اعتاد الريفيون في قرى ريف "حمص" الغربي بناء موقدة حطب والطبخ عليها، وتناقلوها كعادة تراثية من دون معرفة المصدر الأساسي لها، وأخذت تتطور فأصبحت تضم الكثير من الأكلات، وخاصة التي تحتاج إلى وقت طويل في الطهي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 آب 2015، المزارع "علي العلي" ابن قرية "الحيصه"؛ ليحدثنا عن هذه العادة المتوارثة، ويقول: «منذ كنا صغاراً اعتدنا وجود عدّة الطبخ على الحطب في بيتنا وأغلب بيوت القرية، وكانت طقوس الطبخ على الحطب متداولة عبر مئات السنين، حيث لا يوجد تاريخ محدد لهذه العادة التي أصبحت تقليداً فيما بعد، حيث يتم الطبخ على موقدة مصنوعة من "اللبن والتبن" أو الطين، بشكل دائري لها فتحة من الأسفل للتهوية كي تبقى النار مشتعلة، ويتم تزويدها بالحطب باستمرار حتى تنتهي الطبخة وتصبح جاهزة.

هناك عدة طرائق لاستخدام الحطب، وأبرز الأنواع هي "الجلة"، وهي مصنوعة من فضلات البقر تحديداً، المعروف بـ"قرفوش الجلة"، وحطب "الجلة" هو عبارة عن أقراص دائرية تعطي جمراً كبيراً للموقدة أكثر من الأنواع الأخرى المأخوذة من أغصان الأشجار، ويعد سماداً طبيعياً أيضاً يجمعه الفلاحون ويتركونه حتى يصبح خشناً، ويبدؤون جمعه صيفاً ليستخدم كمؤونة للشتاء؛ بسبب الجو الملائم صيفاً، أما في الشتاء فالأمطار والمياه لا تساعد على جمع الحطب

للأمثال الشعبية مكان في طقوس الطبخ على الحطب أبرزها مثل شعبي انتشر في المنطقة؛ وهو: "نارو ما تطفي"؛ وهو كناية عن كرم صاحب الموقدة بفعل بقاء تزويدها بالحطب باستمرار، وهو مستخدم حتى الآن بين سكان الريف والمدينة على حد سواء، ولا تقتصر عادة الطبخ على الحطب بالأكل فقط، بل يجتمع سكان القرية على أكلة معينة يتفقون عليها مسبقاً ويكون موسمها، بحسب حصاد الأرض، وتقوم النساء بتجهيز الأكلة والرجال يجهزون الحطب ويبقون النار في حالة اشتعال حتى انتهاء الطبخة.

علي العلي

ومع أن الموقدة موجودة لدى أغلب بيوت القرية، إلا أنه في حالة شخص ليس لديه موقدة، يمكنه استخدام أي موقدة حطب في القرية، فهي لا تقتصر على استخدام صاحب المنزل، كدليل على التعاون الاجتماعي بين الأهالي على مدى سنوات كثيرة، ودليل على أن القرية عبارة عن عائلة كبيرة».

للحطب أنواع وطرائق محددة يحدثنا عنها "العلي" ويقول: «هناك عدة طرائق لاستخدام الحطب، وأبرز الأنواع هي "الجلة"، وهي مصنوعة من فضلات البقر تحديداً، المعروف بـ"قرفوش الجلة"، وحطب "الجلة" هو عبارة عن أقراص دائرية تعطي جمراً كبيراً للموقدة أكثر من الأنواع الأخرى المأخوذة من أغصان الأشجار، ويعد سماداً طبيعياً أيضاً يجمعه الفلاحون ويتركونه حتى يصبح خشناً، ويبدؤون جمعه صيفاً ليستخدم كمؤونة للشتاء؛ بسبب الجو الملائم صيفاً، أما في الشتاء فالأمطار والمياه لا تساعد على جمع الحطب».

مها حجك

أهم الطبخات على الحطب والمعروفة من عشرات السنين وحتى اليوم هي "القمحية" و"شليخنة"، وهي عبارة عن برغل وبندورة، أو "برغل بحمّص"، تحدثنا عنها "مها حجك" وهي من سكان قرية "الكمب" وتقول: «وهناك أكلة "السماط" وهي "منسف" أرز مع برغل ولحم، وتطبخ على الحطب، لكونها تستغرق وقتاً وتكلف مادياً أكثر في حال استخدام وسائل أخرى للطهي، وتعد من أكثر الطبخات شهرة في المنطقة على موقدة الحطب، إضافة إلى أكلة "السيالة" من أنواع الحلويات وهي عبارة عن سمن وسكر وطحين ومكسرات أحياناً، توضع في صدر وتطبخ عليها، كما تستخدم موقدة الحطب لسلق بعض الخضار مثل الباذنجان حيث توضع في وعاء كبير يسمى "الدست"، وذلك خلال صناعة "المكدوس"، كما تستخدم لشواء عرانيس الذرة، وإعداد خبز المناقيش».

يذكر أنه تراجع استخدام الموقدة في العصر الحالي، لكن بفعل الظروف المعيشية الصعبة عاد استخدامها حتى في المدن، بعد أن كان أهالي المدينة يزورون الريف لتذوق طبخات الحطب والتنور.