عندما سألته ألا تحن للوطن قال بصوت محروق: "تمر الأيام وكل يوم نقول خلصنا قربت هانت هالمرة"، والحنين هذا شيء آخر ولا يسعني القول إلا هاذين البيتين من الشعر:

أشواقنا نحو الشام تقاطـــــــــرت

كحنين مغترب إلى الأوطان

إن الطيور وان قصصت جناحها

فإنها تسمو بفطرتها إلى الطيران

(همام السلامة) طالب في كلية الطب جامعة كاربتشوفسكي في مدينة ترنوبل (غرب أوكرانيا) من مواليد حمص (1984)م نال الشهادة الثانوية من مدرسة محسن عباس وكان السفر هو فكرته القائمة منذ نشأته يتحدث همام عن ذلك فيقول:"بعد البكالوريا كنت أعرف أنه لابد من السفر حتى أدرس فرع مناسب لأنه بسورية الوضع صعب بالنسبة لمجموع الشهادة الثانوية وتوافقها مع الفرع الذي تريده وبدأت أبحث عن بلد مناسب من إسبانيا إلى روسيا مرورا برومانيا وبلغاريا وبولندا حتى استقر الأمر على أوكرانيا حيث استطعت الحصول على دعوة دراسية".

همام تأخر بالإنضمام إلى قافلة المنتسبين إلى معاهد تعلم اللغة الروسية في أوكرانيا وذلك لتأخر إجراءات السفر مما تتطلب منه المزيد من الجهد والقلق، يقول همام :"كنت في حالة قلق كبيرة لأنه كما تعرف أن اللغة هي جواز السفر لأي فرع بالجامعة وكنت أسال نفسي دائما هل سأتكلم الروسية؟ وهل سألحق ببقية الطلبة الذين كانوا ينتمون لأكثر من (15) دولة من الصين إلى بلدان أميركا الجنوبية والحمد لله استطعت الحصول على المستوى الذي يؤهلني للانتساب إلى الجامعات وتم ذلك والحمد لله بعد أن كنت أظن عندما وصلت إلى المطار أنه لا يمكن أن أنطق حرفا بهذه اللغة".

سافر همام إلى مدينة أخرى للانتساب إلى جامعة ذات سمعة جيدة وحكومية وكانت تبعد هذه المدينة حوالي (700 كم) ومن جديد أتى على ظروف جديدة تحتم عليه التأقلم، يقول همام عن الدراسة في بلاد الاغتراب: "بالنسبة للدراسة في أوكرانيا الأمر يتعلق بالطالب ذاته فكمية التحصيل العلمي مرتبطة بكمية الاجتهاد والعمل فهنا كثير من المدرسين متعاونين ومتواضعين مهما كانت درجتهم العلمية ويمكن أن يساعدوا الطالب المجتهد الذي يقصد التحصيل العلمي والنظام التعليمي هنا يركز بالدرجة الأولى على العملي."

وسألت همام عن هوايته وطريقة تعاطيه مع الغربة فأجاب: "هنا في الغربة يمكن أن تتغير اهتماماتك وهواياتك حسب الظرف والإنشغالات والوقت فأحيانا نمارس رياضة وبعدها نغير إلى رياضة أخرى وهكذا أنا أعود إلى سورية كل عامين مرة وأنا ممن يحب الغربة حب كبير فعندما أسافر كل مرة أشعر وكأني ولدت من جديد. الفراغ هنا شيء قاتل لكن اعتدنا على قتله أحيانا بالسفر إلى مدن أخرى أحيانا بالتجمع مع الأصحاب وأحيانا بالهروب إلى النوم من الواقع وبعد الانترنت لا فراغ يذكر."

وعن نظرة الشعب الأوكراني لشعوبنا العربية قال:"مع الأسف يحملون عنا نظرة ليست طبيعية وذلك لعدة عوامل منها الإعلام المسيطر هنا والذي يحاول بإظهارنا بصورة أكثر مما هي عليه. لكن هناك بعض المثقفين الذين لا تخفى عليهم أمورنا. وبالنسبة للسوريين هنا فهناك الكثير منهم, منهم المقيم ومنهم الذي يعمل ومنهم الطالب وغير ذلك. وبالحقيقة أن السوري بشكل عام هو أكثر تحمل للمسؤولية من غيره من الشعوب العربية وأكثر دهاء في التعامل مع الأمور والأزمات."

ويضيف همام عن الشعب الأوكراني قائلا:" أما أوكرانيا بشكل عام الشعب مختلف الأمزجة فيه الخلوق والجيد والمؤدب تتمنى عشرتهم وفيهم عكس ذلك وهو بالمجمل شعب يعمل بلا هوادة. أما كبلد فهو جميل جدا لكن العيش فيه صعب مقارنة للدول الاتحاد الأوربي."

أخيرا عن طموحه فيقول همام :"طموحي في مجال الطب أسأل الله العلي العظيم أن تتيسر أسباب الأمور وأن أختص في مجال الجراحة وأن يوفقني في ذلك الاختصاص فالأمر ليس هيناً".