قبل نصف قرن من اليوم اجتمع عدد من المهتمين بالشأن العام، وقرروا أن يكونوا جسر تواصل مع المغربين السوريين المنتشرين في أنحاء العالم كافة ، لتعريفهم بتاريخ بلادهم وحضارتها، وجمعهم مع أهلهم الذين فقدوا الاتصال بهم، وتكون بيوتهم مفتوحة في أيّ وقت يقررون العودة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 20 آب 2020 مع "بسام كبا" رئيس مجلس إدارة رابطة "أصدقاء المغتربين"، ليحدثنا عن الفكرة والهدف، قائلاً: «في عام 1971 تنادى مجموعة من المثقفين في "حمص"، وعلى رأسهم الأديبة الراحلة "نهاد شبوع"، لتأسيس رابطة باسم رابطة "أصدقاء المغتربين"، هدفها الرئيسي التواصل مع المغتربين في كل أنحاء العالم، كان تركيزنا في البدايات على المغتربين في قارتي "أمريكا" الجنوبية والشمالية، ثم توسعنا نحو "أستراليا"، وحالياً توجهنا إلى "أوروبا".

شاركت الرابطة بمؤتمر المغتربين الأول، أيام الراحل "حافظ الأسد"، وشاركتْ كعضو فعال ضمن مجلس الشعب، ثم شاركت بمؤتمر "البرلمانيين العرب" المقام في "سورية" عام 1986، وكان تواصلنا مباشراً مع وزارة الخارجية السورية، ومع سفرائنا في "البرازيل" و"تشيلي"، للاطلاع على مشاكل وشؤون المغتربين، وقد قامت العديد من الجهات بتكريم الرابطة منها درع من النادي "السوري البرازيلي"، ودرع آخر من السفارة التشيلية في "دمشق"

نقوم بالتواصل مع جميع المغتربين في العالم، وندعوهم للعودة، ونعمل على صنع جسر من التواصل، واستطعنا استقطاب الكثير من المغتربين، الذين ساندوا الوطن، وأنجزوا مشاريع عديدة، وكانت لهم أيادٍ بيضاء في دعم العديد من دور الأيتام في "سورية" بكل طوائفها، وقدموا العديد من المعدات الثقيلة، وسيارات الإسعاف، ونذكر منهم: "كرجيه حداد"، "أسعد عبد الله"».

رئيس رابطة أصداقاء بيت المغترب

وعن نشاطات الرابطة، قال: «شاركت الرابطة بمؤتمر المغتربين الأول، أيام الراحل "حافظ الأسد"، وشاركتْ كعضو فعال ضمن مجلس الشعب، ثم شاركت بمؤتمر "البرلمانيين العرب" المقام في "سورية" عام 1986، وكان تواصلنا مباشراً مع وزارة الخارجية السورية، ومع سفرائنا في "البرازيل" و"تشيلي"، للاطلاع على مشاكل وشؤون المغتربين، وقد قامت العديد من الجهات بتكريم الرابطة منها درع من النادي "السوري البرازيلي"، ودرع آخر من السفارة التشيلية في "دمشق"».

وتناول نشاطات الجمعية الثقافية، قائلاً: «تنوعت نشاطاتنا الثقافية، وقد أقمنا العديد من المحاضرات التي تتحدث عن الاغتراب، واستضفنا العديد من الشعراء الكبار مثل "زكي قنصل"، "عبد المعين الملوحي"، و"عبد الرحيم الحصني"، وشاركنا بتحرير صفحة عن الاغتراب في جريدة "حمص"، وأسسنا مجلة "السنونو" برئاسة الراحلة "نهاد شبوع"، التي صدر منها عدة أعداد، حيث قمنا بإصدارها ورقياً، وقام الفنان "بسام جبيلي" بالإخراج العام للمجلة، وقمنا بتوزيعها في أنحاء العالم كافة، حيث استمرت حتى عام 2010، وتوقفت بسبب الحرب، وقد تواصلنا مع الشاعر المهجري "زكي قنصل"، في محاولة لترجمة الشعر العربي للغات الأجنبية، وقد جاء إلى "سورية"، وقام بترجمة بعض القصائد الشعرية من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية، وبالعكس».

