عشق الرّسم واعتمد التبسيط في لوحاته، ورغم دراسته الأكاديمية للرسم وجنوحه لدراسة الهندسة لتتكامل أعماله، حافظ على نزعته التعبيرية لتضجّ ببراءة الطفولة، رسم مدينته "حمص" وشوارعها، ونال العديد من الجوائز، وطافت لوحاته أغلب البلدان العربية، والعديد من الدول الأجنبية.

التقت مدوّنةُ وطن "eSyria" الفنان التشكيلي "إسماعيل الحلو"، بتاريخ 18 أيلول 2020، ليحدثنا عن مسيرته الفنية، فقال: «تبلورت موهبتي وبدأت بالظهور في المرحلة الإعدادية، ليرعاها مدرس الرسم الفنّان التشكيلي "مصطفى بستنجي"، الذي يعدُّ من روّاد الحركة الفنية في "حمص"، التحقت فيما بعد بمركز الفنون التشكيلية في "حمص"، وتخرجت منه عام 1972، وبعد حصولي على الثانوية، درست الهندسة المدنية في جامعة "حلب"، ولم أتوقف عن نشاطاتي الفنية خلال وجودي في الجامعة، شاركت لاحقاً بكل معارض الفن التشكيلي المقامة في الجامعة، كان الفن هاجسي الأول خلال مراحل عملي الوظيفي، حتى أنهيت خدمتي الوظيفية، وتفرغت بشكل نهائي للفن والرسم، فكان مرسمي قبل الأحداث في حي "الميدان" بـ "حمص"، ونتيجة تدميره بسبب الأحداث، صنعت مرسماً صغيراً في منزلي، وكانت زوجتي الداعم الدائم لفني وموهبتي، وانتسبت لاتحاد الفنانين التشكيليين في "سورية"».

الزميل الفنان "إسماعيل الحلو"، يتميز بنتاجه الغزير المتميز، وفي المرحلة الحالية أرى نضوجاً وجمالية في تجربته

وعن أسلوبه والموضوعات التي تناولها، قال: «لوحاتي مستمدة من الواقع الحمصي القديم بما فيه من آثار، فلم أترك زاوية من زوايا "حمص القديمة" إلا وتركتْ أثرها في لوحاتي، ساعدتني مفرداتها، شبابيكها القديمة والقرميد، والحجر البازلتي في لوحاتي الحديثة، أما تداخل الحجر البازلتي، فأعطاني قوة للعودة إلى التبسيط والحداثة، وقد رسمت واقع الريف الحمصي غرباً وشرقاً، من خلال الرحلات الميدانية الجماعية، التي كنا نقوم بها من خلال فرع اتحاد الفنانين التشكيلين في "حمص"، وقد تأثرت كثيراً بالأسلوب العملي لأستاذي الفنان التشكيلي "أحمد دراق السباعي"، فأخذت منه مفرداته وتبسيطه للعمل، فبرزت في لوحاتي البساطة والإنسان، وكان للمرأة حضور في لوحاتي، فهي الأرض والزوجة، والحبيبة والأخت، فالمرأة هي العنصر الأول والأخير في كل عمل، وقد جسدتها برمزية الإنسان والحيوان، وبرغم انطباع آثار الحرب في داخلي، إلا أنني لم أستطيع تجسيدها بلوحات، ولا بدّ من أن تخرج لاحقاً».

الفنان التشكيلي عدنان المحمد

أما عن علاقته باللون، فقال: «تحتاج الألوان لوقت طويل من التعايش معها حتى نسيطر عليها، وما زلت حتى الآن أعمل بالعزيمة نفسها لكن بحداثة أكثر وأقرب للتبسيط الشديد، بحيث تكون اللوحة بغاية البساطة، فلا داعي خلال الرسم لعدّ أصابع الشخص المرسوم، وقد اعتمدت في لوحاتي المدرسة التعبيرية وجمال اللون، كان اللون المسيطر على لوحاتي الترابي ومشتقاته، لما له من خصوصية، واستشفّيت من جمال الوطن، العديد من اللوحات فلم يكن تركيزي على الأخضر، بل اعتمدت على جمالية التراب الأحمر المبلول، والحجر البازلتي الذي غطّته الأمطار، وكرست الأسود والأزرق في لوحاتي، واستوحيت من الحارات القديمة التكوين والتشكيل، وكان لدراستي الهندسة تأثيرٌ في أعمالي، فكان منظوري للوحة صحيحاً، وبالتالي كنت ألخص بسهولة لوحاتي».

وتناول مشاركاته قائلاً: «شاركت في جميع المعارض الجماعية في "سورية" منذ منتصف السبعينيات، ونلت الجائزة الثانية في التصوير من خلال مشاركتي بمعرض مراكز "الفنون التشكيلية" في "حلب" عام 1972، ونلت الجائزة الثالثة للتصوير في مهرجان "المزرعة الإبداعي الرابع" في "السويداء"، إضافةً إلى الجائزة الأولى للتصوير مناصفة مع الفنان "علي الخالد" في مسابقة "المرأة في عيون الوطن" عام 2002.

الفنان التشكيلي عون الدروبي

وأعمالي موزعة في محافظات القطر، وشاركت بالعديد من المعارض الخاصة في "لبنان" ولوحاتي موجودة في "مصر"، "السعودية"، "الإمارات"، "الخليج العربي"، "ألمانيا"، و"رومانيا"».

وتناول تجربته الفنان التشكيلي "عون الدروبي"، قائلاً: «الزميل الفنان "إسماعيل الحلو"، يتميز بنتاجه الغزير المتميز، وفي المرحلة الحالية أرى نضوجاً وجمالية في تجربته».

إحدى لوحاته

أما الفنان التشكيلي "عدنان المحمد"، فتحدث عن تجربة "الحلو"، قائلاً : «تمتاز لوحاته بنزعتها التعبيرية المبسطة، وهو يستمد موضوعاته من البيئة الشعبية، وعالم الطفولة التعبيرية المبسطة ذات الأشكال الهندسية، بتأثير من اختصاصه الأكاديمي.

ويستوحي الفنان مواضيعه الفنية من شوارع "حمص" و أحيائها، وأيامها التي تعيش في ذاكرته، منذ أن كان طفلاً يمرح في شوارعها وساحاتها وبساتينها، ويرى "إسماعيل" أنّ للفن دوراً فاعلاً ومؤثراً في المجتمع، أكثر مما يفعله الرصاص والقذائف، فالصور المحفوظة في ذاكرة الناس لا يمكن تدميرها وإلغاؤها، مهما حلّ من عنف وخراب في الواقع المحيط بالناس، ولقد رسم في لوحاته بعضاً من شوارع مدينة "حمص"، التي هي جزء من ذاكرة طفولته، والتي تأثرت بفعل أسلحة التخريب والإرهاب، والأنثى في لوحات "الحلو" مع ما يرافقها من رموز مثل: السمكة، العصافير، وطيور الحمام، هي وجه الخير والطيبة، والعطاء غير المحدود المتأصل في مدينة "حمص"».

وأضاف: «تتلمذ "الحلو" على يدّ الفنان الرائد "أحمد دراق السباعي"، ثم أقام عدداً من المعارض الفردية في "سورية"، كما أقام عدة معارض ثنائية مع الفنانة "سهام منصور" في محافظات القطر كافة.

و"الحلو" عضو مؤسس في جماعة "الكتلة واللون" وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين في "سورية"، وعضو أيضاً في "اتحاد الفنانين التشكيليين العرب"».

يذكر أنّ الفنان "إسماعيل الحلو" من مواليد "حمص" عام 1955.