موهوبٌ أدهش مدرسيّه منذ طفولته المبكرة لتتحول موهبته لموردٍ للزرق، فتفنّن برسم الوجوه وتفاصيلها، ويتحوّل إلى مدرب لفنّ الرسم بفطرته دون دراسة أكاديمية، ويقيم العديد من المعارض الفردية والجماعية، مصوراً الواقع بسهوله وجباله باحترافية الخبير وبأدق تفاصيله.

التقت مدوّنةُ وطن "eSyria" الفنان التشكيلي "محمد رحال" بتاريخ 10 أيلول 2019، ليحدثنا عن بداياته الفنية: «لفتُ نظرَ مدرس الرسم "فايز خضور" في قريتي "أبو دالي" منذ دخولي المدرسة من خلال رسوماتي، وبدأ مدرسو المدرسة الحديث عن موهبتي، بنوع من تحفيزي وتشجيعي، فعندما وصلت للصف الرابع طلب مني أحد المدرسين دفتر الرسم لعرضه على مديرية التربية في "حمص"، فاستأذنته برسم لوحة بالألوان المائية وهي عنقود عنب بألوان شفافة، حتى شكّك المختصون بأنّه من رسمي، وعلى خلفيتها طلبت مديرية التربية إحضار جميع الأطفال الموهوبين بالرسم إلى التربية، بهدف إجراء فحص لهم، وخلال الفحص في عام 1960 رسمت كل ما طلب بقلم الرصاص والألوان المائية، فحصلت على هدية رمزية ومبلغ نقدي كتشجيع لموهبتي، إضافة لدفتر رسم وعلبة ألوان.

في الحقيقة لم أنقطع خلال سنوات الحرب عن الرسم، فأقمت معرضاً فنياً فردياً في صالة اتحاد الفنانين التشكيلين في "حمص" عام 2016، فكان أول معرض يقام بعد تحرير المدينة من الإرهاب، ثم تتالت المعارض حيث أقمت معرضاً فردياً آخر في عام 2017، تناولت الأحداث الجارية في لوحاتي، وفي عام 2018 شاركت مع مجموعة من الفنانين بمعرض في صالة شعبة الحزب في "كرم الزيتون" بعنوان "تحية إلى نيسان"

فكان حافزاً لرسم الوجوه مقابل مبلغ نقدي، وبدأت أعتمد على نفسي في تأمين احتياجاتي، ومساعدة والدي بشكل بسيط، وفي المرحلة الإعدادية انتقلت لأدرس في مدينة "حمص"، فكنت أعمل بالرسم وأدرس مما أثر في دراستي، فحصلت على الثانوية العامة، ثم خضعت لعدة دورات للرسم، وكنت أحصل دائماً على المرتبة الأولى بمجال الرسم على أقراني، ثم التحقت بالخدمة الإلزامية حيث خدمت بصفة رسام، ولم أتوقف عن الرسم فكنت أقيم معارضي في بعض الأحيان على حسابي الشخصي وأستأجر صالة العرض».

