي، حتى أن هذه المدينة الطبية مرتبطة طبياً وإدارياً بجامعة "كليفلاند" الأميركية، فالنظام هو نفسه ولم يتغير علي كثيراً، وأصبحت أزور سورية بشكل متواتر، وأدعى وأشارك في الكثير من المؤتمرات والأنشطة الطبية التي تقام في كافة المحافظات السورية».

وسألناه كيف ترى المستوى الطبي في سورية اليوم؟

فقال: «من خلال حضوري المؤتمرات الطبية والمعارض والفعاليات الطبية لمست نهضة علمية طبية جيدة، فمستوى البلد الطبي جيد ومتطور إلى حد ما، وأرى أن له مستقبلاً واعداً ومبشراً بالخير خاصة بوجود جامعات تضم كليات على مستوى أكاديمي جيد، يتخرج منها أطباء أكفاء ومتميزين، فبلدنا لا تنقصه الإمكانيات للتطور في المجال الطبي لأنها متوفرة، لكن وحتى تكون الممارسة الطبية مثلى في سورية هناك بعض الترتيبات في مجال تنظيم العلاقة ما بين الجهة المقدمة للخدمة الطبية والمتمثلة بالطبيب، وما بين الجهة المستفيدة من الخدمة والمتمثلة بالمريض، من خلال تفعيل مسألة الضمان الصحي، وإيجاد هيئة رقابية مختصة ذات إمكانيات كبيرة، تعمل على تحديد العلاقة المادية بين الطرفين وتضع حدوداً ومعايير للخدمة الطبية المقدمة».

وعن طموحاته والمشروعات المستقبلية له على الصعيد العملي قال الدكتور "مسلم سارة": «أشارك حالياً مع مجموعة كبيرة من الأطباء المختصين بإنشاء مركز للأبحاث في الإمارات يتعلق بالأمور الطبية الأساسية والسريرية، وعندي أمل كبير بنجاحه، وأملي الأكبر أننا ومن هذا المركز بإمكاننا أن نؤسس لمراكز بحثية أخرى، وإنشاء الله يكون أولها في سورية، وأنا اليوم أفكر جدياً بالعودة إلى بلدي والاستقرار فيه، وأرى أنه يكتمل نجاحي المهني بعودتي إلى الوطن وتأسيس مركز الأبحاث الطبية، وما أجده في البلد من مستوى طبي شجعني أكثر على فكرة العودة».

الجدير بالذكر أن الدكتور "مسلم سارة" حاصل على شهادة البورد الأميركية في الأمراض الداخلية من كلية الطب في جامعة نيويورك، وشهادة البورد في أمراض العناية المركزة بجامعة "براون" بولاية "رود أيلاند"، وحاصل أيضاً على شهادة البورد في الأمراض صدرية من جامعة MCP هانمن في "بنسلفانيا".

شارك في العديد من المؤتمرات الطبية العالمية، وألقى الكثير من المحاضرات الطبية المتخصصة، وهو عضو أساسي في جمعية الأميركية لأطباء الأمراض الصدرية، وعضو أساسي في الرابطة الأميركية لأطباء العناية المركزة.

وحالياً هو المسؤول العلمي عن الثقافة الطبية للأطباء والعاملين في مدينة "خليفة" الطبية في "أبوظبي".