الزباء بنت عمرو بن الظرب بن حسان ابن أذينة بن السميدع السميعة المشهورة في العصر الجاهلي، صاحبة تدمر وملكة الشام والجزيرة

يقال إن أمها يونانية من ذرية كليوباترا ملكة مصر و يسميها الإفرنج زنوبيا.

كانت زنوبيا زوجة لأذينة سيد الشرق الروماني الذي امتدت سلطته على سورية وما يليها ولقب (ملك الملوك)، فاستأثر أذينة بسورية وسائر آسيا الرومانية، وكان كثيراً ما يحارب الفرس ويردهم عن بلاده، وكان إذا خرج إلى الحرب أناب عنه في حكومة تدمر امرأته زنوبيا، حتى قيل: إن ما وصل إليه أذينة من البراعة في القيادة والدراية في تعبئة الجيوش يرجع إليها.

ولما قتل أذينة تسلمت زنوبيا الحكم باسم ابنها وهب اللات، وكانت امرأة حديدية تميزت بالشجاعة و الطموح و الحزم والحنكة فى إدارة أمور المملكة النامية كانت سيرتها أقرب إلى سير الأبطال من سير النساء، فلم تكن تركب في الأسفار غير الخيل، ولم تكن تحمل في الهودج، وكانت تجالس قوادها وأعوانها وتباحثهم، وإذا جادلتهم غلبتهم بقوة برهانها وفصاحة لسانها، وكثيراً ما ضم مجلسها رجالاً من أمم شتى وبينهم وفود من ملوك الفرس والأرمن، وكانت عادلة بين رعاياها خصوصاً من العرب.

في مجالسها الاعتيادية كانت تدخل معها ابنها وهب اللات وعليها أفخر اللباس وعلى كتفيها المشملة القصيرة الأرجوانية، وعلى رأسها التاج، و عند استعراض الجند في الميادين تمر أمام الصفوف فوق جوادها وعليها لباس الحرب وعلى رأسها الخوذة الرومانية مرصعة بالدر والجوهر، فإذا رآها الناس في ذلك الموقف حسبوها آلهة من الآلهة العظام كما كان شائعاً في الأساطير اليونانية والرومانية.

كما أنها كانت تؤمن أنه لضمان موارد تدمر التجارية و الاقتصادية فيجب عليها حماية كل الطرق التجارية التى تمر بها القوافل، فقادت جيشها و احتلت ايمسيا "حمص" و درمشق "دمشق" ثم اتجهت جنوبا مكتسحة جميع المدن على حافات الصحراء السورية ووصلت بجيشها الى غزة و عبرت نحو مصر و دخلت بجيشها عاصمة مصر فاحتلتها في عام 271 م و لقبت نفسها و ابنها الشاب لقبين ملكيين هما "اوكستا" و "اوكستس" ثم أخذت تسعى لابنها بتثبيت عرشه وتقوية الدولة التدمرية. وبعد حين ساءت العلاقات بين الإمبراطور الروماني والدولة التدمرية، فأرسل الإمبراطور بعض الكتائب الرومانية لإعادة بسط النفوذ الروماني، ولكن زنوبيا حطمت هذه الكتائب وأولتها شر هزيمة.

القيصر الروماني أورليانوس الذي تغاضى في البداية عن زنوبيا، لم يعد بوسعه السكوت فزحف عليها بجيوشه الجرارة، ووصل تدمر وحاصرها حصاراً تاماً قضى على ما لدى التدمريين من المؤن ،لكن … في النهاية انتصرت الكميّة على النوعية ....وانكسرت زنوبيا.

وكان اللقاء بين زنوبيا وأورليانوس المنتصر... حيث عرض أورليانوس على زنوبيا التسليم لقاء شروط معتدلة: أن تنسب انسحاباً كريماً، وأن يحتفظ مواطنوها بامتيازاتهم القديمة. لكنها رفضت شروطه بإباء وشمم، وبعد أن استبد بها اليأس، حاولت الهرب ووصلت نهر الفرات إلا أنها وقعت في الأسر واقتيدت إلى أورليانوس وهو في ميدان القتال فأحسن معاملتها سنة 282م. ثم اقتادها معه إلى روما ولم يقتلها بل قتل بعض كبار قوادها ومستشاريها بعد محاكمة أجريت لهم في حمص وعلى أرجح الأقوال أن حياتها قد انتهت في منزل فقير في تيبور أعده لها اورليانوس، ولم يتحقق من طريقة وفاتها، إلا أن إحدى الروايات تقول إنها امتصت سماً وماتت به، أما بناتها فقد تزوجهن بعض أشراف الرومان.

زنوبيا ...حقاً كانت امرأة عظيمة بكل المواصفات البشرية القديمة والحديثة.