فنّانةٌ بالفطرة، أدواتُها ألواحُ الطبشور وأقلامُ الحمرة وجدرانُ المنزل، لتصقلَ موهبتها بالدراسة الأكاديمية، ثمّ تدّرس في كلية الهندسة المعمارية، فهي المدربة والراعية لمواهب الأطفال في مرسمها الخاص وفي العديد من المدارس والجمعيات والمراكز.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الرسامة التشكيلية "ريم العلي" بتاريخ 28 كانون الأول 2019، لتحدثنا عن خطواتها الأولى بمجال الفن، قائلة: «ظهرت موهبتي منذ سنواتي الأولى بدعم من والدتي التي كان تصحبني معها إلى المدرسة بحكم عملها كمدّرسة، فكنت ألقى الدعم والتشجيع من المعلمين والتلاميذ على رسوماتي الطفولية، ما شكل حافزاً لدي لأطوّر موهبتي التي أخذتها عن والدي، حيث كان الداعم الأساسي لي في كل خطوة خلال مسيرتي الفنية.

ظهرت الأزمة من خلال الحزن العميق في أعمالي، فرسمت المرأة المتأزمة و الطفولة المشردة، وتناولت الشهداء، ورسمت العديد من اللوحات لأخي الشهيد "أحمد العلي" بوضعيات مختلفة، وارتبطت ألواني بها فغلب اللون الأحمر على لوحاتي، وكانت عناوين اللوحات "الحب في زمن الحرب"، و"صرخة"، و"صرخة أنثى"، و"السلام"، و"وبوابة الأمل"

شاركت خلال دراستي المدرسية بالعديد من مسابقات "رواد الطلائع" على مستوى محافظة "حمص"، وعلى مستوى القطر في مجال الرسم، وخلال هذه الفترة كنت من رواد مركز "صبحي شعيب" للفنون التشكيلية، ولم أتردد في المشاركة بالعديد من معارض منظمة "شبيبة الثورة" بالرسم والأعمال اليدوية والخشبيات، وبعد حصولي على الثانوية العامة عام 2008، درست معهد إعداد المدرسين -قسم رسم- في محافظة "حمص" عام 2010، ثمّ قمت بتقديم الثانوية العامة مرةً أخرى لأدخل كلية الفنون الجميلة في جامعة "تشرين" العام 2012 وأحصل على الإجازة فيها».

أثناء إبداعها إحدى اللوحات في مرسمها

أما عن نشاطاتها، فقالت: «أقمت معرضاً فردياً في "اللاذقية" خلال دراستي بمناسبة عيد "الشهداء" عام 2015، وقد سبقه معرض عام 2010 في معسكر الشهيد "باسل الأسد"، ثم شاركت بالعديد من المعارض الجماعية منها معرض تحت عنوان "ربيع اللاذقية" في صالة "هيشون آرت كافيه" عام 2016، وأطلقت على مشروع تخرجي من كلية الفنون التشكيلية عنوان "المسافرون" 2017، وبعد تخرجي أقمت معرضاً فردياً في المركز الثقافي في "حمص" تحت عنوان "حكايات تشكيلية"، وشاركت بعدة معارض جماعية وأعمال نحتية جماعية منها نصب "الشهيد التذكاري" وسط "حمص" مع النحات "إياد بلال"، وملتقى "فيصل العجمي" للتصوير الزيتي في التصوير والغرافيك، ومعرض فندق "حمص الكبير".

وأقمت العديد من دورات الرسم والخط في مرسمي الخاص، توجتها بمعرض في المركز الثقافي المحدث في حي "الزهراء"، كنوع من التحفيز والتشجيع، وأقمت للطلاب معرضاً آخر في المركز "اليسوعي"، ثم قمت بتدريس الرسم والنحت في المجمع الثقافي في حي "الشماس"، ومركز "حمص التعليمي"».

النحات إياد بلال

وتناولت رؤيتها لفن الرسم، قائلة: «الرسم لم يعطني إضافة لأنه جزء مني، فلم يكن خياري بل قدري، والحياة وغناها بالأفكار والمشاعر والسفر كانت دائماً تدعوني للرسم، فأجد في الرسم حياة و تجدداً وتغييراً وهدوءاً، وهو بداية جديدة، فيمنحني الهدوء والحرية والانفتاح والموسيقا والمساحة الفنية.

أما بالنسبة للألوان فلا يمكنني أن أقول أن هناك ألوان محددة في رسوماتي، حيث أختار ألواني بإحساسي متعلقة بدلالات موضوعات لوحاتي، والألوان لا تنفصل عن بعضها فالذي يشدني للوحة المساحة البيضاء ورائحة الألوان، والإنسان هو العنصر الأساسي في لوحاتي وخصوصاً الأنثى، المرأة بروحها الرقيقة هي همي الأول والأخير بكل حالاتها، فهي موجودة بكل مفاصل الحياة، ولا أحبُّ أن أتقيد بحجم واحد للوحة، ويستهويني رسم الخطوط والحركات في الجسد، فهو أكثر ما يهمني باللوحة كما أنّ اليد تعبر عن الشخوص و الوجوه كالبورتريه».

لوحة تضم العديد من الشخوص

وتناولت تأثير الأزمة في أعمالها، قائلة: «ظهرت الأزمة من خلال الحزن العميق في أعمالي، فرسمت المرأة المتأزمة و الطفولة المشردة، وتناولت الشهداء، ورسمت العديد من اللوحات لأخي الشهيد "أحمد العلي" بوضعيات مختلفة، وارتبطت ألواني بها فغلب اللون الأحمر على لوحاتي، وكانت عناوين اللوحات "الحب في زمن الحرب"، و"صرخة"، و"صرخة أنثى"، و"السلام"، و"وبوابة الأمل"».

"إياد بلال" رئيس مركز الفنون التشكيلية بالمجمع الثقافي في "حمص" تناول تجربة "العلي"، قائلاً: «عرفنا الفنانة "ريم العلي" من خلال إعطاء دورات لطلاب في كل من المجمع الثقافي، و"دير الآباء اليسوعيين" لمادة التصوير الزيتي والمائي والرصاص، تمتاز بصدق العطاء والحرص على إيصال المعلومة، والأهم من ذلك امتيازها بالحرص على إيصال المعلومة، والمتابعة الدائمة لعملها حتى على حساب وقتها الخاص، أما عن أعمالها فقد استطاعت أن تخوض التجربة لتتبلور ملامح شخصيتها، وما زالت تعمل عليها بواقعية وتعبيرية بميل واضح للرومانسية، حيث تمتلك تكنيكاً أكاديمياً بجرأة وثقة، توزع الألوان فتلغي وتضيف لا تركن لحل نهائي، إنه العقل الباحث، وكل هذا جاء على أرضية أكاديمية، فربما حساسية "ريم" تنعكس على أعمالها، فنرى "حمص القديمة" وقد أعادت إنتاج الحارات والبيوت مضيئة على التفاصيل، وتعطي معاني النفوذ لعمق المشهد والحالة، يقودها الشغف أحياناً لاستخدام أصابعها في توزيع اللون، إنها بعملها تتحد مع عملها حدَّ التماهي، متنوعة في مواضيع من العنصر الإنساني بحالاته المختلفة، وإعادة إنتاج الكائنات والعناصر حسب رؤيتها، خالقة مشهداً بصرياً يستوقفك، بتأكيدات الخط وتوزيع الكتل ومساحات اللون، فيستدعيك للوقوف على الموضوع».

يذكر أنّ الفنانة التشكيلية "ريم العلي" من مواليد "حمص" 1989.