الفنُّ التشكيلي حلمُها منذ الطفولة، تدربت وتابعت وتمكّنت من الرسم بمفردها، حتى استطاعت أن تترك بصمتَها المميّزة بأسلوبها الفريد والمميز، تنقلت بين السينما والرسم لتوصل رسالتها الإنسانية، فوصفها البعض بصاحبة اللوحة النظيفة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بالفنانة التشكيلية والمخرجة "سنا الأتاسي" بتاريخ 17 آذار 2020 لتحدثنا عن مسيرتها الفنية فجاء في حديثها: «أنا شغوفةٌ بالرسم منذ طفولتي وبدأت ممارسة هوايتي في عمر الأربع سنوات، كنت أتردد بشكل متكرر على نقابة الفنانين التشكيليين في "حمص" لأتابع كل الفنانين التشكيليين، درست "Graphic Design" وتخصصت في صناعة أفلام الـ"Animation" وتخرجت في عام 2013 من أكاديمية "أرينا" العالمية الهندية التي كان لديها فرعٌ في "دمشق"، وشغلت منصب مديرة قسم تصميم في إحدى الشركات، كما كان لدي شركتي الخاصة منذ عام 2004 والتي كانت تعنى بتصاميم الإعلانات والمنتجات، ثمّ درست دبلوم إخراج سينمائي في "المؤسسة العامة للسينما" وتخرجت في عام 2017، وتابعت دراستي في أكاديمية "SIA" السورية الدولية للإخراج السينمائي والتلفزيوني وتخرجت منها عام 2019، ولكني خلال دراساتي السابقة كنت أتابع الدراسة في وكالة "Rhodec international collage" البريطانية، وعلى الرغم من جميع ما سبق كان جلّ اهتمامي وتركيزي على الرسم، فبدأت بالتأسيس لمعرضي الفردي منذ عام 2015 إلى جانب عشقي للسينما، حيث كان وقتي ينقسم بين الرسم والتحضير للأفلام وقمت بإخراج أربعة أفلام بمفردي وبمجهود شخصي، وكنت مسؤولة عن كل تفاصيل العمل من الفكرة للسيناريو والديكور والملابس والمكياج إلى المونتاج والتلوين وعملت مع أبطال أفلامي بكل تفصيل بسبب الإمكانيات المحدودة جداً، فقدمت فيلم "همسة آلفريد" وفيلم "السيناريو الأخير" في عام 2017، وفيلم "العمق الأسود" في عام 2018، وفيلم "أوراق السراب" في عام 2019».

أحب التفاصيل في اللوحة وخصوصاً العيون التي تتكلم عن حكاياتها وهي مرآة الروح، واختصرت بتلك الروح "سورية"، وكنت أرى الجمال والحزن والفرح وآتي لفرشاتي حتى أحول هذه المشاعر للوحة تحاكي المتلقي بعمق، والجدير بالذكر أن لكل عمل فني أسلوبه، ولكن على الفنان أن ينطلق منه ولا سيّما أنّ الفن سفير يتحدث عن الفنان وموطن الفنان، فعندما أتحدث بشكل إنساني في لوحةٍ ما، هنا أكون متحدثة عن بلدي وأمثله أينما كنت، وأستطيع من خلال هذا الفن أن أوصل صوت وجع بلدي لكل العالم؛ صوت الألم والحزن وصوت الفرح والثقافة، ويهمني جداً أن أحمل اسم "سورية" بكل بقاع الأرض وأكون فخورة جداً عندما تصل رسائل اللوحات إلى الآخرين وعلينا النظر إلى الأعماق وأن نقرأ العيون دوماً، وأخيراً لكل فنان أسلوب خاص فيه وربما يصنع لنفسه مدرسة خاصة به وهو دوماً يتبع شغفه في أي عمل

وأكملت "سنا": «في بداية عام 2020 تم افتتاح معرضي الفردي الأول في "دار الأوبرا - دمشق" هذا المعرض جاء بعد عدة معارض شاركت بها، منها معرض "الفلكلور والشعوب" ومعرض "إبداعات حرة" في "صالون بيت الفن" في "مصر"، ومعرض "Art wek" في صيف 2019، ومعرض "Arab Art Fair" أيضاً في عام 2019، ومعرض فن تشكيلي لتكريم الفنان "جورج خير الله" كانت جميعها في "بيروت"، كما أني شاركت في معارض عدة في "دمشق" و"حمص"، وأما عن معرضي الأخير، فأنا أحاول رسم الروح التائهة التي تمثلها الأنثى التي لديها الإحساس في كل شيء فتجسد المرأة الحالمة، والمرأة التي لديها العشق الكبير، وفي أحيان أخرى المرأة المتألمة ولكل إمرأة حكاية وكذلك اللوحات التي أرسمها لكل منها حكاية، تلك الروح المجسدة بالمرأة تمثل الإنسان وتمثل العطاء والمحبة وهي القادرة على البوح بكل مشاعرها بطريقة صريحة وعاطفية».

