في أحياء مدينةِ "حمص" القديمة، أنشأ أهالي المدينة منذ القدم، عدداً من المنشآت العمرانية للوصل بين أبنيةِ الحي الواحد، والتي باتت تعرف اليوم باسم "السيباطات".

و"السيباطات"، جمعٌ مفردهُ "سيباط"، كما هو متعارف عليه باللهجة المحلية لأهالي مدينة "حمص"، حيث أكد بعض الكتاب أن أصل هذه الكلمة يعودُ إلى اللغةِ الفارسية، وتعني الظل والحماية والملاذ الذي يقي الثياب من المطر.

أصبحت السيباطات طابعاً تتميز به أحياء مدينة حمص، كما أنها باتت عاملاً للتميز والتعريف بالأحياء التي توجد فيها، وما يزيدها جمالاً تلك النقوش التي تزينها، وتضفي عليها طابعاً معمارياً مميزاً

وللتعرف أكثر على السيباطات، تحدثت مدونة وطن "eSyria" إلى الشاب "محمد غنوم" من أهالي المدينة، والذي قال: «أصبحت السيباطات طابعاً تتميز به أحياء مدينة حمص، كما أنها باتت عاملاً للتميز والتعريف بالأحياء التي توجد فيها، وما يزيدها جمالاً تلك النقوش التي تزينها، وتضفي عليها طابعاً معمارياً مميزاً».

صورة تاريخية لأحد السيباطات

الكاتب "محمد فيصل الشيخاني" ذكر في كتابه "حمص عبر التاريخ": «أن السيباط هو بناءٌ يصلُ بين طرفي طريقٍ أو زقاق أو بنائين ويستفاد منه للوصول بينهما، ويبنى على الأغلب من الحجر العقد، وهو يتخذ شكلاً مستقيماً، كما يتخذ في بعض الأحيان شكلاً متصالباً يصل بين تقاطع أربعةِ أزقة، كما في سيباط "بيت القاضي" الذي تبنى عليه عدة حُجرات، وتسمى هذه الحُجرات "الشرفة" كما في أبنيةِ الأندلس القديمة ، حيث كانت محط اهتمامٍ، وتزين بالنقوش والمقرنصات.

يبلغ عدد السيباطات في حمص عشرينَ سيباطاً، يوجد معظمها بجانبِ دورِ العائلات الكبيرة كسيباط "بيت الجندلي"، و"بيت القاضي" في حي "باب الدريب"، وسيباط "آل الدروبي" في صليبة الغفيلة، وسيباط "بيت الجندي" في حي "الفاخوري" قرب مقام أبو الهول، وسيباط "بيت الأديب" في ظهر المغارة وسيباط "بيت الصوفي" و"بيت الترجمان" في حي باب هود وسيباط "بيت البواب" في باب تدمر».

سيباط الاتاسي

شيخاني أضاف أيضاً في كتابهِ: «كانت السيباطات في حمص تسمى غالباً باسم العائلة التي بنتها أو سكنتها، كسيباط "بيت الدروبي"، وهو سيباط قصير في طوله، تعلوه قاعة لها نوافذ من الجهة الشرقية، وبنيت من الحجر الأبلق، بأقواسٍ متصلة بنهاياتها بين كل نافذة وأخرى، وتعلوا النوافذ نوافذ أخرى صغيرة، تسمى (طاقات) وهو ما يزيدُ من جماله ويمنحهُ خصوصية مميزة.

وهناك أيضاً سيباط "الخانكان"، يقع غربي جامع "البازرباشي"، وهو من السيباطات القديمة والموصولة إلى أزقة في غاية الضيق والتي تتفرع بشكل متعرج لتضم بيوتاً كثيرة مع محلات ومستودعات، وأيضاً سيباط "آل الجندي" الذي يقعُ في المنطقة الغربية شرقي جامع "النوري" الكبير، ويعودُ بناؤهُ إلى القرن التاسع عشر».

سيباط الدروبي

ويتابع: «سيباط "الأتاسي" المقام بمنطقة باب المسدود والزاوية يرى فيه القوس الأمامي وقد انتصبت فوقه حدرة بأبوب ونوافذ تنتهي بأقواس جميلة وقد استفيد من نمط البناء الحديث في عمل شرفة بدرابزين حديد تعود إلى بدايات القرن الماضي.

ومن السيباطات المشهورة أيضاً سيباط "القاضي"، ويعود تاريخه إلى أكثرَ من أربعمئةٍ وخمسينَ عاماً تقريباً، وهو السيباط الوحيد في سورية الذي يصل طوله إلى أكثر من /20/ متراً، ويقوم بتخديم عدة شوارعَ متصلة به، كما يحتوي على بلاطٍ رُمم من قِبل الدولة عدة مرات، وهو البلاط الأساسي له، أما البلاط خارج السيباط فهو عبارة عن كتل حجر دائرية».