كبُرَ وعيُه الموسيقيّ معه، وترتبت خبراته كما العلامات الموسيقية التي تقف على السلم بانتظام لتكّون في النهاية لحناً بديع المسمع، حيث تجرّع أصولها من عائلته التي أورثته الصّوت الطّربيّ الجميل.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 22 آذار 2020 التقت الفنان "ميشيل ملوحي" ليتحدث عن بدايات فنّه وأثره في نفسه فقال: «درستُ في مدينة "حمص"، وطيلة فترة دراستي كنتُ أسعى لإبراز نفسي كمطرب وعازف صغير قادر على صعود المسارح والمشاركة في المسابقات، ما جعلني أشارك في حفلات "الطلائع" و"الشبيبة"، وأحصل على المراتب الأولى دوماً في المسابقات التي تطلقها المنظمتان، ونلت شرف المشاركة بمهرجان قطري في قلعة "الحصن" بمناسبة ثورة الثّامن من آذار، وبُثَّ بشكلٍ مباشر على التّلفاز، وعندما نلت المركز الأول على مستوى القطر بمجال الغناء خلال المرحلة الإعدادية أتتني فرصة المشاركة بحفل فنّي وتمثيل "سورية" في "السّودان"، ولكن والدي رفض الفكرة لكي لا تتأثر دراستي بشكلٍ سلبي؛ حيث كنت أتنافس مع رفاقي للحصول على مجموع عالٍ في الشّهادة».

شغوف للتعلم المستمر رغم أن رصيده الفنّيّ ممتلئ، وجميع الأغاني التي يؤديها يختمها بطابع الهدوء والاتزان ليصنع شخصيته الخاصة، شاركت معه بعدة احتفاليات مقامة على مسرح دار الثقافة، وفي كلّ مرّة كان يستهل الغناء بموّال معيّن، وكنّا نلحظ الانبهار على وجوه الحضور

وأضاف: «الفنان الصّغير الذي كان مضرّجاً بحلم كبير يرسمه في خياله ويعيش معه كَبُرَ وتشعب، فدخلت كلية التربية قسم معلّم صف لعدم وجود كلية تربية موسيقية في محافظة "حمص" آنذاك، حيث تمّ افتتاحها في سنتي الدّراسية الثّانية ولم أرد أن أضيّع عاماً من عمري، ولكنني كنت كالفلاح الذي يرعى بستانه مهما كانت الظروف، فتخرجت وعينت بمدرسة ابتدائية، سعيتُ إلى جعل التلاميذ ينشدون النّشيد الوطني بشكل احترافيّ مع كامل إيقاعه، وبعدها عملتُ على تشكيل فرق فنية وتدريبهم بأيام العطل، واعتلينا المسرح معاً، فكما أخذ الجميع بيدي وشجّعني أردتُ الأخذ بيد كل موهوب صغير ودعمه جيّداً».

من إحدى الحفلات الفنية

وتحدث "ملوحي" عن العائلة والفنّ المتوارث، فقال: «أيام القرية وأجواؤها تزورني دائماً لتقول لي: أنت نشأت فنيّاً هنا، فوالدي وأعمامي ورفاق أبي كانوا يجلسون ويتبادلون الأغاني الطّربية القديمة، وكلّ منهم يعزف على آلته التي يتقنها، لأتعلّم منهم وأحفظ ما يرددونه وخاصة والدي الذي دعمني بشكل مستمر، وسعى إلى تلقيني الفنّ الصّحيح الحامل لكلّ القيم، حيث ما أزال أذكر كل اهتمام منه وأخذه بيدي وتشجيعي على اعتلاء المسارح من الصّفّ الرّابع الابتدائي، لأصبح أباً وأهتم بأبنائي موسيقيّاً كما فعل، فابنتي تعزف على آلة البيانو وهي في الصّف الثّاني الابتدائي، وابني في عمر الرّابعة يعزف على آلات إيقاعية بشكل جيد».

وأضاف: «رفيق دربي العود، حيث ساعدني على وضع علاماتي الموسيقية في مكانها عند الغناء، فعلى أوتاره دندنتُ أغاني كثيرةً، وأصحبه معي أينما أذهب، وبجانب عزفي عليه فأنا أعزف أيضاً على الكمان والأورغ والإيقاع، ولديّ برامج غنائية أسبوعية في مطاعم وفنادق "حمص"، وأحييتُ العديد منها في المناسبات الاجتماعية مع فرقتي الموسيقية، بالإضافة إلى سفري لـ"العراق"، ومشاركتي في سلسلة من الحفلات بمناسبة عيد الحبّ في محافظة "أربيل" وسُجّلَ لها النجاح.

قائد الفرقة الموسيقية

أما أكثر الأغاني المحببة إلى قلبي فهي أغاني "وديع الصّافي" القديمة، و"ملحم بركات" وكل أغاني القدود الحلبية والموشحات، ولديّ أغنية فرديّة خاصّة تحمل عنوان "بعدن هون" تتحدث عن شهداء الوطن، وهي من كلمات الدكتورة "مادلين طنّوس"، وألحان "محمد حيدر"».

وعنه قال العازف "شادي تمّور": «أعمل مع المطرب "ميشيل ملّوحي" منذ حوالي الأربع سنوات كقائد فرقة موسيقية له، والجميل بعملنا هو التنسيق المحكم؛ وضمان كافة التفاصيل التي من شأنها العلوّ بكلّ حفل ننظمه إلى المراتب المتقدمة، وخروج كلّ من يحضره بحالة سعادة عارمة، الفنان "ملوحي" يتميّز عن غيره بعرَبِه الجميلة وغنائه ضمن المقام دون أخطاء، وفي كلّ أغنية طربية يقدّمها يبتدع بأسلوبه الخاصّ الجميل، ويضفي لمساته عليها، وهذا النّوع يتطلب ذهناً صافياً، وإحساساً مرهفاً، ولا سيّما أن برامجنا الغنائية أسبوعية، ومعظمها تحمل اللون الطربي، وتحتاج لوصلات فيما بينها لكي نخرج عن الروتين».

ملوحي المسكون بالطرب الأصيل

وأكمل العازف "تمّور": «الجميع يحبّ أن يصل للشهرة ويكسب الظهور وخاصة في مجالنا، وأحياناً يضطر البعض لركوب الموجة الجديدة من الفن الحالي، ونرى أن هذه الموجة تفقد المعنى الجوهري للفن الحقيقي ورسالته السّامية، وما أثار إعجاب الجّميع هو رفض الفنان "ملوحي" الذهاب وراء أهواء هذا النوع وحفاظه على نفسه وفنه بكل ما يحمل من وزن للمقامات، واستقامة في الأداء واختيار الأغاني، وجميعنا أيدناه على ذلك».

وعن صوته وشخصيته تحدثت عازفة "الأوكورديون" ومنسقة البرامج الغنائية "لبنى سلامة" قائلة: «شغوف للتعلم المستمر رغم أن رصيده الفنّيّ ممتلئ، وجميع الأغاني التي يؤديها يختمها بطابع الهدوء والاتزان ليصنع شخصيته الخاصة، شاركت معه بعدة احتفاليات مقامة على مسرح دار الثقافة، وفي كلّ مرّة كان يستهل الغناء بموّال معيّن، وكنّا نلحظ الانبهار على وجوه الحضور».

يذكر أنّ الفنان "ميشيل ملوحي" من مواليد مدينة "حمص" 1984.