تعتبر الصحافة الإلكترونية في عصرنا الأكثر تميزاً وجذباً لدى الكثير من القراء والمهتمين بأمر الصحافة، فعلى الرغم من إصدار التراخيص والقوانين المشجعة على تأسيس صحف ورقية إلا أن الإقبال شديدٌ على الصحافة الإلكترونية لأسباب مختلفة، فهل الصحافة الإلكترونية توفر ما عجزت عنه الصحف الورقية؟ أم أن أسباباً أخرى ترجح كفة أحدهما على الأخرى.

eSyria التقى بالسيد "يعرب العيسى" والذي يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة "الخبر" السورية على هامش معرض شام 2008 وسأله عن سبب انتشار الصحافة الالكترونية المتزايد في سورية وهل ستحقق النجاح الذي حققته الصحافة الورقية؟

إذا سمح لي بإصدار عدد سياسي فاعتباراً من يوم الغد سأصدر أول نسخة سياسية

**«بصراحة أنا أرى أن الصحافة الورقية لم تحقق النجاح في سورية، وحتى اليوم نحن مازلنا شعباً شفوياً، فهناك شعوب بالعالم انتقلت من المكتوب إلى الإذاعة ثم إلى السينما ثم إلى التلفزيون ثم إلى الإنترنت، بينما بعض الشعوب العربية انتقلت من الإذاعة إلى التلفزيون دون العبور بالسينما، ونحن كشعب سوري انتقلنا من مرحلة الرجل "الحكّاء" بالريف أو بالمضافة أو بالمدينة أو بالمقهى وانتقلنا من خلاله إلى الإنترنت دون العبور في بقية المراحل حيث ما استطاعت الصحافة الالكترونية أن تحقق حضور ونجاح بالمجتمع السوري، وكما تعلم أن نسبة توزيع الصحف في سورية لا تتجاوز/2.6/ نسخة لكل ألف مواطن، وربما استطاع التلفزيون بمرحلة من المراحل أن يحقق حضور بسبب عدم وجود غيره وهذا الحضور متمثل بالمنوعات والأغنية والمسلسل أما كحضور وأثر إعلامي فقد فشل في ذلك».

*هل تعتقد أن مستقبل الصحافة الورقية مشرق في ظل انتشار الصحافة الإلكترونية أم لا؟

**بالتأكيد هو مستقبل غير مشرق، فعبر تاريخ التطور كانت الحضارات تزيح بعضها البعض وكانت تتم عملية حلول وانزياح، ولكن ما نراه عبر الثورة المعلوماتية التي هي قبلت بتجاور التقنيات والمفاهيم والأفكار والأجيال، فمثلاً الكتابة بالريشة كانت تتناسب مع عصر الحجابات، وقد ظهر الورق والإنترنت وما زال هناك أناس تكتب الحجاب على الإنترنت، هذا التخلف استطاع أن يتجاور مع هذه التقنية المتطورة، فالأمر ليس بالتقنية فقط يعني ذلك أن المواقع الالكترونية السورية ستتطور وتحقق حضوراً عندما تتطور الصحافة الورقية ويمكن أن يكون ذلك عندما يصبح التلفزيون السوري "bbc" ويصبح موقع أخبار سورية (msn) وعندما يتحول مجلس الشعب إلى مجلس العموم البريطاني أو الجمعية الوطنية الفرنسية، وعندما يتأهل منتخبنا الوطني إلى ربع نهائي كأس العالم بكرة القدم، وهي سلسلة متصلة برأيي ومواقع الإنترنت السورية هي أولاً سورية وثانياً هي مواقع إنترنت بالدرجة الثانية يعني ذلك أنها لا تنفصل عن الحالة السورية».

*هل المواقع الالكترونية لا تزال تطرح نفسها كبديل عن الصحافة الورقية؟

**«هي تطرح نفسها كبديل لأنها تترجم ما يحصل بالعالم، أي تترجم التجارب عند شعوب لا تشبهنا، أي أننا لم نحقق نجاحاً في الصحافة الورقية حتى يحل محلها أحد غيرها ولا أعتقد أنها ستحل محلها فعدد زوار أفضل مواقع الانترنت السورية هو قليل جداً بالنسبة لعدد سكان سورية أو لمستخدمي الانترنت فيها».

*برأيك التكلفة القليلة لاستضافة المواقع الالكترونية هل سيؤدي هذا لظهور صحف الكترونية جديدة؟

**«ليس بالضرورة هذا فموقع الإنترنت يعطيك الإمكانية لأن توصل صوتك بأقل تكلفة، ففي العالم اليوم هناك ما هو أقل تكلفة بكثير وهو الشأن الشخصي "المدونات" حيث يمكنك أن تحول صوتك كفرد أو كمواطن لإيصاله للعالم إذا كان لديك كلمة مختلفة حينها سيسمعك الكثيرون بالتأكيد والإنترنت كخصوصية قادرعلى منحك كفرد إمكانيات مؤسسة كاملة».

باعتبارك رئيس تحرير صحيفة "الخبر" وهي صحيفة ورقية حديثة ماذا يعني لك إصدار صحيفة ورقية في ظل اتجاه معظم القراء إلى الصحف الالكترونية؟

يعني ذلك أنني أنتمي للعصر الذي أنا فيه، فأنا كشخص أحب الورق وهذا موضوع شخصي يختلف عن رأيي بتقنيات وسائل الإعلام، وهذا لا يعني تناقضاً بين تقنية والتقنية التي قبلها فالصحافة الورقية لا يزال لها عمر وتاريخ طويل لا يجب إزالته».

*ما هو دور الحكومة في تعزيز دور الصحافة الالكترونية؟

**«الحكومات تصنع الصحافة الإلكترونية كما يصنع البحر القارات وذلك بالانسحاب، فكلما انسحب البحر ولدت قارة جديدة، وذلك يكون بالانسحاب من التدخل بالمواقع الالكترونية ونحن بعيدون عما نرغب ونريد، فالرقابة على الصحافة الإلكترونية أكثر بكثير من الرقابة على الصحافة الورقية».

*ماذا عن صحيفة الخبر التي ترأس تحريرها؟

**«صحيفة الخبر هي صحيفة اقتصادية جديدة يمولها رجل أعمال لا يتدخل في إدارتها وأعتقد أنها أولى المؤسسات الصحفية الخاصة التي عملت فصلاً تاماً بين الإدارة والملكية وهي السبب الرئيسي لقبولي العمل معها».

*بمَ تعلل اتجاه معظم الصحف الورقية الصادرة حديثاً في سورية نحو الشأن الاقتصادي؟

**«لأن الاقتصاد سبق بقية بنى المجتمع في سورية أصلاً والأمر الثاني يتعلق بالتراخيص الصاردة عن وسائل الاعلام حيث لم يمنح تراخيص لصحف سياسية وثقافية وكل ما منح هو تراخيص متعلقة بالاقتصاد والرياضة والإعلان والفن».

*هل ستكون "الخبر" صحيفة اقتصادية بحتة؟

**«إذا سمح لي بإصدار عدد سياسي فاعتباراً من يوم الغد سأصدر أول نسخة سياسية».