أثارت فضوله التقنيات والخدع السينمائية بعمرٍ صغيرٍ، ودفعته إلى البحث عبر الكتب والمهرجانات ومواقع الإنترنت، ليقوم بإخراج العديد من الأفلام بإمكاناتٍ بسيطة بهدف تحقيق جزءٍ من خططه وأحلامه في السينما، إلا أن رثاءه لأعز أصدقائه كان دافعه لدخول باب الشعر، فاستطاع توظيف الشعر والسينما للتعبير عما يحدث حوله، فهو مهندس ومخرج وشاعر.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 18 نيسان 2019، التقت المهندس "عيسى عمران" ليتحدث عن نفسه، فقال: «نشأت في قرية "بلغونس" في ريف "طرطوس"، وأتممت جميع مراحلي الدراسية فيها، ثم انتقلت لدراسة الهندسة الميكانيكية باختصاص قوى ميكانيكية في جامعة "تشرين"، وتخرجت فيها عام 2007، وتوظفت في شركة "الفرات" للنفط عام 2008، بعدها انضممت إلى الجيش العربي السوري عام 2010، وأنهيت الخدمة الإلزامية عام 2017.

لا تنتظر حتى أموت ## كي تخبر الباقين عني ## قل لهم لو في سكوت ## هذه الأبيات مني ## قل لهم أني رأيت ## ما رأى الفانون قبلي ## قل لهم أني عملت ## كي يحوز المجد عقلي ## قل لهم أني فشلت ## مثلما الباقون عدلا ## لا يموت المرء إن ما ## شاد بيتا حاز طفلا شر ما في الامر وهم الانتظار في سراب الوهم نمضي في بهاء الاحتضار ## لا تنتظر ازرع الأشجار هيا فالوقت يدور انقل الابيات شعرا في تلك البذور. ## قل لهم كيف حييت ## قل لهم في كل وقت ## لا تنتظر ## لا تنتظر

عندما كنت بعمر 12 عاماً كانت بدايات عرض فيلم "التايتنك"، حينئذٍ حقق الفيلم إيرادات عالية، واستطعت مشاهدة صناعة فيلم "making of" فرأيته مغايراً تماماً للفيلم الكامل، حينئذٍ بدأت أشعر بسحر السينما؛ فهي قادرة على خلق شيء من لا شيء، وعوالم موجودة فقط في العقل البشري لا في الواقع، فبدأت متابعة صناعة الأفلام والخدع السينمائية، ولشدة تعلقي بالسينما سافرت عام 2001 إلى مدينة "دمشق" لحضور "مهرجان دمشق السينمائي" والعديد من الأفلام السينمائية التي كنت قد قرأت عنها في المجلات السينمائية، فكانت المهرجانات والمجلات وسيلتي لإشباع فضولي حول السينما، وتأثرت بأسلوب وأفكار العديد من المخرجين، منهم: "جيمس كاميرون"، و"انجمار بريجمان" الذي كنت قد قرأت حوله كتاب "المصباح السحري" حول حياته وأعماله، وحضرت لهُ العديد من الأفلام، كما قرأت العديد من الكتب حول السينما والإخراج والمونتاج والخدع البصرية، واستمريت بالقراءة حتى ظهور (اليوتيوب) الذي قام بتقريب الأفكار بأسلوب أفضل».

الممثل علي خليل

وأكمل "عمران" متحدثاً عن أعماله بالقول: «قمت بتصوير أول فيلم لي عام 2007 بعنوان: "القلعة"، كانت مدته ثلاث دقائق، وقمت بتصويره باستخدام كاميرا هاتف محمول، وكانت الموسيقا التصويرية له مأخوذة من أفلامٍ قديمة. قمت بكتابة العديد من الأعمال عام 2010، لكنني لم أقم بتصوير أيٍّ منها، وفي عام 2016 وبتطور تقنيات الهاتف المحمول قمت بمساعدة خمسةٍ من أصدقائي بتأسيس مجموعة "B-art cinema"، وقمنا بتصوير فيلم "دوشكا ساعة الصفر" فأثار أصداءً إيجابية حوله، بعدها قمت بتأليف وكتابة وإخراج فيلم "whats up" ويحكي عن تعلق الشباب بوسائل التواصل الاجتماعي وفقداننا للتواصل الحقيقي، وكنت قد رأيت الكثير من الحوادث عن هذا الجانب، وقمت بكتابة وتصوير فيلم "كلاش" الذي يتحدث عن لعبة "كلاش أوف كلانز" ومدى تعلق الشباب بها، حيث تأخذ من وقتهم 12 ساعة، وقمت بإنهاء الفيلم بمدةٍ قياسية لم تتجاوز 4 أيام.

