مثل الكثيرين وطلباً لحياة أفضل هاجر من "حمص" مع أسرته إلى الأرجنتين ولم يتم بعد السادسة عشرة من العمر ليعيش هناك أكثر من (43) عاماً ثم يقرر العودة نهائياً إلى مدينته "حمص" التي لم تفارق قلبه وروحه طوال فترة تغربّه عنها.

المغترب الحمصي "جورج سمان" التقاه موقع eHoms بتاريخ (16/1/2009) ليتحدث عن تجربته وأبرز محطات حياته في بلاد الاغتراب.

بعد انتهاج الأرجنتين سياسة فتح الاستيراد تلقت الصناعات المحلية ضربة قوية من هذا القرار وحصل زلزال اقتصادي كبير ومجاعة في عام /1990/ واضطررنا لإغلاق مصنعنا وتصفية الشركة واتخذت دون إخوتي قرار العودة إلى الوطن والاستقرار نهائياً في "حمص"

مع بدايات حياته وقصة الاغتراب تحدث قائلاً: «ولدت في "حمص" عام /1934/، وفي السادسة أدخلني والداي الكلية الأرثوذكسية فتعلمت فيها حتى العام /1950/ حيث قررت أسرتي الهجرة إلى أميركا اللاتينية بعد تعثر أصاب عمل والدي الذي كان في مجال الصناعات النسيجية.. فتركت بيتي وحارتي وأصدقائي وهاجرت مع عائلتي مرغماً، ليحط بنا الرحال في العاصمة الأرجنتينية "بوينس آيرس"».

في ريعان الشباب

وأضاف: «هناك بدأت العمل كموظف عند خالي، في متجره الخاص بالمنتوجات النسيجية، وبعد أربع سنوات بدأت أعمل لحسابي الخاص، في نفس المجال، ثم أسست مع إخوتي الثلاثة (دافيد وهيثم ونشأت) شركة "سمان إخوان" لصناعة الألبسة الداخلية الرجالية، وبدأت أجول في معظم مناطق الأرجنتين للترويج لمنتجات الشركة، ويوماً بعد يوم قوي عملنا في هذا المجال سجلنا الشركة كشركة تجارية مساهمة لصناعة الألبسة الرياضية والألبسة الخارجية أسميناها "زنوبيا" تيمناً بملكة تدمر السورية.

حققت الشركة شهرة كبيرة داخل البلاد وسمعة طيبة في السوق الأرجنتينية وخلال عشرين عاماً من العمل أصبحت "زنوبيا" من الشركات العشر الأوائل بهذه الصناعة».

وسط أحبائه في بيت المغترب بـ"حمص"

أما على صعيد الحياة الاجتماعية قال "سمان": «معظم أنشطتي الاجتماعية التي مارستها هناك كانت ضمن النادي الحمصي فكنت عضواً في مجلس إدارته من عام /1968/ وفي عام /1975/ حولنا اسم النادي إلى "النادي السوري الاجتماعي" ليتخذ صفة أشمل حيث تسلمت في السنة التي تلت ذلك نائباً لرئيس النادي الذي كان يحفل بالأنشطة الثقافية والاجتماعية متعددة بمشاركة عدد كبير من أبناء الجالية السورية هناك وفيما بعد اتحد النادي مع النادي اللبناني بمؤسسة واحدة وصار اسمه النادي "السوري اللبناني الرياضي" وغلب عليه الطابع الرياضي أكثر من النشاطات الأخرى.

كما أنني كنت عضواً في الجمعية السورية الثقافية هناك، والتي تبنت سياسة الدفاع عن القضايا الوطنية ومحاربة الدعاية الصهيونية التي تسيطر على الموقف السياسي في الأرجنتين وكانت الجمعية الوحيدة الواقفة ضد المخططات الصهيونية التي تستهدف سورية والمنطقة المحيطة بها، وللجمعية إلى اليوم برنامج إذاعي أسبوعي يبث كل يوم أحد وبعدة لغات عربية وإنكليزية وإسبانية ويناقش قضايا الجالية السورية والقضايا الوطنية».

يتوسط حلقة الدبكة في حفل لأبناء الجالية السورية

وعن سبب عودته إلى سورية قال: «بعد انتهاج الأرجنتين سياسة فتح الاستيراد تلقت الصناعات المحلية ضربة قوية من هذا القرار وحصل زلزال اقتصادي كبير ومجاعة في عام /1990/ واضطررنا لإغلاق مصنعنا وتصفية الشركة واتخذت دون إخوتي قرار العودة إلى الوطن والاستقرار نهائياً في "حمص"».

وتابع: «"حمص" لم تغب عن بالي طيلة فترة الاغتراب، وكنت أفكر فيها باستمرار، وقد سنحت لي الفرصة لزيارة الوطن لثلاث مرات، لكن أولها كان بعد غياب (25) سنة حيث تزوجت من فتاة سورية.. وبعد استقراري هنا شعرت براحة نفسية لم ألمسها أبداً طوال فترة الاغتراب. سورية بلد أمان واستقرار، والأمان الشخصي الموجود في سورية لا أعتقد أنه يتوفر في الكثير من البلدان الأخرى بعد عودتي النهائية لم تنقطع زياراتي لإخوتي وعائلاتهم في الأرجنتين، بمعدل زيارة كل سنتين، كما أنني بتواصل مستمر عبر الإنترنت مع الكثيرين من الأصدقاء هناك».

جدير بالذكر أن السيد "جورج سمان" بحكم عمله واحتكاكه الكبير مع أبناء الجالية كتب في جريدة "حمص" أكثر من (120) مقالة عن الاغتراب والجاليات العربية في المغترب وأبرز شخصياتها.