أحد المؤسسين الفنان بسام الجبيلي

وعن العقبات التي تواجههم، وماذا يقدمون للمغربين، قال: «نحن الآن نواجه مشكلة أننا نتعامل مع الجيل الخامس والسادس من المغتربين، الذي لا يمتلك الإحساس بالانتماء للوطن الأم "سورية"، وليس لديه أي ثقافة بتاريخ أجداده، بعكس الجيل القديم الذي كان يزور الوطن، ويتواصل مع أقاربه سنوياً، مثل المغتربة "نيلزي كبا" من "سان باولو" التي أحضرت أشقاءها وأولادهم، لتعرفهم على عائلتهم وعلى منزل العائلة، وفي العام الماضي حضر أحد أفراد عائلة "الصباغ" المسنين من "تشيلي"، برفقة أفراد عائلته للسبب نفسه، حيث قامت الرابطة بتكريمه، وتأتينا دائماً وفود من السيدات من "تشيلي" و"أستراليا"، ودورنا يقوم على تنظيم الرحلات السياحية لهم، وتعريفهم بالمناطق الأثرية والتاريخية، والمعالم الدينية العريقة، مثل قلاع "الحصن"، "المرقب" "صلاح الدين"، وآثار "تدمر"، بالإضافة لدور الرابطة بمساعدة المغتربين بالعثور على أقاربهم في "سورية"، الذين ضلوا الطريق للوصول إليهم بعد فقدانهم أي آثر لهم، وتمتلك الرابطة مكاناً تستضيف فيه المغتربين غير القادرين على دفع نفقات الفندق، فنأخذ دور الوسيط لتيسير أمورهم».

الفنان التشكيلي "بسام الجبيلي" أحد المؤسسين للرابطة، قال: «عند دخولك بيت المغترب، تواجهك على الجدار مباشرة لوحة نحاسية، تؤرخ لحدث جرى منذ نصف قرن، تحمل أسماء مؤسسي رابطة أصدقاء المغتربين، وهي لوحة صغيرة بحجمها كبيرة بمضمونها، شهدت البدايات وعاشت أفراح الرابطة وأحزانها، وحملت أسماء رواد آمنوا بفكرة غير مسبوقة، تهتم بقضايا الاغتراب والمغتربين، روادٌ بذلوا من وقتهم وجهدهم وأرواحهم لإحياء النواة والبذرة التي زرعتها ورعتها بكل حب وشغف المربية الفاضلة "نهاد شبوع" رئيسة الرابطة التي كانت عمادها وروحها وقلبها النابض.

المغتربة في تشيلي لينا توماني

تأسست الرابطة بروح وثابة وطابع أسري، وهي بدايات الإيمان بقضية، كانت مجرد فكرة غائمة مبهمة لإنشاء رابطة لأصدقاء المغتربين، بلا مقر أو كيان مادي ملموس، سوى صفاء قلوب ومحبة أعضائها وبيوتهم العامرة المفتوحة دوماً للاجتماع والتلاقي.

واليوم بعد أن اكتملت سيرة المؤسسين، أحدثت الرابطة واقعاً مهماً على مستوى الوطن والمهجر، ووصلت إلى غايتها، وأصبح من الضروري مع الجيل الجديد من أعضاء الرابطة، البحث عن ولادة جديدة ومؤسسين جدد، إذ أخذنا بالحسبان الأحداث المستجدة والتغيرات العميقة».

المغتربة "لينا توماني" المغتربة في "تشيلي"، تناولت تجربتها مع الرابطة، قائلة: «في قاموسي رابطة أهل ورابطة أرض، فمنذ غادرت "حمص"، كانت لي الرفيق والوصي، فرابطة "أصدقاء المغتربين" لم تكتف ببناء ذلك الجسر بيننا وبين الوطن، بل أطلقت لنا السنونو لاحقاً، ليحمل لنا تجارب وحيوات غيرنا ممن هاجروا، وعندما عدت خلال العام الماضي إلى "سورية"، وجدت في كل وجه لي سكناً، وكذلك صوت "مايا شبوع" تخبرني عبر الهاتف بعودة الرابطة لنشاطاتها، وإمكانية زيارة "بيت أصدقاء المغتربين" الذي كان مقصدنا قبل الحرب، حيث بقي صامداً، كي يخبر كل من فقدوا بيوتهم في "حمص"، أنه لم يزل هناك لهم مكان، فكيف للغائب ألا يعود إلى بلد له فيها منزل».