من يقرأ للشاعر الراحل "عبد الباسط الصوفي" يدرك تلك الروح الحساسة التي سكنت جسد شاعر رقيق وتجرعت رتابة الزمن على قصر السنين التي عاشها...

ولد "عبد الباسط بن محمد أبي الخير الصوفي" سنة 1931م في مدينة "حمص"..

في دار أسرته بجانب جامع "آل الصوفي" بمحلة "ظهر المغارة"، ولما بلغ سن الطفولة أدخل المدرسة الابتدائية الخيرية الأميرية وهي مدرسة "المأمون" حالياً وبعد أن نال الشهادة الابتدائية سنة 1943م التحق بالمدرسة التجهيزية "بحمص" فنال الشهادة المتوسطة سنة 1946م والشهادة الثانوية سنة 1950م، ثم عين معلماً في مدرسة قرية "عز الدين"، ثم مدرساً للغة العربية في متوسطة قرية فيروزة وفي سنة1952م انتسب إلى المعهد العالي للمعلمين ونال شهادة الليسانس في الآداب سنة 1956م ثم واصل مهنته التدريسية في مختلف الثانويات في "دير الزور وحمص" حتى شهر شباط 1960م حين أوفدته وزارة التربية والتعليم في بعثة إلى "غينيا" لتدريس العربية فتوفي في "كوناكري" في 20 تموز سنة 1960م....

بعد سنة من وفاته صدر له ديوان "أبيات ريفية 1961م" عن دار الآداب بيروت...

حياة هذا الشاب في خطوطها الكبرى كانت حياة عادية لا تخرج عن حد المألوف، ولكن بقدر ما تحتوي هذه الحياة من رتابة ونمطية في الظاهر فهي غنية، جياشة، صاخبة في الداخل، وقد يعجب المرء عندما يطلع على الآثار التي خلفها هذا الأديب من خصب هذه الحياة- على قصرها- ومن عنفها وحيويتها..

مات "الصوفي" منتحراً في المستشفى الذي نقل إليها أثر إصابته بانهيار عصبي شديد سبقه عدة محاولات انتحارية مؤثرة، وقد نقل جثمانه بحراً ودفن في مسقط رأسه "حمص" بعد شهرين من وفاته.

خطوات حاسمة مشاها "الصوفي"، بصمات تجديدية لا لبس فيها ولا رجوع عنها وسم بها الشعر السوري، فكان جسر العبور لجميع من لحقوا به، مطوّرين أدواتهم الشعرية: كلمات، وصور، وعمرانية، مواضيع.... ولكن بقي "للصوفي" بين شعرائنا جميعاً تفرّد تجربته الوجودية.