يعتبر "الزعفران" أو ما يطلق عليه "الذهب الأحمر" من النباتات التي تستخدم في علاج العديد من الأمراض، كما أنه يستخدم في الأطعمة كمحسن للنكهات وكملوّن، والزعفران الجاهز غالي الثمن، ويباع بالغرام، فإنتاجه يحقق نفعاً اقتصادياً وربحية جيدةً للجهة التي تزرعه.

ويطلق على هذا النبات اسم "الذهب الأحمر" لكونه أفضل زراعة يمكن أن تنتجها الأرض وفقاً للتقارير الزراعية العالمية. وفي سورية نجحت بعض التجارب لزراعة هذا النبات، الذي لا تتجاوز عشر سنوات، حيث بدأت التجربة في بعض المراكز الزراعية المتخصصة واستطاعت أن تحقق نتائج إيجابية هامة على صعيد الإنتاج وعلى أثرها أقرت الدولة إدخاله كمحصول استراتيجي.

زراعة محصول الزعفران في سورية يبشر بالخير، وتؤكد تجاربنا الصغيرة التي قمنا بها بأنه محصول اقتصادي هام جداً وأن البيئة السورية مناسبة جداً لهذا النوع من الزراعة

ومن أول هذه المراكز التي بدأت تنفيذ تجربة زراعة وإنتاج الزعفران في سورية "مركز البحوث العلمية الزراعية" بقرية "جوسية الخراب"، الواقعة على الحدود السورية- اللبنانية بمنطقة "القصير" "40 كم جنوب غرب مدينة حمص".

المهندس "هواش جروس"

للتعرف أكثر على هذا النبات وكيفية زراعته وإنتاجه وآفاق هذه الزراعة في سورية، eHoms زار مركز البحوث العلمية الزراعية بقرية "جوسية الخراب" الزعفران والتقى المهندس "هواش جروس" مدير المركز فقال: «بداية الزعفران هو نبات بصلي من فصيلة السوسنيات، وموطنه الأصلي جنوب غرب آسيا، وتعد إيران وإسبانيا من أكثر الدول إنتاجاً له حيث تنتجان نحو ثمانين بالمئة من الإنتاج العالمي الذي يقدّر بثلاثمئة طن في العام، والجزء المهم بالزعفران هو أعضاء التلقيح التي تحمل اللون الأحمر وتسمى "المياسم" حيث تنتزع من الأزهار المتفتحة وتجفف في الظل ثم على شبكة دقيقة على نار هادئة وتحفظ في أوعية محكمة الإغلاق لكي لا تفقد قيمتها كمادة ثمينة، فهذا النبات الطبي الذي يساوي ثقله ذهباً، وقد نجحت تجربة زراعته في سورية نجاحاً باهراً».

وعن هذه الزراعة في سورية أضاف: «زراعة الزعفران في سورية بدأت في العام 2001 عندما أدخلت بوسائلي الخاصة عن طريق لبنان ألفي بصلة زعفران، وقمنا بزراعتها في المركز بعد إعلام وزارة الزراعة بذلك، وعندما ظهرت نتائج إيجابية ومبشرة بنجاح زراعة هذا المحصول في سورية تبنّت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية عملية الإكثار في مركز "جوسية الخراب"، وأخذت الدولة قراراً بإدخاله كمحصول استراتيجي، وتسعى حالياً وزارة الزراعة لتأمين كميات كبيرة من الأبصال لإجراء عملية التكاثر عليها بهدف نشر زراعته في مختلف المحافظات، وخاصة في القرى الفقيرة حيث يعتبر من المحاصيل الزراعية المربحة جداً، وزراعته بسيطة ولا تحتاج إلى خبرة زراعية طويلة».

عملية تنقية مياسم الزعفران وتجفيفها

وعن الجدوى الاقتصادية من زراعة الزعفران في سورية قال المهندس "جروس": «إذا تم إدخال هذا المحصول إلى سورية بشكل موسع فإنه يساهم في تشغيل أيد عاملة كثيرة، لكون محصول الزعفران يحتاج إلى عمالة يدوية فقط لعمليات الجني والتعشيب والخدمة، ويزرع في حيازات زراعية صغيرة جداً، فالدونم الواحد من الأرض يزرع فيه أكثر من /100/ ألف بصلة زعفران، وممكن أن ينتج هذا الدونم نصف كيلو زعفران في السنة الثانية من زراعته ويعطي مردوداً مادياً يقدّر بـ/200/ ألف ليرة سورية، كما أن احتياجات الزعفران من الماء قليلة جداً لكونه محصولاً شتوياً ويزرع في أنواع الترب السورية كافة وينمو في بداية الخريف وينتهي في شهر نيسان».

وعن موعد حصاد الزعفران وحجم إنتاج المركز منه قال المهندس "جروس": «عملية جني المحصول تبدأ منذ النصف الأول من شهر تشرين الثاني وتستمر حتى منتصف كانون الأول، وفي هذا العام حصلنا على أكبر إنتاج من الزعفران لأن عدد الأبصال بالمركز وصل إلى حوالي نصف مليون بصلة وتوقع أن يصل عدد الأبصال في الدورة الزراعية القادمة إلى أكثر من مليونين ونصف مليون بصلة لأن البصلة الواحدة تعطي سنوياً ما بين أربع إلى خمس بصلات».

نبات الزعفران حين يكون جاهزاً للقطاف

وخلال زيارتنا للقاعة المخصصة لفرز "مياسم" الزعفران وتجفيفه، والتي يقوم بها مهندسو المركز ومساعدوهم التقينا المهندس الزراعي "جرجس وهبي" رئيس دائرة بحوث البستنة في المركز والمشرف على فرز المياسم فحدثنا عن عملية الفرز هذه قائلاً: «بعد إحضار الأزهار من الحقول في الصباح الباكر نقوم بعملية قشر هذه الأزهار للحصول على مياسم الزعفران الحمراء التي تنقى من جميع الشوائب ويتم تجفيفها بوضعها في "منخل" خاص على مصدر حراري بحيث تصبح جاهزة للتعليب والتخزين مع العلم أن تجفيف الزعفران الطازج يفقده الكثير من وزنه، فكل 25 كغ منه تصبح بعد التجفيف 5 كغ فقط».

أحد المهندسين الزراعيين السوريين، وبمبادرة فردية منه أحضر معه من إحدى الدول الأوروبية كمية من أبصال الزعفران وزرعها في عدة مواقع سورية ونجحت تجربته نجاحاً كبيراً، فعن قصته مع الزعفران يقول المهندس "غسان رستم" في اتصال هاتفي معه: «زراعة محصول الزعفران في سورية يبشر بالخير، وتؤكد تجاربنا الصغيرة التي قمنا بها بأنه محصول اقتصادي هام جداً وأن البيئة السورية مناسبة جداً لهذا النوع من الزراعة».

وأضاف: «زرعت الزعفران في ثلاثة مواقع بسورية، الموقع الأول في الزبداني، والثاني والثالث في ريف حماة وكانت النتائج إيجابية ومبهرة، ففي منطقة الزبداني أعطت التجربة إنتاجاً مبكراً بالأزهار وكمية أكبر من الأبصال حيث البصلة الواحدة أعطت في العام الأول من زهرة إلى ثلاث زهرات وفي العام الثاني من أعطت من 3 إلى 10 زهرات أما في منطقة الغاب فحصلنا على حجم أكبر للأبصال مع كمية أكبر للأزهار».