هو شاعر الشك والحيرة والبحث عن المجهول، وعلم من أعلام الأدب والمعرفة، ورائد الصحافة في المهجر، لقّبوه بسيبويه عصره لأنه تمكّن من الأدب العربي القديم، وهو أحد أبرز مؤسسي الرابطة القلميّة التي تأسست في نيويورك عام 1920.

ولد نسيب عريضة في مدينة حمص في آب من عام 1887، وكان لوالده وأعمامه معمل حياكة يضم بضعة أنوال.

تلقى دراسته الابتدائية في المدرسة الروسية المجانية في حمص وتخرج فيها بتفوق، ثم أُرسل على نفقة الجمعية الروسية- الفلسطينية إلى مدرستها الداخلية في الناصرة بفلسطين لتفوقه، ليتابع فيها دراسته الثانوية وهي المدرسة التي درس فيها الأديب ميخائيل نعيمة.

تابع نسيب دراسته الثانوية فيها مدة أربع سنوات (1900 – 1904) وحصل على الشهادة بتفوق أيضاً فرشح لإيفاده إلى روسيا لمتابعة دراسته العليا، ولكن بسبب نشوب الحرب الروسية اليابانية سنة 1905، عدل عن السفر وقضى سنة أخرى في مدرسة الناصرة، وفي هذه المدرسة أخذت موهبته الشعرية تتفتح.

هاجر إلى نيويورك عام 1905 طلباً للرزق وعمل في التجارة فترة قصيرة ثم انصرف إلى الشعر والأدب وأخذ ينشر مقالاته وأشعاره في جرائد المهجر مثل الهدى ومرآة الغرب، والسائح، ثم أسس في نيويورك مطبعة باسم (الأتلنتيك) عام 1912.

وفي عام 1913 أصدر مجلة شهرية أسماها (الفنون) وأعطاها الكثير من جهده وفكره، وكانت من أرقى المجلات الأدبية في المهجر، وحدّد نسيب هدف المجلة بقوله: سوف نقدم لقرائنا أحسن الكتابات العربية، هدفنا الأكبر هو أن نترجم إلى العربية أجمل ما في اللغات الأخرى. وقد ساهم فيها كبار أدباء المهجر أمثال جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد ووليم كاتسفليس وندره حداد وجميع أعضاء الرابطة القلمية.

لقد توقفت المجلة ثلاث مرّات لضائقة مالية وعدم مساهمة المشتركين بتسديد اشتراكاتهم. استأنفت الصدور سنة 1916 وصدر منها 16 عدداً حتى تشرين سنة 1917 ثم توقّفت وعادت إلى الظهور فصدر منها أربعة أعداد إلى أن توقفت نهائياً سنة 1918، وكان مجموع أعدادها 29 عدداً، فكانت صدمة عنيفة لنسيب.

لقد ساهمت الفنون مساهمة كبيرة في نهضة الأدب العربي الحديث. وعندما احتجبت ، أرسل نسيب رسالة إلى صديقه ميخائيل نعيمة قال فيها: لقد خسرت معركتي وسقطت آمالي حولي والآن وقد فرغ مالي وبخل عليّ المشتركون بما عليهم، فليس لي إلا أن أقف وقد وقفت ،ولا أدري أتتحرك قدماي أم تيبسان إلى الأبد.

وفي عام 1920 أسس نسيب مع رفاقه جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا إبي ماضي وندره حداد ورشيد أيوب جمعية الرابطة القلمية ،وتولى جبران رئاستها ونعيمة مستشارها، وعاشت الرابطة حوالي إحدى عشرة سنة.

بعد توقف مجلة الفنون، تسلم رئاسة تحرير جريدة (مرآة الغرب) لصاحبها نجيب دياب، ثم انتقل إلى جريدة (الهدى) لصاحبها نعوم مكرزل. وأثناء الحرب العالمية الثانية عمل موظفاً في مكتب الأخبار بالولايات المتحدة، أمضى فيه مدة سنتين ثم استقال واعتزل العمل لإصابته بمرض في الكبد والقلب.

أخذ في جمع قصائده ودفع بها إلى المطبعة إلا أن المنية عاجلته قبل أن يرى ديوانه النور، وكانت وفاته في 25 آذار سنة 1946، وكان الديوان لا يزال قيد التجليد. ثم نقلت رفاته إلى ضريح جديد في (بروكلن) سنة 1954 وأقيمت له حفلة تأبين كبرى.

وقد وصف ميخائيل نعيمة صديقه فقال: كان ممتازاً بأخلاقه فهو وديع، لطيف، خجول، دافئ اللسان لا يغتاب ولا ينم. وهذه الصفات رافقته حتى آخر حياته.

تزوج عريضة من نجيبة حداد شقيقة الصحفي والأديب عبد المسيح والشاعر ندره حداد ولم يرزق أولاداً.

مهرجان نسيب عريضة:

أقام المركز الثقافي العربي بحمص بتاريخ 11/4/1963 مهرجاناً لفقيد الشعر العربي نسيب عريضة، تحت رعاية وزير الثقافة آنذاك الدكتور سامي الجندي، في قاعة نادي الرابطة الأرثوذكسية، شارك فيه كل من السادة الأدباء: الدكتور سامي الجندي، عبد المسيح حداد ألقاها نيابة عنه عدنان الداعوق، ونظير زيتون، وميخائيل نعيمة، وشكري هلال، وعبد المعين الملوحي مدير المركز الثقافي آنذاك. وجميعهم أشادوا بموهبته الشعرية وغزارة إنتاجه وأدبه الوجداني.