سافر إلى "صوفيا- بلغاريا" لدراسة الفلسفة والاقتصاد السياسي فشده الأدب البلغاري إلى الدرجة التي عمل فيها على إعداد قاموس فريد للغات: "بلغاري- إنكليزي- عربي".

إنه الأديب "ميخائيل عيد" الذي كتب القصيدة الزجلية كما القصيدة النثرية.

لكن أول دواوينه الزجلية لم يصدر إلا عام 1970، بعد أن انتقل للعيش في مدينة "دمشق" 1969، وفي تلك المدينة التي احتضنته حتى آخر يوم في حياته بدأت رحلة النضج، وفيها تفتحت أعماله الزجلية "حكايات وغناني" 1970، و"ورقات من دفتر عمر" 1980، و"ورد وسنديان 2000

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 10/3/2013 الكاتب "عياد عيد" من أعضاء اتحاد الكتاب العرب وعضو هيئة التحرير في جريدة "الأسبوع الأدبي"، وهو الابن البكر للأديب "ميخائل عيد"، فقال: «لقد رأى والدي في الثقافة والإبداع وسيلته الوحيدة من أجل الحياة، لكن ذلك كان يحتاج إلى التصميم والإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تلين، كما تحتاج إلى الحب، فكانت دراسته متقطعة نتيجة القساوة التي عاناها في الحياة منذ نعومة اظافره، وقد كان الفضل في إتمام تعليمه لثانوية "ابن خلدون" التي لعبت دوراً رائداً في تنوير جيل بكامله شمل المناطق المجاورة كلها، وفي تلك الفترة تحديداً بدأت رحلته في قصور الأدب وكان الباب الأول الذي طرقه هو باب الزجل، حيث ألف أول أشعاره الزجلية منذ الصف الثامن، وللزجل في منطقة "المشتى" مكانة خاصة، فالناس يحبونه، ويرددونه، ويحفظونه، ويرى البعض أن مردّ ذلك يعود إلى سهولة اللغة المحكية، وإلى طرافة الزجل، وأحياناً إلى الإثارة التي ترافقه».

عياد عيد

وتابع: «ومن خلال ما كتبه في مقدمة كتابه الزجلي الأول تحت عنوان "حكايات وغناني" قال: "نشأت في وسط فقير بل فقير جداً إلى حد الإشفاق، إن أمي وأكثر من أهلي وأهل وسطي الذين أحببتهم كثيراً لا يفهمون حتى أشعاري التي لا غموض فيها إطلاقاً، إنهم يستسيغون الزجل وهم لا يقرؤون الصحف ولا يقتنون الكتب الحديثة. ولأن الجماهير في أغلبيتها لا تقرأ الشعر، ولأن الجماهير يجب ألا تحرم من الفن، ولأن الجماهير يجب أن تسهم في المعركة، ولأن الزجل بعض مني، لكل هذا لا أستطيع إلا أن أكتب الزجل».

وينهي "عياد عيد" حديثه قائلاً: «لكن أول دواوينه الزجلية لم يصدر إلا عام 1970، بعد أن انتقل للعيش في مدينة "دمشق" 1969، وفي تلك المدينة التي احتضنته حتى آخر يوم في حياته بدأت رحلة النضج، وفيها تفتحت أعماله الزجلية "حكايات وغناني" 1970، و"ورقات من دفتر عمر" 1980، و"ورد وسنديان 2000».

باسم عبدو

ويقول الأديب "سلوم درغام سلوم" عن زجلياته "ورد وسنديان": «هي من المجموعات الزجلية التي حملت الكلمة المدهشة، والصورة الرائعة، وضاهت أغلب القصائد الفصيحة، وقد قيلت بلغة شعبية سهلة محببة، فيها صدى العفوية وصورة الطبيعة ومثال في الزجل السوري الراقي، هذه المجموعة مختارة من تجارب الشاعر خلال أربعين عاماً، لذلك تجد التباين في النفس الشعري بين كل تجربة، على الرغم من الشموخ والصدق اللذين ضما المجموعة، وبعد أن قرأت هذه المجموعة أصبحت على يقين أن الشاعر الحقيقي المبدع، يجسد تجاربه باللون الذي ترتاح فيه نفسه إليه، لذلك نجد قصائد الشاعر "ميخائيل عيد" الزجلية لا تقل أهمية عن قصائده الفصيحة في البلاغة والبيان، والبديع، بما فيها من إدهاش شعري، ولغة سهلة مأنوسة، حيث اعتمد فيها العفوية، وأسقط الإنسانية على عناصر الطبيعة:

مرمغ شفافه الضوء / بالوردة الجوري

غلاف من مجموعاته الشعرية

قالت النحلة: ولو / غاير من الدوري.

ويتابع "سلوم" حديثه: «يختار الأوزان الخفيفة في بعض الأحيان، ويقترب شعره من المّوال "النايل" حيث تأتي الأشطر الأولى بقافية، والأشطر الأخرى بقافية ثانية كقوله في قصيدة "ذكرى":

تخطر ع بالك سمر / تخطر ع بالك مي

ينزل ع روحك مطر / تشرب شروشك مي

يطلع بليلك قمر / تجمع خيوط الضي

وتروح ترسم صور / بين الشمس والفي

وينهي حديثه قائلاً: «والشاعر "عيد" عنده الطاقة الإبداعية في أكثر من مجال، سواء في الزجل أو الترجمة والنقد الأدبي، وأدب الأطفال والشعر الفصيح، إضافة للفعاليات الثقافية في "سورية" عبر المهرجانات والأمسيات».

الأديب "باسم عبدو" أضاف: «ترسم العيون وهي تقرأ قصائد "ميخائيل عيد" سلسلة من الصور واللوحات، ونحن نرى تحت فيئها أنفسنا والطبقة التي ننتمي إليها، أو نرى أجزاء متناثرة على سطوحها، وبين خطوطها. هذه الصور التي تحركها الكلمات المطبوعة على الورق وثيقة الصّلة بأحاسيس البشر، والفقراء منهم خاصة، وكلما كانت الصورة أوضح، كانت فعاليتها وتأثيرها في النفس والوجدان أكبر، وتنبت أسئلة بين الصخور والأشجار والأمواج: كيف يضحك الجبل الصخري؟ كيف تضحك الأشجار اللاهثة؟ كيف تضحك موجات الخليج؟ أسئلة تحكي عن "جسر من الورود" يصل بين نهر الفرح الجاري في سرير القلب، ونهر الحزن الذي يبحث عن غيمة ومطر.. هذا هو جسر الورد، وهذه هي قصيدة الورد المتفتحة، رغم الدخان والأعشاب الغريبة... هذا هو الجسر الذي شيده ورصفه الشاعر. وردة وردة».

يشار إلى ان الشاعر "ميخائيل عيد" من مواليد "مشتى الحلو" عام 1936، خريج أكاديمية العلوم السياسية والفلسفية في "صوفيا- بلغاريا"، عمل في البناء وفي الكثير من الحرف والمهن المعروفة، ثم درّس في الثانويات الخاصة "الأدب العربي"، ثم رئيساً لتحرير مجلة "الطريق إلى الاشتراكية"، كتب الشعر والمقالة والزجل، من مؤلفاته "سفر" شعر 1977، "المزمار القصبي" قصص للفتيان 1979، "رماد الأحزان" شعر 1989، "أسئلة الحداثة بين الواقع والشطح" دراسة 1998، إضافة إلى العديد من المجموعات الشعرية وترجمات كثيرة عن البلغارية من الشعر والمسرح والرواية. توفي يوم الخميس 16 كانون الأول 2004 بعد معاناة مع المرض.