رائد القصة القصيرة في سورية ورجل أعمال ناجح، أخلص لمبادئه ورسالته الأدبية، حمل بين جوانحه هموم وأحزان بيئته وترجمها إلى لوحات إبداعية رسمتها ببراعة أنامله الرشيقة.

هو "رياض نصور" الذي قال عنه الأديب "مالك الرفاعي": «كاتب عميق التجربة، امتاز أسلوبه باللغة الإشراقية والعاطفة الدفاقة، حمل من سمات الذوق والثقافة ما جعله قريباً من الناس حيث الهدأة والدعة والحب، فكان الصديق والوفي والمحب للوطن وأبنائه وترابه».

إنسان شديد الحساسية يتأثر بما يعانيه الإنسان المسحوق من ظلم وقهر كبت وتضييق وإرهاق

مدونة وطن eSyria تابعت بتاريخ 1/9/2013 ما كتبه الأديب "عيسى فتوح" في سلسلة كتاباته "عن الأدباء" عن الأديب الراحل "رياض نصور" حيث كتب:

رياض نصور 1953

«ولد "رياض شحادة نصور" في 29 تشرين الثاني 1923 بمدينة "حمص" من أب سوري وأم لبنانية، تلقى دراسته الابتدائية في الكلية الأرثوذكسية في حمص وبعد دراسته الثانوية انتقل عام 1948 للإقامة في اللاذقية حيث عمل بالتجارة التي لم تصرفه يوماً عن الكتابة في الصحف والمجلات ولاسيما مجلة " الأديب" اللبنانية التي حرص على قراءتها واقتنائها، وما أذكره أن "رياض نصور" كان أول من تعرفت إليه عندما انتقلت للتدريس في اللاذقية حيث كان محله التجاري ندوة أدبية يلتقي فيها نخبة من أصدقائه، ومازلت أذكر مكتبته الضخمة التي كان يتباهى بها وقد التصقت بسقف المنزل».

ويتابع:«اعتبر "نصور" الكتابة هواية لا احترافاً ومارسها في أوقات فراغه وفي أحد لقاءاته قال: «كنت أمارس الكتابة في أوقات فراغي على قلتها هارباً من ضجيج المقاهي والسهرات الصاخبة وجلسات ثرثرة لا أحبها، فبعد نهار متعب من العمل المرهق ادخل مكتبي أجلس مع كتبي ودفاتري المعتقة وأوراقي ويمضي الليل فأنام على المقعد أو في الفراش واستيقظ لأجد الكتاب في يدي».

رياض نصور 1966.

لم تكن الكتابة عنده ترفاً فكرياً بل التزاماً بقضايا الشعب والوطن ونقداً للعادات البالية والتقاليد والأعراف التي عفّى عليها الزمن وتخطاها، كتب بأسلوب متوتر حزين وألفاظ كأنها الجمر، وباح للورق بما تكنه نفسه القلقة، كان معظم أبطال قصصه من الناس البسطاء الطيبين المعذبين في الأرض والمشردين في الأزقة، أراد أن يقول من خلال أعماله القصصية إن العالم يغرق وهو على شفير الهاوية، وأن المحبة والرحمانية تتلاشى بين الناس وأن القسوة تخيم على الكون، لكنه دعا لأن يكون الحب هو سيد العالم وما من مجيب لهذه الأفكار النبيلة».

وعن أهم كتاباته يتابع:

«كتب القصة الواقعية والرمزية والسريالية، كان له ولع كبير بقراءة روايات تولستوي وديستوفسكي وغوركي، ولم يترك كاتباً عربياً مبدعاً إلا وقرأ له واقتنى مؤلفاته حتى غصت مكتبته بالكتب، بدأ بنشر قصصه عام 1947 وكانت أول قصة نشرها في مجلة " الدبور" اللبنانية بعنوان "الانتقام" لكنه لم يجمع هذه القصص في كتب حتى 1969، نتاجه تجاوز "300" قصة قصيرة وخمس مجموعا ت قصصية مطبوعة إضافة لثلاثة مخطوطات ورواية لم تكتمل، ومن إصداراته "أشباح المدينة، في الغابة، اللصوص وعروس البحر، الأقنعة، قصص الأيام، الحب الأول"، ترجمت بعض قصصه إلى لغات أجنبية وأذاع من محطات الإذاعات العربية عدداً من هذه القصص، ومع أنه كتب وأذاع الكثير من قصصه لكنه ترك عشرات القصص التي لم تضم في كتب وظلت مطوية في أدراجه إما لأنه لم يرض عنها، أو لأن انشغاله بأعماله التجارية حال دون نشرها بدليل قوله: «أنا أكتب القصة وأعيد كتابتها فإما أن أرضى عنها وأضمها إلى إحدى المجموعات المخطوطة أو اتركها تموت في أدراجي ولا أعود إليها ثانية، أما النشر فهناك عوامل عديدة تقف في وجهي منها ضيق الوقت وعدم تفرغي للأدب وانهماكي بأعمال مستمرة لا ترحم، إلى جانب العقبات التي تقف في طريق النشر».

من مؤلفات رياض نصور

أما عن أهم صفات شخصيته فقال: «إنسان شديد الحساسية يتأثر بما يعانيه الإنسان المسحوق من ظلم وقهر كبت وتضييق وإرهاق».

يذكر أن "رياض نصور" هو عضو اتحاد الكتاب العرب، شارك في مهرجانات أدبية وأمسيات متعددة، تم تكريمه في المركز الثقافي باللاذقية عام 1988 وكان عنوان التكريم "دراسات في تجربة رياض نصورالقصصية"، رحل صباح الخميس 2 شباط 2006 بعد صراع مع المرض وانقطاعه عن الكتابة.