حملَ حبَّ الوطنِ في قلبه، فرسم عشقه لمدينته لوحاتٍ لأزقة وحارات "حمص" فعبقت الأصالةُ من أعماله، فلم يرضي شغفه للفن، ليتحول للنحت ليبدع منذ انطلاقته، رسم الفرح على جدران أكثر من روضة للأطفال بأشكال محببة لقلوبهم.

مدونةُ وطن "esyria" التقت مع الفنان "راجي سعود" بتاريخ 26 تموز 2019 ليحدثنا عن مسيرته، فقال :«كنت في العاشرة من عمري عندما عثرت على كتاب في أحد الأروقة، شدني جمال الحروف وطريقة رسمها، فبدأت أخطّ الحروف بالطريقة نفسها وأعمدّ لتلوينها، وعرفت لاحقاً أنّه كتاب لتعليم الخط العربي، فشاركت بالمعرض المدرسي لاحقاً لتصميم أغلفة الكتب، فرسمت صورة "لماوكلي" فتى الأدغال والأفعى، فأثنى على عملي مدير المدرسة والمعلمون وشجعوني على المثابرة، وفي المرحلة الإعدادية توجهت نحو الخط العربي لوجود مادة تهتم به في المناهج المدرسية في ظل عدم وجود مادة التربية الفنية في المنهاج حينها، وبعد الثانوية العامة عام 1997، ونتيجة ظروف الحياة توجهت نحو عمل بعيد كل البعد عن الفن لتأمين مورد رزق في بيئة متواضعة مادياً، فبدأت بالتعمق بالخطوط العربية وأولها خط الرقعة ثم خط الديواني، وانتسبت لمعهد "الثقافة الشعبية" في "حمص"، وخضعت للعديد من الدورات فتمكنت من الإبداع بخط "الثلث" ثمّ الخط "الكوفي" وأخيراً من السبعة خطوط، وفي عام 1993 انتقلت من رسم الخطوط إلى الرسم بالألوان، فكانت أول لوحة أرسمها للفارس الراحل "باسل الأسد" على جواده، فانطلقت من رسوم الأطفال إلى رسم الطبيعة وجمالها، وكان رسم الطبيعة مثل الغذاء لروحي فلا يمضي يوم دون أن أرسم، وشدتني الآثار فعملت على توثيق بعض الأماكن مثل "تدمر"، حيث أقمت عدة أعوام فيها بحكم عملي من عام 1994 حتى عام 1996، رسمت قوس النصر والمدافن والقلعة».

توجهت للنحت ولكنني واجهت بعض الصعوبة في البداية، ربما لأنّ دراستي لم تكن أكاديمية، فنحتُّ الوجوه وكان عملي نتيجة الخبرة التراكمية، أعمل جاهداً لأثبت ذاتي في هذا الاتجاه، من أبرز الأشخاص الذين كان لهم بصمة في مسيرتي مدرس الخط "عبد الرحمن النابلسي" وبمجال الرسم "أحمد الصوفي" ومجال النحت "إياد بلال"، وكان تأثري واضحاً بالنحات العالمي "مصطفى علي"، وأعدّ أنّي ما زلت أخطو خطواتي الأولى في مجال النحت

وعن تجربته في النحت، قال: «توجهت للنحت ولكنني واجهت بعض الصعوبة في البداية، ربما لأنّ دراستي لم تكن أكاديمية، فنحتُّ الوجوه وكان عملي نتيجة الخبرة التراكمية، أعمل جاهداً لأثبت ذاتي في هذا الاتجاه، من أبرز الأشخاص الذين كان لهم بصمة في مسيرتي مدرس الخط "عبد الرحمن النابلسي" وبمجال الرسم "أحمد الصوفي" ومجال النحت "إياد بلال"، وكان تأثري واضحاً بالنحات العالمي "مصطفى علي"، وأعدّ أنّي ما زلت أخطو خطواتي الأولى في مجال النحت».