وبعد تسريحي من الجيش العربي السوري وخدمتي لمدة 7 سنوات، قمت بكتابة وتصوير فيلم "7 سنين"، تدور أحداثه عن شخصين في مصحٍ للأمراض العقلية لا يتحدد مكانهما حتى النهاية، الشخص الأول لا يردد سوى كلمة واحدة؛ وهي "7 سنين" تنحصر ذاكرته في مرحلة الطفولة، أردت التعبير من خلاله عن أن فترة الحرب هي مدة زمنية غير منتهية؛ فهي البداية والنهاية، كان بعد ذلك فيلم "DREAMS" يتحدث عن أحلام مجموعة من الأشخاص، كانت أول شخصية زوجتي؛ وهي مرأة مثقفة تستطيع العناية ببيتها وولدها ونفسها على أكمل وجه، الشخصية الثانية "غدير" وهو شاب لديه حلم كبير بالرسم، الشخصية الثالثة "يوسف" ممثل لديه أحلام ومشاريع كبيرة. في عام 2018 قمنا بتصوير فيلم "حياة من ورق" كان نقلةً نوعية؛ فهنا بدأنا استخدام الكاميرا الاحترافية، ويحكي الفيلم عن شريحة محددة من المجتمع تمتلك بعض العقد النفسية التي تطورت خلال فترة الحرب وتفشت لتمنع الإنسان من تحديد ذاته، شاركنا بالفيلم بالعديد من المهرجانات، كان منها "المهرجان العربي الإفريقي" في "المغرب"، وكانت أول مشاركة رسمية للمجموعة على مستوى الوطن العربي».

أما عن دوافعه للاتجاه نحو الشعر، فقال: «كان لي صديق عزيز جداً استشهد عام 2013، قمت برثائه بقصيدة؛ من هنا كانت انطلاقتي في هذا المجال، انتقلت بعدها إلى كتابة الشعر من دون حفظ البحور الشعرية بل بالفطرة، فكنت أكتبُ الشعر العمودي والحُر والنثري، كتبتُ ديوان: "زهور وأشواك"، كان محتواهُ 200 قصيدة شعرية، كما كتبتُ ثلاثة ألواحٍ لملحمة "جلجامش" أخذت مني الكثير من الجهد، تحدثت عن قصة "جلجامش" بطريقة شعرية، فيما بعد بدأت كتابة رواية "محارب من بيت إيل" منذ عام 2005 وحتى الآن، فهي تتحدث عني وعن ملحمة الإنسان بوجه عام، كما أنني لم أحدد تاريخاً لانتهائها؛ فأنا أنتظر أن أعيش الأحداث لأقوم بالكتابة عنها، وفي عام 2016 كتبت مسرحية "الحرب الفاضلة"، وفي عام 2014 قمت بكتابة رواية "في صباحٍ مَر"، لكنني لم أقم بنشرها».

ومن قصائده اختار لنا المقطع التالي:

«لا تنتظر حتى أموت

كي تخبر الباقين عني

قل لهم لو في سكوت

هذه الأبيات مني

قل لهم أني رأيت

ما رأى الفانون قبلي

قل لهم أني عملت

كي يحوز المجد عقلي

قل لهم أني فشلت

مثلما الباقون عدلا

لا يموت المرء إن ما

شاد بيتا حاز طفلا

شر ما في الامر وهم الانتظار

في سراب الوهم نمضي في بهاء الاحتضار

لا تنتظر

ازرع الأشجار هيا فالوقت يدور

انقل الابيات شعرا في تلك البذور.

قل لهم كيف حييت

قل لهم في كل وقت

لا تنتظر

لا تنتظر».

"علي الخليل" ممثل وأحد أفراد مجموعة "B-art cinema"، تحدث عن "عيسى" بالقول: «بدأت العمل مع المخرج "عيسى عمران" منذ عامٍ ونصف العام، حيث كان قد أنشأ مشروع "b-art" ويحضر لتصوير أول فيلم قصير احترافي، بعنوان: "حياة من ورق"، كان دائماً يحاول إيصال شغفه وإبداعه في السينما من خلال المعالجة الدرامية للنص وشرح تفاصيل كل كلمة وردت فيه، إضافة إلى محاولاته المستمرة لإيصال الفكرة التي ستبنى عليها الشخصية بشتى الطرائق، فعندما انتهينا من كافة مراحل التصوير والمونتاج وأصبح الفيلم جاهزاً للعرض، وجدتُ بالفعل فيلماً احترافياً لما قدمه من لمسات إبداعية، إلى أن وصل بنا الطريق إلى فيلم "إلى المجهول"، الذي سيبصر النور قريباً في دور العرض».

"يوسف إبراهيم" الممثل ومهندس الميكانيك، تحدث عن معرفته بـ"عيسى عمران"، فقال: «بدأت العمل مع "عيسى" منذ الصغر، كان دائماً ملهماً لي ولأولاد جيلي سينمائياً، فكان دائماً يحرص على أن نشاهد فيلماً واحداً في الأسبوع على الأقل من اختياره يناسب فئتنا العمرية، ثم توسع بحثنا لمشاهدة أفلام مخرجين عالميين أمثال "تاركوفسكي، وكوبريك" وغيرهما، كان دوماً يقول لنا إن العمل الذي يقترن بالمشاهدة هو الطريقة الأفضل للتعلم كُلٍّ في مجاله سواء التمثيل والمونتاج أو الإخراج، إلا أن مشروع "b-art" كان له الدور الأكبر في تأسيسه ودعمه في معظم أعماله. أما على الصعيد الشخصي، فقد ساعدني كثيراً على صقل موهبتي ووجهها من خلال تقديم الكتب والأفلام».

بقي أن نذكر، أن "عيسى عمران" كُرِّمَ من قبل رئيس جامعة "البعث" ورئيس مكتب الشباب عام 2018 عن فيلم "حياة من ورق"، وهو من مواليد "بانياس" عام 1983، متزوج ولديه ولد، مقيم في "حمص".