«لازلت حتى اليوم أذكر مناولتي الأولى، تلك الصلوات والتراتيل التي تعلمتها بشغف ومن ثم معرفتي لمعنى وسر القربان، الذي يتناوله المؤمنون كل أحد في القداس»، تلك كانت كلمات "هاني سكر" أحد المرتلين الشباب في جوقة كنيسة "الروح القدس" للسريان الكاثوليك، وهو يدرب أولاد الكنيسة لتحضيرهم للمناولة الأولى.

المناولة الأولى حدث لا ينسى بالنسبة لكل شاب وفتاة، لأنها تشرح لهم معنى أن يكونوا مؤمنين. تبدأ التحضيرات والاستعدادات لتهيئة الفتيان ضمن عمر (8/9) سنوات لهذا الحدث، من بداية الشهر السادس لكل عام مع نهاية الموسم الدراسي ويتم الاحتفال بالمناولة الأولى وهي أول فرحة للطفل بعد عمادته وتتم في نهاية الشهر ذاته ضمن قداس خاص بهذه المناسبة.

المناولة تعني دخول يسوع لقلبنا وقد شجعني عليها أهلي، وأشكر الذين ساعدونا في كل شيء وأشجع من يود القيام بها في العام القادم لأنه سيسعد حقاً

يتحدث الأب "ميشيل نعمان" كاهن الكنيسة عن معنى المناولة الأولى فيقول: «جرت العادة في الطقوس الشرقية، أن يقدم في المعمودية الميرون والافخارستيا (القربان)، لذلك نحن في المناولات نناول مختلف الأعمار، لكن في طقسنا الكاثوليكي وبعمر (8-9) سنوات، نقوم بجمع الأولاد حتى ولو سبق وتناولوا دون وعي ونعلمهم ماذا تعني المناولة وهكذا يتم من خلال تحضير الأولاد في الصفين (الثالث والرابع) من خلال إعطائهم معلومات عن إيمانهم، وعن يسوع وخلق الله لنا، حتى يكون اشتراكهم واع وفعال في القداس، فعند تناول القربان المقدس، هم يتحدون مع يسوع المسيح وهو يدخل قلبهم وحياتهم».

الأب ميشيل نعمان

يغدو تدريب المتناولين متعبا بعض الشيء، لأنها أول مناسبة يعيشها الطفل بشكل واعي، فأثناء عماده كان طفل وأعياد ميلاده لا تتم بشكل منظم وأمام المئات، أما الآن فبعد تعب وتحضير شهر كامل من قبل المدربين يتم الاحتفال بهذه المناسبة بحضور الأهالي والمحبين ما يترك ذكرى بقلب كل طفل مر بها.

"صبوح نصر الله" أحد مدربي الأولاد تحدث قائلاً: «عندما يأتي الأولاد لا يدرون ما يجب فعله، ونجد أن الأغلبية لا تمتلك أي فكرة عن القربانة أو المناولة الأولى، نحاول تعريفهم بهذا الشيء الذي كنا تناوله من قبل، خلال فترة التحضير ننبه الأولاد على ضرورة عدم التناول، وهم كانوا دائماً يتساءلون ((لماذا نحن لا نتناول)) لكن هذا كان يشوقهم لتناول القربانة».

داني ربوع

وأضاف "نصرالله": «التعليم يرتكز على التحضير للمناولة الذي يجب أن يحدث كل قداس، من لحظة دخول الكاهن للكنيسة حتى حلول وقت المناولة، لكي يدخلوا المناولة بقلب نقي ويتحولوا من السجود للخطيئة إلى الدخول يوم المناولة وهم مرفوعي الرأس وهذا ما حصل اليوم، أيضاً تعليم التراتيل مهم لأن النغمة في الصلاة تقربهم أكثر من الله وهم أحبوها».

أحد المحتفلين بهذه المناسبة "داني ربّوع" تحدث عن مشاعره فقال: «لقد شجعني إخوتي وأهلي وأقربائي، على المناولة وساعدنا المربين على تعلم القداس كان هناك ترتيلة أخطأت بها هي الترتيلة الأخيرة، لكن مع التمرين والتحفيظ استطعت ترتيلها مع المجموعة، المناولة هي تناول جسد ودم يسوع المسيح وأنا أشجع كل الأولاد على القيام بها».

عبد المسيح ستيتي

أما "عبد المسيح ستيتي" فقد قال: «المناولة تعني دخول يسوع لقلبنا وقد شجعني عليها أهلي، وأشكر الذين ساعدونا في كل شيء وأشجع من يود القيام بها في العام القادم لأنه سيسعد حقاً».

بعد المناولة يعرف كل طفل ما هو سر القربانة التي تناولها، ويصبح قريبا بقلبه من الإيمان ويسلك الطريق الجيد، لأن الآباء الكهنة تذكر أن من تناول القربان المقدس لا يجب أن يكون مقصرا بواجباته الحياتية أو ذو سلوك غير جيد.