اعتاد الحماصنة عبر مئات الأعوام على إقامة الاحتفالات الشعبية التي اشتهرت بها المدينة في كل فصل مناخي تمر به؛ مستفيدين من وجود أربعة فصول كاملة كل عام.

الأعياد "الخميسية"، إضافة إلى ما يعرف بـ"السعود"؛ هي أبرز هذه الطقوس التي حدثنا عنها الأديب "راغب طليمات" الذي عاصرها عبر عشرات السنين خلال مراحل حياته؛ كما يؤكد لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 5 نيسان 2016، بقوله: «يحتفل الحماصنة بسبعة أيام خميس في كل عام، تبدأ من الخميس الأخير من كانون الثاني، وتنتهي بالخميس الثاني من نيسان، ويسمونه "خميس الحلاوة"، أما أيام الخميس الستة السابقة فتحمل تسميات تتناسب وطبيعة الاحتفال بها، وهي: "خميس الضايع"، و"خميس التايه"، و"خميس الشعنونة"، و"خميس الفطاحل"، و"خميس النبات"، و"خميس المشايخ". ويفسر الباحثون من أهل "حمص" تقاليد هذه المناسبات الحمصية بأنها تأتي لوداع فصل الشتاء واستقبال فصل الربيع، وأخرى للاحتفال بانتهاء الشتاء وبرده القارس، ولا سيما أن مدينة "حمص" من المدن التي تتسم بطقسها البارد شتاء ومناخها المعتدل صيفاً، وهذه المحطات الزمنية الأربع تنتهي عادة منتصف شهر آذار، ليبدأ بعدها "الحماصنة" تمتعهم بـ"الخميسات" الثلاثة الأخرى التي تأتي متزامنة مع قدوم فصل الربيع، وخروجهم للتنزه في مناطق "النزهة" حول مدينتهم».

يروى عن سبب هذه التسمية لـ"السعود الأربعة" أن جماعة قد خرجت للغزو، وفيها شخص اسمه "سعد"، فهبت عاصفة ماطرة شديدة البرودة، ولم ينجُ منهم إلا شخص واحد، ولما رجع إلى قومه سأله والد "سعد" عن ابنه، فأجاب: لقد ذبح "سعد" ناقته واختبأ بداخلها لشدة البرد، فابتسم الوالد لأنه تيقن أن سعداً قد نجا، ولما عاد سعد ورآه والده من بعيد قال: "جاء سعد الذابح"

المخرج المسرحي "زكريا مينو" يفصّل احتفالات طقوس الشتاء التي تستمر لمدة 90 يوماً، بقوله: «تقسم احتفالات الشتاء إلى قسمين؛ الأول: يسمى "المربعانية"؛ وتبدأ من 21 كانون الأول حيث أقصر نهار، وتنتهي يوم 30 كانون الثاني، ومدتها 40 يوماً. القسم الثاني: "الخمسينية"، وتبدأ في أول شباط، وتنتهي في 22 آذار، ومدتها 50 يوماً.

الأديب راغب طليمات

في "المربعانية" يهتم عامة المواطنين بها ويأملون بقدومها بدء التباشير بموسم مطري لكونها تعد البداية الحقيقية لفصل الشتاء؛ الذي يستمر ثلاثة أشهر، وتشير تقارير الأرصاد الجوية أن أربعينية الشتاء تعدّ من أكثر أيام السنة برودة وأمطاراً، وتصل درجات الحرارة في بعض المناطق خلالها إلى ما دون الصفر، وتعدّ ليلة بداية "المربعانية" أطول ليلة في السنة بالنسبة لنصف الكرة الشمالي، وبالتالي النهار الأقصر. أما خمسينية الشتاء فتبدأ من اليوم الأول لشهر شباط، وتنتهي بتاريخ 21 آذار، وتقسم إلى أربعة أقسام هي: "سعد الذابح"، و"سعد السعود"، و"سعد بلع"، و"سعد الخبايا"، ولكل اسم معنى خاص بالمدة الزمنية له، وتنسجم في الأغلب مع الواقع، حيث تشتد البرودة في "سعد الذابح"، وتبدأ "الخبايا" بالظهور في "سعد الخبايا" مع بدء ارتفاع درجة الحرارة».

ويتابع: «يروى عن سبب هذه التسمية لـ"السعود الأربعة" أن جماعة قد خرجت للغزو، وفيها شخص اسمه "سعد"، فهبت عاصفة ماطرة شديدة البرودة، ولم ينجُ منهم إلا شخص واحد، ولما رجع إلى قومه سأله والد "سعد" عن ابنه، فأجاب: لقد ذبح "سعد" ناقته واختبأ بداخلها لشدة البرد، فابتسم الوالد لأنه تيقن أن سعداً قد نجا، ولما عاد سعد ورآه والده من بعيد قال: "جاء سعد الذابح"».

المخرج المسرحي زكريا مينو

الباحث "زياد حمادي" يضيف حول أبرز أمثال هذه الطقوس وعاداتها من خلال مشاهداته ومعاصرته للمجتمع الحمصي؛ الذي بدأت عاداته تنخفض تدريجياً بقوله: «تعود تسمية "السعود الأربعة" إلى عدة روايات من قبل أجدادنا، ومنها ما فسر كلمة "من شدة البرد سعد بلع"؛ أي إن الماء يبتلع الماء ولا يحدث طوفان. أما "سعد الخبايا" (فتتفتل فيه الصبايا.. وتخرج من وكرها "الحيايا") أي الأفاعي. وكلمة "سعد السعود" حيث يدب "الماوية" بالعود، إضافة إلى أمثال شعبية يرويها المعمّرون، ومنها: "أيلول ذنبه مبلول"؛ أي في أواخره تتساقط الأمطار، و"بتموز تغلي الماء في الكوز" نظراً إلى حرّ الصيف».