إحدى لوحاتها بامتزاج اللون الأحمر

وأضافت "الأتاسي": «أحب التفاصيل في اللوحة وخصوصاً العيون التي تتكلم عن حكاياتها وهي مرآة الروح، واختصرت بتلك الروح "سورية"، وكنت أرى الجمال والحزن والفرح وآتي لفرشاتي حتى أحول هذه المشاعر للوحة تحاكي المتلقي بعمق، والجدير بالذكر أن لكل عمل فني أسلوبه، ولكن على الفنان أن ينطلق منه ولا سيّما أنّ الفن سفير يتحدث عن الفنان وموطن الفنان، فعندما أتحدث بشكل إنساني في لوحةٍ ما، هنا أكون متحدثة عن بلدي وأمثله أينما كنت، وأستطيع من خلال هذا الفن أن أوصل صوت وجع بلدي لكل العالم؛ صوت الألم والحزن وصوت الفرح والثقافة، ويهمني جداً أن أحمل اسم "سورية" بكل بقاع الأرض وأكون فخورة جداً عندما تصل رسائل اللوحات إلى الآخرين وعلينا النظر إلى الأعماق وأن نقرأ العيون دوماً، وأخيراً لكل فنان أسلوب خاص فيه وربما يصنع لنفسه مدرسة خاصة به وهو دوماً يتبع شغفه في أي عمل».

الصحفي "عمر المالكي" قال: «الفنانة "سنا" شخص يهتم بأدق التفاصيل في أي عمل تقوم به، تحاول أن تنفذ لوحتها دون خروج أي تفصيل صغير عن نظرها، وحتى على صعيد الإخراج تقوم باختيار كوادر التصوير بعناية فائقة وتعتني جداً بأصغر الأشياء في العمل لتعطي لكل شيء حقه، وبالتالي تنجز العمل على أكمل وجه وبأجمل أسلوب وهذا ما يشجعني على توصيف هذه الحالة بالاحترام الفني، وجميع من يعرفها يعلم أنها تعمل باحترافية كبيرة جداً ولا تقبل أن تدخل أي مجال كهاوية، وإنما جميع ما تطرحه هو قابل للاستثمار المباشر سواء إعلانات منتشرة في شوارع "دمشق"، أو لوحات فنية عرضت ووضعت في صالات مهمة، أو أفلام سينمائية ذات محتوى وإخراج مهمين جداً، ولو كلفها الأمر الإنفاق المادي الكبير فذلك غير مهم أمام أهمية العمل المتقن بالنسبة لها، "سنا" لا تعمل بأسلوب تجاري وإنما بمهنية وحرفية وفن عظيم وتعطي لكل شيء جزءاً من روحها».

العروس الحالمة بواقع أسري أفضل

"عمار حسن" فنان وناقد تشكيلي قال: «حتى عندما ترقص إحدى الفتيات في لوحة "سنا الأتاسي" فهي تشير بيديها إلى منطقتي الرحم والرأس، ثم يمتد زيها في الأسفل ليتحد مع الأرض ويتلاشى بها، ولو نظرنا إلى الأعلى خلف الرأس لوجدنا هذا الدوران الذي ينتهي بثقب أسود وهو ما يشير إلى نقطة الصفر، الموت والتجدد، هذا المجهول المركز.

إذاً نحن أمام تجربة تشكيلية طال اختمارها في روح ومرسم "سنا" ليكون البوح في عرضٍ تمايز بحضور الغياب لتلك الدرجة التي لا نعود نفرق بعدها بين الموت والحياة في لوحتها بالنسبة للفتيات التي تتقدم إلى منصة الرؤية أو تلك التي تنوس في الخلف، معلنة ببريق عينيها توقف الدمع وتدفقه في آن، إنها تتشارك مع "الأتاسي" حزن الفقد ولكن بنبل وبكثيرٍ من الكبرياء والأناقة، الكل يتألم ويبكي في لوحاتها ولكن أي منهنّ لا تفعل ذلك مباشرةً بل تستعير عواصف السماء وتلبّد الغيم ليكوّنا صرختا الغيم والعيون، وهذا نراه في لوحاتها أكثر من مرة، فالأنثى في لوحتها أم ّوكون يتحدان ليكوّنا ذات الشيء، وهو ما يمنح "سنا" روح الدّعابة عندما نراها في شخصية المهرج أو الراقصة أو تلك الأنثى التي تنتظر الحب بسلسلة يتدلى منها الحب الأسود أو بتلك الوردة التي تفتقد إلى حرارة اللون، لم ترسم لوحة تضج بدسامات اللون بل رسمت حياة انسحب منها اللون، رسمتها بحرفيّة عالية، وأهدتها للسماء لتلونها».

لوحة تتحدث عن لعبة الأنثى والقدر

جدير بالذكر أنّ "سنا الأتاسي" من مواليد "حمص" عام 1978.