«نحن نحب "حمص"، وهي دائماً في قلوبنا، ورغم المسافة تبقى هذه المدينة حاضرة طول الأيام في ذاكرتنا، إنها على الإطلاق أجمل مدينة في العالم بنظرنا».

بهذه الكلمات عبر لنا شابان من مدينة "حمص" يعملان الآن في دولة "الإمارات العربية المتحدة" عن مدى حبهما لمدينتهما. فرغم الانشغال والمتاعب التي تفرضها عليهما ظروف العمل، إلا أنهما حملا "حمص" في قلبيهما وفي أمتعة سفرهما، وخصصا لها مكاناً متصدراً في حياتهما وغربتهما، كما شرحا لنا.

المجتمع الإماراتي مجتمع مختلط ويحتوي على العديد من الجنسيات، فلا يوجد هوية محددة لهذا المجتمع لذلك كان علينا الغوص في تفاصيله في سبيل البحث عن عوامل التأقلم. وبشكل عام السوريون هناك محبوبون جداً من جميع الجنسيات، وهم يتأقلمون بسرعة كبيرة، وهذا جعلنا نرتاح كثيراً في عملنا ومعاملاتنا مع الناس. ولكن هناك لا توجد تلك الروابط الاجتماعية التي نعيشها هنا في "حمص". ولكن هذه هي الحياة وعلينا الصبر فقط

"ميلاد موسى" و"مجد حداد" شابان أجبرتهما ظروف الحياة الصعبة على ترك مدينتهما والسفر بحثاً عن العمل، وهما الآن يعملان في إمارة "دبي" لكن ظروف هذه الحياة الصعبة لم تجبرهما على نسيان مدينتهما ووطنهما.

ميلاد موسى

موقع eHoms التقى "ميلاد ومجد" أثناء زيارتهما إلى مدينة "حمص" لقضاء فترة إجازة رأس السنة، بتاريخ 16/1/2009.

في البداية تحدّثنا إلى السيد "ميلاد" وهو من مواليد "حمص" /1983/ يحمل إجازة في الفلسفة ويعمل في "دبي" مشرفاً عن قسم الكتب والفهرسة في مؤسسة مختصة بالإصدار والنشر، حيث حدّثنا عن مشاعره وحنينه إلى "حمص" خلال فترة السنتين التي عاشها في دبي فقال: «أنا كجميع الشبان السوريين الذي يسافرون إلى الإمارت ذهبت إلى هناك باحثاً عن المردود المادي الأفضل. ولكن إضافة إلى المردود الجيد فهناك الكثير من المعاناة التي لا نجدها في بلادنا، فلولا وجود الأصدقاء لما استطعت أن أصبر على معاناة المعيشة. فنحن كشباب من "حمص" نحاول أن نعوض هذا النقص فنلتقي يومياً، ونخفف عن بعضنا عناء الغربة، ونمارس نشاطنا اليومي كما نمارسه في مدينتنا.

مجد حداد

ولكن الافتقاد إلى الأهل والأصدقاء الذين تبعدهم المسافة عنا يتعبنا قليلاً، وخاصةً عندما نلجأ إلى الذكريات القديمة في جلساتنا، لذلك عمدنا إلى ابتكار بعض الأساليب التي تسهل علينا تناسي هذه الذكريات للتأقلم مع الواقع الذي نعيش فيه، خصوصاً عندما نكون في جلساتنا الجماعية، فنذكر الأهل والرحلات النزهات والأوقات الممتعة التي قضيناها في "حمص"، فهي مدينتنا وبيتنا وكل شيء جميل في حياتنا، لكننا نعود لنصطدم في الواقع أننا في غربة، الأمر الذي يفرض علينا شروط معيشة معينة، يجبرنا على تحديد أقرب وقت ممكن للعودة إلى "حمص" والتمتع بالانتماء إليها. كنت أتمنى أن لا أضطر إلى السفر فأنا أحب سورية وأحب العيش فيها ولكن هذه هي الحياة، وأتمنى العودة قريباً».

"مجد حداد" هو شاب من مواليد "حمص" 1987 قضى ثلاث سنوات في إمارة "دبي"، يعمل مصمماً إعلانياً في شركة "خليفة والإمارات" المختصة بإصدار الكتب بمناسبة الأعياد الوطنية. حدثنا "مجد" عن الأيام التي عاشها ويعيشها الآن في دبي وذكرياته وحنينه إلى مدينته فقال: «ذهبت إلى الإمارات بهدف تأمين حياتي، وتكوين رأس مال جيد أستطيع أن أبدأ به حياتي في "حمص". فالبدء من الصفر أمر صعب جداً لذلك كان عليّ أن أتحمل كل أعباء الغربة اختصاراً للوقت الذي من الممكن أن أقضيه هنا. فأنا أحب مدينتي كثيراً وأشعر في بعض الأحيان أنه عليّ التفكير بالعودة السريعة إلى وطني، فالأشواق أحياناً تشعر المرء بأن عليه التخلي عن كل شيء في سبيل العيش مع من يحبهم. ولولا وجودنا هناك كأصدقاء لكان العيش صعباً جداً، فنحن نخفف عن بعضنا كثيراً من متاعب الحنين إلى "حمص". ونظام العمل هناك يخفف علينا أيضاً بعضاً من هذه المتاعب، بحيث أنه يشكل معظم وقتنا ولا يسمح لنا بالتفكير في شيء سواه، لذلك نحن هناك نحلم بالإجازات، ونشعر بصغرها مقارنة بالأشياء الكثيرة التي نود القيام بها في إجازاتنا، ونرقب الثواني التي تعيدنا إلى بيتنا».

وعن أوضاعهما الاجتماعية التي يعيشونها حدّثنا "ميلاد" و"مجد" فقالا: «المجتمع الإماراتي مجتمع مختلط ويحتوي على العديد من الجنسيات، فلا يوجد هوية محددة لهذا المجتمع لذلك كان علينا الغوص في تفاصيله في سبيل البحث عن عوامل التأقلم. وبشكل عام السوريون هناك محبوبون جداً من جميع الجنسيات، وهم يتأقلمون بسرعة كبيرة، وهذا جعلنا نرتاح كثيراً في عملنا ومعاملاتنا مع الناس. ولكن هناك لا توجد تلك الروابط الاجتماعية التي نعيشها هنا في "حمص". ولكن هذه هي الحياة وعلينا الصبر فقط».