هو سر الهي من أسرار الكنيسة، ويمارس كأحد الطقوس الدينية التي تعنى بإدخال الطفل المولود حديثاً الحياة المسيحية، فتقوم كل عائلة من أبناء الطائفة المسيحية بتعميد أولادها كختم لأيمانهم.

ففي محيطنا الشرقي تكثر المناسبات الدينية الاجتماعية، ولكن أهمها طقس "العماد" الذي يحرص أغلب الناس فيه على إقامة احتفالات وولائم كنوع من أنواع الفرح لدخول الطفل الجديد المجتمع المسيحي ولتحل عليه بركه الروح القدس.

كنا نسعى لتعميد الطفل باكراً لاعتقادنا بأن "الميرون" (الماء المقدس) يهدئ الطفل ويباركه ويطرد الأرواح الشريرة من حوله ليصبح هادئاً وديعاً سهل النوم وقليل الإزعاج، حيث يعمد الطفل بعد الشهر السادس من ولادته إضافة إلى اعتقاد آخر بأن تعميد الطفل يزيد من حظه في بقائه على قيد الحياة وحمايته من الأمراض

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7/4/2013 إحدى السيدات اللواتي تحضرن لعماد طفلها بعد حلول عيد الفصيح، هي السيدة "ليلى سمعان" مشيرةً بالقول: «يعتبر العماد عند أبناء الطائفة المسيحية من أحد الطقوس التي لابد منها لدخول الطفل الدين المسيحي ومباركته وليحل عليه الروح القدس كما حل على السيد المسيح أثناء عماده في نهر الأردن، والذي يعد خطوة أساسية لا بد من القيام بها في كل العائلات، فتحضير الملابس التي يفضل أن تكون باللون الأبيض كدليل على طهارة ونقاء الطفل بعد تغطيسه بالماء المقدس إضافة للشموع المزينة بما يدل على جنس المولود من ذكر وأنثى ترافقها الحلوى والهدايا الخاصة بالمناسبة والتي تعمل كل العائلة على تحضيرها يدوياً لإضفاء مزيد من البهجة للمناسبة».

جرن المعمودية

ارتبطت بعض الأفكار القديمة بهذا الطقس منها صغر عمر الطفل المعمد وغيرها، هذا ما تحدثت عنه الجدة "سمون خوري" بالقول: «كنا نسعى لتعميد الطفل باكراً لاعتقادنا بأن "الميرون" (الماء المقدس) يهدئ الطفل ويباركه ويطرد الأرواح الشريرة من حوله ليصبح هادئاً وديعاً سهل النوم وقليل الإزعاج، حيث يعمد الطفل بعد الشهر السادس من ولادته إضافة إلى اعتقاد آخر بأن تعميد الطفل يزيد من حظه في بقائه على قيد الحياة وحمايته من الأمراض».

ينتظر البعض تعميد طفلهم ليكون فرصة يجتمع فيها الأهل والأقارب مع الأصدقاء سواء ضمن الاحتفال الديني أو خلال الحفل الاجتماعي في الكنيسة الذي أصبح سمة مميزة في هذه الأيام مع وجود آثار له فيما مضى، وعن ذلك يتحدث المؤرخ الدكتور "يوسف الشامي" في كتابه "الحواش القلعة والوادي" قائلاً: «أتت النشاطات الاجتماعية المرتبطة بالطقوس الدينية منذ العهد العثماني حيث كانت العديد من القيود تفرض على الأهالي نتيجة لذلك انتقلت الاحتفالات إلى المنازل وأصبح يستفاد منها اجتماعياً، مع المحافظة على الجزأين الأساسين "للعماد".

الجدة سمون

وكان جميع أهالي القرية تقريباً يحضرون العماد بثيابهم الجميلة ومظهرهم اللائق إضافة لوجود كثير من الأطفال الذين يحملون الشموع مع باقي الحضور ليقومون بالدوران حول الطفل المعمد مع ترنيمهم لترانيم دينية جميلة، ويقومون بتهنئة أهل الطفل والأشابين بعد انتهاء "العماد"، مع تقديمهم هدايا من الذهب "كسلسلة، دبوس، سوار"، وفي بعض الأحيان يقدمون "عين زرقاء" على اعتقاد أنها تطرد الحسد وبعض الثياب وغيرها، أما ميسوري الحال فكانوا يحرصون على وجود احتفالية ضخمة للطفل بعد تعميده ويستمر ذلك الطقس حتى يومنا هذا».

أما الجانب الديني والذي يتضمن ناحية اجتماعية أيضاً فهي لزوم وجود "العرابين" (الوالدين الروحيين للطفل) ومهمتهما رعاية الطفل دينياً وتعليمه أصول دينية إضافة لأساسيات أخرى يتحدث عنها الأب "عبد الله قمز": «العماد يعني دخول الطفل المسيحية عن طريق تغطيسه 3 مرات بالماء للتذكير بالدفن والقيامة في اليوم الثالث للانتقال من حالة الرجس إلى الحالة الطاهرة، وتبدأ الطقوس بترانيم الصلاة الخاصة بالعماد ووجود الأشبين والأشبينة للطفل الذكر وأشبينة للأنثى ويشترط بأنهما مسيحيان يقبلان السر المقدس للعماد ويقوم الاشبينان بالدوران باتجاه الغرب ليلعنا الشيطان وبعدها يدوران نحو الشرق ويقولان اقبل السيد المسيح، ومن ثم يحمل الطفل من قبل الأشبين والأشبينة ويسمى بأسماء احد القديسين ليكون اسمه في الدين المسيحي، وبعد العماد يدهن الطفل بالزيت المقدس ويسلم للنساء ليقمن بإلباسه لباساً ابيض بعد استحمامه لتقرأ بعده صلاة تختم "العمادة".

الحلويات المزينة الخاصة بالعمادة

يتم تسجيل الطفل في سجل الكنيسة إذ يعد قد تنصر ويستطيع أن يتزوج وأن يكلل كنسياً، لأنه قديماً لا يوجد إلا الزواج الديني وإن كان الاسم غير مسجل في سجل الكنيسة فإن الرجل يعمد برشه بالماء المقدس قبل يوم من زواجه».