يطلق البعض عن جهل على هذا المرض اسم منغولي لأن الطفل في ذلك يشبه المنغولين في شكلهم وفي الحقيقة هذه التسمية ليست صحيحة وتسعى الجمعيات المختصة بمحاولة توعية وتصحيح دائم للأهالي باستبدال هذا المسمى الذي يصيب الأهالي بالخوف والذعر عند ذكره، والتسمية الأصح هي أطفال الداون سيندروم نسبة للطبيب الإنكليزي داون الذي اكتشفه ومعناه (متلازمة داون).

إن فئة متلازمة الداون من الفئات الخاصة التي تتفاوت بين أفرادها العيوب الجسمانية والإعاقات الجسدية من ناحية التواجد والشدة ولكن يحتاج جميع الأطفال من هذه الفئة لرعاية خاصة منذ اليوم الأول للولادة وتشير الإحصائيات العالمية الجديدة إلى أن طفلاً واحداًَ من بين كل 600 إلى 800 طفل يولد بمتلازمة الداون.

وفي كل الحالات فإن الأرقام تدل على وجود نسبة من الأطفال بحاجة للتدخل المبكر والبرامج المتخصصة في التعليم والتأهيل لتمكينها من المشاركة الفعالة في المجتمع. وفي محافظة حمص هناك عدد من الجمعيات الإنسانية وبعض المبادرات الأهلية التي تدعم وتهتم بهؤلاء الأطفال وترعى شؤونهم. ولكن مازال هذا الاهتمام في بدايات التأسيس نظراً للعديد من الظروف المختلفة التي يمكن أن تعيق هذا العمل وبعض المفاهيم الخاطئة التي يمكن أن تندرج في سياق هذه الحالة الاجتماعية الشديدة الحساسية.وتعد جمعية رعاية الطفل في حمص من أهم الجمعيات التي ترعى هؤلاء الأطفال ولديها الآن مركز خاص متكامل يعمل على تأهيل وتعليم الأطفال وتدريبهم وتنمية قدراتهم وفق رؤية مستقبلية تسعى للوصول بهم للعيش في المجتمع وفق أفضل السبل الممكنة يسمى (روضة الطفولة السعيدة).

eHoms زارت مقر المركز في حي الوعر والتقت بمديرة المركز، وبالسيدة المؤسسة لهذه الروضة فقدمتا لنا شرحاً مفصلاً عن بدايات التأسيس وآلية العمل والنشاطات المتنوعة التي تقوم بها روضة الطفولة السعيدة بحمص.

السيدة سحر الأخرس مؤسسة المركز قالت لنا: " لقد بدأنا كمجموعة من الأمهات اللواتي لديهن أطفال مصابون بالداون سيندروم وكنا نلتقي ونتبادل الخبرات في هذا المجال، لكن على مستوى البيوت، وحين عرضنا فكرة الانضمام لجمعية رعاية الطفل رحبت السيدة ساهرة الحسيني رئيسة الجمعية بهذه الفكرة وأعطتنا غرفة خاصة في الجمعية، وباشرنا نشاطنا الرسمي كجزء من جمعية رعاية الطفل منذ العام 1996، وفي عام 2000 انتقلنا للمقر الحالي الذي خصصته لنا الجمعية، وكان عندنا 12 طفلاً، وصلوا في هذا العام 2008 إلى 45 طفلاً."

وقالت السيدة مها داغستاني المديرة الإدارية في المركز:" لقد كنا مرتبكين في بداية العمل وعانينا العديد من المشكلات في وضع برنامج مناسب لهؤلاء الأطفال، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية ساعدتنا في هذا الموضوع، إضافة للمساعدات المختلفة التي قدمتها مؤسسة كريم رضا سعيد حيث وفرت لنا اتباع دورات تأهيل داخلية وخارجية في كيفية إدارة هذا النوع من المراكز".

وعن طبيعة العمل في روضة الطفولة السعيدة قالت السيدة داغستاني:" عملنا يقتضي في المركز على تطوير ذكاء هذا الطفل، الذي يملك القدرة على القيام بالعديد من الأعمال التي يقوم بها الشخص السوي.. والأطفال مقسمون إلى خمس فئات عمرية نقوم بتدريبهم وتأهيلهم في مجالات القراءة، الحساب، المحادثة، اللغة والتواصل، الرسم والموسيقى، التربية الدينية، العلوم والجغرافية، بالإضافة إلى الحاسوب والرعاية الذاتية، وتعويدهم على الاعتماد على الذات في طعامهم خلال فترة الطعام ونظافتهم وترتيب أسرتهم وحاجياتهم، ولدينا في المركز فريق عمل يضم عشر معلمات مدربات على كيفية التعامل مع أطفال الداون وتعليمهم."

كما يهدف المركز من خلال نشاطاته للعمل على زيادة التوعية فيما يختص بأطفال الداون سيندروم وتغيير النظرة السلبية من فبل البعض تجاه هؤلاء الأطفال، فهم أطفال ودودون ومحبون للمرح.

وفي هذا المجال أضافت السيدة داغستاني:" اتجهنا في المركز لفئات الأطفال والشباب وأقمنا العديد من اللقاءات والنشاطات بالتعاون مع فرع الطلائع، ولاحظنا نتائج مذهلة في تقبل الأطفال الأسوياء لأطفالنا ومدى السعادة التي كانت تغمر أطفال مركزنا بعد كل لقاء، وهناك بعض الأطفال يأتون لزيارتنا بشكل متواصل ويقدمون بعض الهدايا لأطفالنا."

وتشغل النشاطات الترفيهية الداخلية والخارجية على اختلافها حيزاً هاماً في برنامج عمل المركز، فضلاً عن مشاركة عدد من أطفال المركز في الأولمبياد الخاص بالمعوقين والتابع لفرع الاتحاد الرياضي حيث يتدرب البعض منهم خلال يومين في الأسبوع على رياضة كرة السلة، وألعاب القوى.

ومؤخراً ابتدأ المركز بالتعاون مع بعض الشركات ومتاجر الألبسة بتدريب الأطفال ذوي الفئة الكبيرة على بعض الأعمال التي تناسب وضعهم لتكون لهم عوناً في المستقبل.

وبالنسبة للموارد التي تدعم أعمال المركز والاهتمام الرسمي والشعبي أكدت السيدة سحر الأخرس "أنه بالإضافة للأقساط السنوية هناك مشاركة مستمرة في السوق الخيري السنوي، وإقامة بعض الحفلات الخيرية، وتبرعات أهل الخير. ودعم وتشجيع السيد محافظ حمص والسيدة عقيلته، ودعم مجلس مدينة حمص لجمعية رعاية الطفل عموماً ولروضة الطفولة السعيدة بشكل خاص".

وعن الطموحات والمشاريع المستقبلية أكدت السيدة مها داغستاني على أهمية تطوير العمل في مجال التأهيل المهني لهؤلاء الأطفال، والتدخل المبكر في مساعدة طفل الداون، وأوضحت أن جمعية رعاية الطفولة في حمص خصصت لها أرض كبيرة في حي الوعر وفي جزء من هذه الأرض سيخصص قسم لأطفال الداون سيندروم ليكون مركزاً للعمل مع هؤلاء الأطفال بشكل أكبر وعلى مستوى أشمل.