رحمة العبد الله مديرة روضة البنفسج وخلفها بعض رسومات الفنان

عن الموضوعات التي تناولها في أعماله، قال: «تأثرت بالطبيعة كثيراً وسحرت بجمال البيئة الريفية، وأخذتْ حيزاً كبيراً من أعمالي، فرسمت الحارات القديمة والأزقة، وسحرتني المناطق الأثرية التي تروي قصصاً وحكاياتٍ عن تاريخنا المجيد وعظمة أجدادنا، حيث ينطق كل حجر بحقبة ما، ونتيجة الأحداث التي مرّت بها بلدي، أحسست أنّه من باب الوفاء للوطن وجنوده البواسل وشهدائنا الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الوطن رسمت صورهم، ليبقى ذكرهم خالداً ولتمتزج ريشتي بحبر دمائهم وأثبت عشقي الدائم لوطني، فاللوحة في نظري تعبير عن مكنونات الفنان الداخلية، والحرب ملهمة الفنانين والأدباء في خضم أحداث حقيقية يعيشها ويسمع بها بشكل مباشر بعيداً عن النقل والتشويه».

أما عن أعماله ومشاركاته، فقال: «كان لي العديد من المشاركات في تصميم أغلفة قصص الأطفال، وكنت مشاركاً دائماً في معارض "شبيبة الثورة"، ورسمت عدة شعارات لمؤسسات على الجدران مثل: شركة "الجيولوجية"، ورسمت جدران عدة روضات مثل روضة "زهرة المدائن" و"البنفسج"، تجول لوحاتي في منازل أصدقائي ومعارفي من مناظر طبيعية ولوحات بورتريه للشهداء وتوثيق لبعض المعالم الأثرية، وقد وزعت لوحاتي الخط العربي في مدارس وجامعات مدينتي "حمص"، واقتنت الإدارة السياسية العديد من لوحاتي، فأنا مشارك دائم بمعارض وزارة الداخلية السنوية مثل: معرض "تحية لشهداء البرلمان"، ومعرض "المخدرات"، وبمعرض "تحية إلى تشرين" سنوياً منذ عام 2011، وحصلت على خمس شهادات تقدير من وزير الدفاع لعام 2014 و 2015 و 2016 و 2017 و 2018، وتمّ انتقاء خمسة من أعمالي، عمل واحد على الأقل سنوياً من قبل وزارة الدفاع أهمها بعنوان "جاهزية" التي رسمتها من سنوات، وشاركت بمعرض الرسم والخط العربي بجامعة "البعث"، فحصلت على شهادة شكر وتقدير في عام 2017 من رئيس جامعة "البعث"، وشهادة شكر وتقدير من مدير تربية "حمص" لعامي 2018 و2019 لمساهمتي الفعّالة بإضفاء الجمال على مدرسة "ناظم الأطرش"».

مزج سعود بين الخ والرسم

مديرة روضة "البنفسج" "رحمة معروف العبد الله" صاحبة إحدى الرياض التي أبدع على جدرانها، قالت: «تعرفت على الفنان "راجي سعود" رشحه لي أحد الأشخاص خلال بحثي عن فنان لأزيّن جدران الروضة، ليعطي نكهة الفرح والمرح للأطفال، وكون "سعود" فنان وقام بالعديد من المعارض وقد عُرفَ عنه اجتهادهُ وإخلاصه لعمله وتفانيه في تقديم الأفضل، فلمستُ في شخصه الهدوء والرصانة والتواضع، لا يتردد بمساعدة الآخرين بأيّ وسيلة وبأيّ مجال، وقد أثبت نفسه بجدارة فأصبح اسماً لامعاً في بيئته وبين أهالي "حمص"، نلمس في أعماله عشقاً لا يزول للوطن والجيش والتراث، فيفوح من رسوماته عبق التاريخ والأصالة، نلمس في أعماله الواقعية والتعبيرية ويبدو واضحاً تأثره بالانطباعية الفرنسية التي تتسم بالجرأة والعفوية، وقد برع في النحت برغم حداثة تجربته فنرى "سورية" الأم متمثلة بمنحوتاته، ونرى أعمدة "تدمر" واقفة بعزّة وشموخ، ونرى الكتاب في أعماله مرتبط بالحضارة السورية، بهرتني لوحاته الزيتية التي كتبها بالخط الكوفي والديواني باحترافية لافته لتشكل بامتداد أحرفها صرح الشهداء وينيروا سماء الوطن، ومن أكثر لوحاته قرباً لقلبي لوحته التي رسم فيها الدكتور "بشار الأسد" رمز عزتنا بعنوان "كما علمناهم الأبجدية سنعلمهم الصمود"، "راجي" فنان ملتزم تسعدني معرفته والعمل معه».

يذكر أنّ الفنان "راجي سعود" مواليد مدينة "حمص" عام 1978.

أحد منحوتاته التي عق بالأصالة