رفع اسم "سورية" عالياً في بلاد المغترب، وتحديداً اسم مدينته "حمص"، بنى هرماً أدبياً بصحيفته التي أصدرها لمدة 47 عاماً، من خلال علمه ومعرفته الواسعة في مجال السياسة والأدب.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 حزيران 2015، المهندسة "لودي عيسى" ابنة حي "الحميدية" في "حمص"؛ حيث ولد "عبد المسيح حداد" لتحدثنا عنه: «عرفت "عبد المسيح حداد" من خلال قراءتي ومتابعتي لتاريخ الحي، فقد عرف بين الأسماء المميزة في المدينة وخاصة بعد أن أصدر جريدة "السّائح" باللغة العربية التي أصبحت لسان الرابطة القلمية التي أسسها 1920 في "نيويورك"، واستمر في إصدارها حتى عام 1959 مع زملائه أعضاء الرابطة، من بينهم: "جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، ندرة حداد، رشيد أيوب، ميخائيل نعيمة، أمين الريحاني، نسيب عريضة، وليم كاتسفليس، فيليب حتّي، والمطران أنطونيوس بشير، وحبيب كاتبة"، وكانت الصحيفة في كل عام تُصدر عدداً أدبياً خاصاً يحمل إنتاج أدباء المهجر».

هو حقاً شاعر وناقد وأديب مبدع وصحفي بارز ووطني عربي أصيل، له مؤلفات أدبية واجتماعية متعدّدة، إضافة إلى افتتاحيّاته الرائعة لصحيفة "السائح" طوال 47 عاماً في مختلف شؤون الأدب والنقد والسياسة والاجتماع، و45 مجلّداً من الصحيفة ذاتها التي تمثِّل هرماً أدبياً بناه "حداد"

وتضيف: «زار "البرازيل" و"الأرجنتين" و"تشيلي" في أواسط عام 1948 ألقى خلالها سلسلة من المحاضرات في محافلها ونواديها، وقد عاش "عبد المسيح حداد" في ديار الغربة أكثر من نصف قرن لم ترَ عيناه أرض الوطن حتى عام 1960؛ حيث دعته الحكومة السورية لزيارة وطنه الحبيب "سورية" وذلك عند دعوة المهاجرين للعودة إلى وطنهم لبنائه، فكان "حداد" بينهم، حيث حلّ في مهبط رأسه "حمص" عزيزاً مكرَّماً».

مع أعضاء الرابطة القلمية في المهجر

وعن جوانبه الإنسانية والاجتماعية تقول: «عندما عاد إلى أميركا كان فرحاً بما رأى في وطنه من نهضة وتطور، وكان قد عمل على نشر ما انطوى من آثار الرابطة القلمية وكتب ذكرياته عن زملائه فيها في كافة المجالات، فأصدر كتاباً سمّاه "انطباعات مغترب" استعرض فيه تفاصيل رحلته إلى الوطن، كما قام بكتابة ذكرياته في مدينته "حمص" ونشرها في أميركا وتحدث فيها عن علاقاته مع جيرانه وأقربائه، كما وصفه جيرانه بأن همه كان الحفاظ على اللغة العربية والعمل على خدمتها وإقالتها من الجمود».

لكن لم تتحقّق أمنياته فتوفي مساء الخميس في 17 كانون الثاني 1963، ودفن في "نيويورك"، وأقامت له الجالية العربية هناك حفلة تأبين حضرها الدكتور "جورج طعمة" القنصل العام لسورية وممثل الجامعة العربية في "نيويورك" وأدباء المهجر.

المهندسة لودي عيسى

وفي لقاء "بهجت صيرفي" أحد أبناء الحي يقول: «"عبد المسيح حداد" من قامات الحي المعروفة، وقد تم اقتراح اسمه من قبل كبار الحي لتسمية أحد الشوارع، لكونه من الذين ساهموا في بناء تاريخ "حمص" مساهمة كبيرة وفعّالة وخصوصاً في المجالات الأدبية خارج القطر، ولكونه هاجر في الفترة التي شهدت هجرة كبيرة للعقول السورية إلى دول أميركا الشمالية والجنوبية حينها، حيث كانت مكتشفة حديثاً، ساعد ذلك أيضاً على بناء المدينة فكرياً وعمرانياً».

الكاتب والموثّق التاريخي "جورج رباحية" يتحدث عن السيد "حداد" في مقال له على موقع "حي الحميدية" بالقول: «هو حقاً شاعر وناقد وأديب مبدع وصحفي بارز ووطني عربي أصيل، له مؤلفات أدبية واجتماعية متعدّدة، إضافة إلى افتتاحيّاته الرائعة لصحيفة "السائح" طوال 47 عاماً في مختلف شؤون الأدب والنقد والسياسة والاجتماع، و45 مجلّداً من الصحيفة ذاتها التي تمثِّل هرماً أدبياً بناه "حداد"».

يذكر أنّ "عبد المسيح بن رشيد حدّاد" ولد في "حمص" سنة 1888، تلقّى علومه الابتدائية في المدرسة الأرثوذكسية، ثم انتقل إلى دار المعلّمين الروسية في "الناصرة" عام 1904 وتخرّج فيها، ثم عاد إلى "حمص" وتابع دراسته في المدرسة "الإنجيلية" ودرس اللغة الإنكليزية على يد الأستاذ "خليل الخوري" شقيق العلاّمة "فارس الخوري"، ثم عمل في تدريس اللغة الإنكليزية في مدارس "حمص".