كثُر الحديث عن الدراجات النارية في الصحف اليوميُة وكانت أكثر المقالات والتحقيقات التي تشير إلى الجانب السلبي الذي تسببه هذه الآلة الميكانيكية الصغيرة من أذيّة للمواطنين باعتبارها آلة تقض مضجعهم، وتزرع الخوف في قلوبهم، لهذا قمنا بالتحدث إلى سائقي الدراجات الناريّة لنوصل آراء الناس وتخوفاتهم لهم ونعرف ردود فعلهم حول هذه الانتقادات...

حسان أبو جنب (سائق دراجة نارية) يقول: "يتهموننا بأننا نجوب الشوارع ليلا ً وأنّ دراجاتنا تصدر أصوات مزعجة للنيام وخاصة الأطفال، وأنا أقول لك إنني وأصدقائي ممن يركبون الدراجات النارية نحاول عدم استخدام الدراجة ليلا ًحفاظا ًعلى راحة الجوار، كما أننا نكره الشاب الذي ينزع كاتم الصوت فتصبح دراجته مصدرا ً للإزعاج ليلا ًونهارا ً بهديرها العالي وننظر إليه نظرة ازدراء كبيرة، وأقوم وأصدقائي باستخدام الدراجة وفقا ً لمتطلباتنا اليومية فهي وسيلة جيدة تنقلنا إلى أماكن عملنا بسرعة ويسر خاصة أنني أسكن ريف المحافظة، والوصول إلى وسائط النقل العامة والخاصة يتطلب مني الخروج قبل فترة طويلة والانتظار حتى وصولها وهذا صعب للغاية خاصة في فصل الشتاء، لأنك تعرف أنّ انتظام هذه الآليات على الخط وتقيدهم بمواعيد السير هو أمر صعب لذلك أجد أنّ أفضل وسيلة للنقل هي دراجتي الآلية النظامية والمرخصة عند المرور، وأنا أحمل رخصة قيادة دراجة آلية صادرة عن فرع المرور، وألتزم بكافة قواعد السلامة الطرقية والشخصية".

علاء دريبي (سائق دراجة ) يقول: "أنا أحبّ الدراجة النارية وأهوى الركوب عليها لأنها تشعرني بالحرية الكبيرة، لكنني هذه الأيام أصبحت أكره نظرة الآخرين إلينا وخاصة النساء اللواتي لا يعرفوننا جيداً، فهنّ عندما يسمعنّ صوت دراجة آلية يدبّ الذعر في قلوبهن ويقفزنّ على الرصيف رغم أنّ الدراجة الناريّة لا تأخذ مساحة كبيرة في الشارع كما تفعل السيارات عامة، إلا أنهن يخفنّ من الإزعاج الغير أخلاقي الذي قد يسببه بعض المستخدمين السيئين لهذه الآلة المفيدة كالتحرّش بالفتيات والنسوة، أو سرقة حقائب اليد التي يملكن، وهذا ما يجعلني أقود دراجتي عند الذهاب إلى الحقل فقط، وأتجنب قيادتها في الشوارع العامة لأنني أكره تلك النظرة التي تُشعرني بأنني مراهق صغير أو لص يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على الفرائس".

سائق دراجة من قرية زيدل قال لنا: "ما إن نكبر وتتفتح أعيينا على هذه الدنيا حتى نجد الدراجة الناريّة في المنزل رفيقة لنا تلبي لنا الطلبات وتختصر المسافات، لدرجة أستطيع أنّ أقول لك فيها إن ّ كل منزل في القريّة لا يكاد يخلو من هذه الآلة الصديقة حتى وإن كان صاحب المنزل ميسورا ً ويمتلك سيارة أو حتى شاحنة... يبقى للدراجة النارية ركنٌ أساس في البيت فهي اقتصادية ومفيدة لطرقات البلدة والأماكن الغير معبّدة والتي يصعب الوصول إليها بالسيارات، وإنّ أجمل هديّة يمكن أن يستقبلها الشاب في القرية عند نجاحه في الشهادة الثانوية هي الدراجة النارية، وإن شباب القرية جميعهم يجيدون قيادة الدراجة منذ الصغر، ومن المعيب أن يصبح الشاب يافعا ً ولا يعرف قيادة الدراجة".

أيهم العلي ( سائق دراجة) يقول: "أحبّ قيادة الدراجة الناريّة يوميا ً لكنني أكره الشباب المندفع الذي يقود الدراجة بجنون ويضع حدا ً لحياته ويعرّض حياة الآخرين للخطر، فالدراجة الناريّة رغم تلبيتها لمتطلباتنا اليومية إلا أن سوء قيادتها واستخدامها بشكل سيء ومعيب وبسرعات عالية دون تدارك الخطر المحدق الذي يقف وراء تلك السرعة يجعلني أتردد في اقتناء إحدى هذه الدراجات ووضعها في المنزل، لخوفي على أولادي الذين يعيشون هذه الأيام مرحلة المراهقة ويسرعون في كل شيء، فأخاف عليهم من هذه الآلة وعلى أطفال العائلات الأخرى".

أخيرا ً لا نستطيع أنّ ننكر فضل هذه الآلة الصغيرة والاقتصادية على حياة المواطنين وتنقلاتهم وخاصة في الريف، حيث أن باستطاعتها تلبية متطلباتهم في زمن غياب وسائط النقل العامة التي تشكل اليوم أزمة حقيقية في حركة السير بالمدن الكبيرة، لكن يجب استعمال هذه لآلة بشكل لائق ووفقا ً للأنظمة والقيود والقوانين المتبعة، وليس استخدامها بشكل يسيء إلى راكبيها أو حتى مقتنيها كالاستعراضات البهلوانية التي يقوم بها المراهقون الشباب خاصة عند خروج فتيات المدارس من مدارسهن، لأن الأمر بات يتعدى الخسارة الاقتصادية الناتجة عن حوادث سير الدراجات الناريّة، وأصبح يتعلق بالخسارة الأكبر وهي خسارة الروح البشرية والإنسانية وهي الأغلى بالتأكيد.