على الرغم من انتشار عدد كبير من المراكز التي تعمل في هذا النوع من الأعمال الخدمية، فإن "لنور الوادي" تميزاً يتمثل بالجولات الميدانية وزيارة الأطفال المعاقين ومرافقتهم إلى المركز، ومن ثم تعليمهم الحياة من ابسطها إلى اعقدها.

«نبحث عنهم في بيوت اختبؤوا أو خبئوا فيها نأخذ بيدهم ليملك كل منهم شخصية أقوى، وليستطيعوا بناء انفسهم في هذا المجتمع».

نبحث عنهم في بيوت اختبؤوا أو خبئوا فيها نأخذ بيدهم ليملك كل منهم شخصية أقوى، وليستطيعوا بناء انفسهم في هذا المجتمع

ذلك هو الشعار الأساسي لأسرة "نور الوادي"، التي قامت بزارتها مدونة وطن "eSyria" والتقت بتاريخ 3/2/2013 عدداً من العاملين في المركز للتعرف على وجه التميز فيما يقدمونه وبداية كان الحديث مع السيدة "نجوى حداد" والدة احد الأطفال والتي تحدثت بالقول: «كنت أراهم في المجتمع من حولي ولكن بشكل طفيف، ولم أكن أعلم أن القدر سيبعث لي بنعمة مختلفة عن نعم الآخرين، تمثلت بطفلي الصغير الذي له احتياجاته الخاصة عن باقي الأطفال، لها صعوباتها ولها كنوزها وخفاياها، تلك الكنوز التي احتاجت لمكان آخر يقدم العون للطفل والأهل في تربية وتنشئة ذوي الاحتياجات الخاصة وهو ما أمنه مركز "نور الوادي" لطفلي ولأقرانه من خدمات».

السيدة نجوى والدة اأحد الأطفال في المركز

للمزيد من التفاصيل عن حالة ابنها أضافت: «يعاني طفلي ذو السنوات العشر من "متلازمة داون" وهو مرض وراثي أصيب به طفلي منذ الولادة، وقد عانيت معه بعض الصعوبات لكونه يحتاج إلى نوع من التربية الخاصة إلا أنه يتميز أيضاً بكثير من الجماليات التي استطعت من خلال حياتي معه اكتشافها، ومن ثم أتى "نور الوادي" ليوفر المكان والجو المناسبين للتعليم والتربية الأفضل لابني فهم من بحثوا عني ولست أنا من بحث عنهم، عندما استقبلتهم في منزلي فوجئت بأنهم على علم بطفل ذي إعاقة يحتاج لما عرضوه من خدمات».

قبل افتتاح المركز قامت أسرته بالسؤال والبحث عن ذوي الاحتياجات الخاصة في قرى المنطقة وحددت زيارات ميدانية لهم لتطرح الرعاية والتعليم لأبنائهم، ومن ثم قابلية إنشاء المركز ونجاحه وعن ذلك تتحدث السيدة "جنفياف الشامي" مديرة المركز وأحد المساهمين بإنشائه: «نشأت فكرة المركز من خلال إيماني أن هؤلاء الأطفال لهم الحق كباقي الأطفال بالتعلم والعمل، وكنت أعمل على هذه الفكرة من خلال مدرستي التي أشغل فيها منصب مديرة، حيث نعمل على دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأطفال العاديين، ولكني كنت أحلم أن يكون لهم مركز خاص ولاسيما بعد تعلم بعضهم القراءة والكتابة، وكنت أفكر بأن يجد هؤلاء مهنة أو عملاً يتقنونه من أجل العيش وخاصة أنهم غير قادرين على التحصيل العلمي في مستوياته العليا».

السيدة جنفياف الشامي مديرة المركز

شاءت المصادفات أن تلتقي السيدة "جنفياف" مع الدكتور "ألبير عبد المسيح" الذي يملك تجربة في هذا العمل من خلال مركز "الأرض" لتصبح الفكرة حقيقة وهنا تقول: «بعد اكتمال الحلقة بدأ العمل بتدريب الكوادر وتجهيز المركز واستقدام الخبرات وإقامة دورات تدريبية للمدربات واختيار الأفضل بينهن، وتم تجهيز المركز بالوسائل والأدوات والأثاث المناسبة للمناهج ولطبيعة الطلاب ليكون المركز مجانياً لكل الطلاب، وهو ضمن رعاية مطرانية "عكار للروم الأرثوذكس"».

يتميز المركز باعتماده نظام المدارس التعليمية ولكن بطريقة تناسب إعاقة كل طفل مع التركيز الكبير على الحياة الاجتماعية وبذل كل ما يمكن لدمجهم مع مجتمعهم، تتابع: «نعمل على تأهيل الطلاب من ناحية العناية الشخصية والاجتماعية، وتدريبهم من الناحية الجسدية لاستخدام أجسامهم، والتعلم الأكاديمي أي تعليم القراءة والكتابة، وتدريبهم على عمل معين والأهم من كل ذلك هو تطبيق هدف المركز الأول أي الدمج من خلال الزيارات المتكررة لطلاب المدارس، وزيارة طلاب المركز للمدارس والنوادي الاجتماعية، وقبل كل ذلك يخضع الأطفال المتقدمين للمركز لفحص طبي لتشخيص حالتهم ثم تقوم المرشدة الاجتماعية بإعداد تقرير اجتماعي عن الحالة الاجتماعية وبالتالي وضعه في صف مناسب لعمره العقلي وليس الزمني، ويستقبل المركز حالات الإعاقة الضعيفة والمتوسطة وليس الشديدة».

سهيلة سكرية (مشرفة )

أما المدربة "سهيلة سكرية" فتحدثت عن طبيعة عملها بالقول: «اختصاصي هو تدريب أشغال للذكور المراهقين بما تتضمنه من أشكال وألوان وتدريب على الصناعات البسيطة كالنجارة، وهي وسائل لتنفيس طاقاتهم بأوجه مفيدة، ويتم تدريب كل طفل حسب معرفته السابقة، وبالتالي إكسابهم معلومات تساعدهم في حياتهم وبناء شخصيتهم من الداخل والخارج».

ترى المدربة "سهيلة" أنها تعمل في عالم له نكهته المميزة على الرغم من صعوبته البالغة وهذا ما أكدته مشرفة المركز "جميلة فرح": «نعمل مع مجموعة مميزة من الأطفال نحتضنهم ونحاول أن ندعمهم ليتجاوزوا الفرق بينهم وبين الأطفال العاديين والعكس صحيح، ومع اهتمامنا بالفتيات في سن المراهقة وهو سن حساس بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة كما الطبيعيين نعلمهم التطريز والخياطة لتوفير مصدر رزق لهم في المستقبل، إضافة لوجود وسائل كاللوح الخشبي الذي يعلقون عليه صورهم لتعزيز شخصيتهم وإعطائهم الثقة بالنفس وغيره الكثير من الوسائل».

من الجدير بالذكر أن مركز "نور الوادي" يقع في قرية "عين العجوز" إحدى القرى "وادي النضارة" وهو مركز حديث الإنشاء ومجهز بأحدث الوسائل مع وجود خطوات مستقبلية ستتضمن إدخال صناعات جديدة يستطيع طفل المركز إتقانها والقيام بنشاطات وحفلات موسيقية وفنية يؤديها الطلاب.