الفنان أحمد رحال برفقة الفنان جمال اسماعيل

تناول مسيرته الفنية، قائلاً: «كان لمدرسي المدرسة خلال دراستي الدور الأكبر بتشجيعي، ومن هنا بدأ الفن يكبر داخلي، ويأخذ دوره الصحيح الواقعي في الرسم الزيتي والمائي بعيداً عن التصنيع والزيف والانفعالات المصطنعة مثل الطبيعة الصامتة والوجوه، والحارات الشعبية والريف، كنت أصورها من خلال ألوانها الحقيقية، أحياناً يتماوج فيها الأخضر مع البرتقالي، واستخدم أحياناً الأسلوب الكلاسيكي في الرسم ضمن مسحات واحدة لا تباين فيها، ليدرك المهتم عند النظر لأي من أعمالي بأنها لي من خلال تموج الألوان، فتعبر عن الريف البسيط الجميل بزهوره وجباله وصخوره المترامية، فقد استهواني الريف والطبيعة منذ طفولتي، فاستوحيت منه ألواني التي أعشقها، وكان عندي ولعٌ بالتراث فرأيت فيه دفءَ الماضي وعراقته ومنبعاً لا ينضب للفن بكلّ أشكاله، فرسمت الجاروشة وصانعة اللبن والفلاحة والزي الريفي، ولم تخلُ لوحاتي من المعالم الأثرية مثل "حمص القديمة" بمبانيها التراثية وأزقتها الضيقة والدور العربية والنوافذ القديمة وأسواقها وأبوابها، واستخدمت في أكثر لوحاتي الألوان الزيتية والمائي والباستيل والفحم والغواش، وأرى أن الألوان الترابية واقعية وأقرب الألوان لكل ما أنجز، وقد شاركت بأكثر من 40 معرضاً أكثرها في مدينة "حمص" في صالة "الشعب" معرض "تحية إلى نيسان" في أعوام 1995 و 2000 و 2001، ومعرض بعنوان "اللوحة الصغيرة" عام 2002، وأكثر من 20 معرضاً فردياً أغلبها في "حمص" ولي العديد من المشاركات في كل من "اللاذقية" و"حلب" و"دمشق"».

وتحدث عن معارضه خلال الأزمة، قائلاً: «في الحقيقة لم أنقطع خلال سنوات الحرب عن الرسم، فأقمت معرضاً فنياً فردياً في صالة اتحاد الفنانين التشكيلين في "حمص" عام 2016، فكان أول معرض يقام بعد تحرير المدينة من الإرهاب، ثم تتالت المعارض حيث أقمت معرضاً فردياً آخر في عام 2017، تناولت الأحداث الجارية في لوحاتي، وفي عام 2018 شاركت مع مجموعة من الفنانين بمعرض في صالة شعبة الحزب في "كرم الزيتون" بعنوان "تحية إلى نيسان"».

الشقاء الإنساني متجسد بإحدى لوحاته

وتحدث صديقه الفنان التشكيلي "جمال اسماعيل" عن تجربة "رحال" قائلاً: «الفنان التشكيلي "أحمد رحال" مشاكس منذ نعومة أظفاره منذ كان في المرحلة الابتدائية في صفه من خلال رسوماته، فتميز بجرأته في اختيار ألوانه واختيار موضوعات لوحاته، فكان رفيق فرشاته وألوانه لمدة عقدين من الزمن، حيث أنهى الدراسة الثانوية والتحق بالخدمة الإلزامية، وشاءت الأحداث أي يكون جندياً يرابط على جبل "الشيخ" في حرب "تشرين" التحريرية مقاتلاً ورساماً، يبدع في رسم جبل "الشيخ"، وتحرير المرصد آنذاك، ويعدّ "رحال" فناناً جامعاً لكلّ الفنون التعبيرية والواقعية والتجريدية، فهو غزير في إنتاجه كريم بعطائه صادق مع نفسه ومع الآخرين، وقد مارس الرسم كمحترف، فشغل وظيفة رسام في الكلية الحربية على مدى ثلاثة عقود من الزمن، نفذ العديد من اللوحات الجدارية الكبيرة، وأبدع بنقل لوحات وصور حيّة من معارك حرب "تشرين التحريرية"، ورسم العديد من صور السيد الرئيس بالأحجام الكبيرة في كلّ من محافظتي "دمشق" و"حمص" وكان أول من افتتح صالة نقابة الفنانين التشكيلين في "حمص" بعد تطهير المدينة من رجس الإرهابيين، حيث نظَّم معرضاً مشتركاً مع بعض زملائه، فكان المعرض ناجحاً من حيث إقبال الزوّار بالرغم من حساسية تلك الظروف».

يذكر أنّ الفنان "أحمد رحال" من مواليد مدينة "حمص" قرية "أبو دالي" عام 1953، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في "حمص".

أحد أحياء حمص القديمة