من الحالات الفريدة في عالم الفن عموماً والموسيقا تحديداً، أن نرى أشقاء اجتمعوا على حبِّ آلة موسيقية واحدة، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل كوّنوا مع أبنائهم ظاهرة فنية بامتياز.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 آذار 2019، التقت الأشقاء الثلاثة "فادي، شادي، فداء تمور"، وكلّ واحد يحمل في يده آلة الكمان الخاصة به، وبداية تحدَّث الشقيق الأكبر "فادي" أو كما ينادونه أشقاؤه (المعلم) عن مسيرتهم، فقال: «الموسيقا تعيش مع أرواحنا منذ الصغر، ربما كان لجو العائلة سببٌ في ذلك، أنا وأشقائي بدأنا ممارستها كهواةٍ وعزفنا كان سماعياً بحتاً، وبدايتي كانت بالعزف على آلة العود أولاً، ثمّ انتقلت للعزف على آلة الكمان التي هويتها حتى أصبحت جزءاً مني لا يفارقني، وتعمَّق عشقي لها بعد تعلمي لأصول العزف عليها بالنوتة على يد الأستاذ "هاني شموط"، وهو بالمناسبة من العازفين المهرة والمميزين جداً، وخريج المعهد العالي للموسيقا من مدينة "ميلانو" الإيطالية، وكان له أسلوب خاص به ربما يكون قد أثّر بي فيما بعد، وكان ذلك عام 1990، بعدها بدأت رحلة الاحتراف مع هذه الآلة الملأى بالأحاسيس المنبثقة من خلال أوتارها».

الموسيقا في بيتنا مثل الخبز تماماً، لذلك نشأنا على حبِّها وترعرعنا على صوت الكمان، وكجيل للأبناء في عائلتنا كان تقليد والدي وأعمامي لعبتنا كأطفال، ثمَّ التحقنا لدراسة الموسيقا في معهد "محمد عبد الكريم"، إضافة إلى العزف على الكمان، وجدت ميولي أيضاً تتجه نحو آلة البيانو، والأجمل مشاركتنا لهم في بعض الحفلات كعائلة كبيرة من أجيالٍ مختلفة، وكان حضورنا في مهرجان "القلعة والوادي" من أحب الذكريات على قلبي

ويكمل "فادي تمور" الحديث عن مسيرة العائلة مع آلة الكمان ويقول: «"شادي وفداء" كانا يراقبان عزفي وولعهما يزداد يوماً بعد يومٍ بالكمان، وأصبحت الآلة موجودة في يد كلٍّ منا وفي كلِّ الأوقات، وكوّنا مع بعض الأصدقاء فرقةً موسيقيةً صغيرة، كان جلُّ عملنا يقتصر على الحفلات في المناسبات الخاصة، وبدأت خبرتنا تزداد تدريجياً مع مرور الوقت، وفي عام 2000 سافرت إلى "لبنان" للعمل هناك، وتطورت تجربتي الموسيقية من خلال مشاركتي كعازفٍ مع مطربين كبار من أمثال: الموسيقار "ملحم بركات"، و"جورج وسوف"، و"هاني شاكر"، وغيرهم. أيضاً عزفت في برنامج "غنيلي ت غنيلك"، الذي اكتسب شهرةً ومتابعةً كبيرتين إعلامياً، وكان ذلك عام 2014 لموسمٍ كامل، بعدها كان لشقيقي "فداء" حضور لمدة موسمين في ذات البرنامج».

الفنان فادي تمور مع الموسيقار الراحل ملحم بركات

وعن الاستديو الخاص به ودخوله مجال التوزيع الموسيقي، يضيف "فادي تمور" قائلاً: «الخبرة التي اكتسبتها من عملي الموسيقي في "لبنان" لمدة 17 عاماً، أحببت أن أتوّجها بتعلم أساسيات الإنتاج الموسيقي كما تسمى أصولاً، تحت إشراف "إيلي ضاهر"، وهو من أهم الموزعين والتقنيين في هذا المجال، والتوزيع الموسيقي هو من يكسب الأغنية طابعها النهائي ويعطيها الجمالية الخاصة بها، فالخبرة هنا تلعب دورها من خلال معرفة النغمة المناسبة والمؤثرات اللازمة كلٌّ في مكانه، وتنسيق الصوت مع اللحن، وبعد عودتي إلى وطني قمت بافتتاح هذا الاستديو وشقيقاي يحضران باستمرار معي في أغلب الأعمال، وآخرها كانت أغنية مهداة إلى منتخبنا الوطني بكرة القدم، وهي من تلحين شقيقي "شادي"».

"شادي تمور" الشقيق الثاني يصف حالة آلة الكمان في حياته، ويقول: «وعيت صغيراً والموسيقا كانت موجودةً في بيتنا، ومشاهدتي لشقيقي "فادي" وهو يعزف على الكمان زادت من شغفي بها، وكنت مع شقيقي "فداء" نقلِّده في العزف سماعياً، وتعلمنا منه فيما بعد العزف بالنوتة، وخلال سنوات من العمل المتواصل تبلورت خبرتي أكثر فأكثر، وخاصة بالعزف مع مطربين كبار من أمثال "وائل جسار، شادي أسود" وغيرهم، وكقائد فرقة خاصة بالفنان "ريمون معماري" منذ سنوات.

الشقيقان شادي وفداء تمور

ومع مرور الوقت أصبحت هذه الآلة ملازمة لنا في جميع الأوقات، فهي تأخذني إلى عوالم أخرى من الخيال والأحاسيس، إضافةً إلى وجودنا كأشقاء معاً في ذات الفرقة، فهذا له انطباعٌ آخر لا يمكن وصفه مهما قلت، كلُّ ذلك انتقل إلى أبنائنا الذين يدرسون الموسيقا حالياً كعازفين على الكمان وغيرها من الآلات، وعملنا الجماعي أكسبنا الخبرة الضرورية اللازمة».

الشقيق الثالث "فداء تمُّور" تحدَّث عن تجربة العمل ضمن فرقةٍ واحدة مع أخويه وماذا أضافت إليه، فقال: «بما أنني الأصغر، فقد كان لهما الفضل الأكبر في اهتمامي بآلة الكمان، وفضولي في تقليدهما دفعني إلى حملها والعزف عليها، وفجأة وجدت نفسي أعزف المقطوعة الموسيقية التي كانت تترسخ في ذهني، هنا بدأ دور المعلم "فادي" الذي أعطاني أساسيات السلم الموسيقي، وخلال مدة عمله في "لبنان" بدأت مسيرتي الاحترافية هناك، حيث عزفنا معاً، وعملت أيضاً في فرقٍ أخرى كعازفٍ منفرد مع مطربين عرب من جنسيات مختلفة، منهم "عبادي الجوهر، عبدالله الرويشد"، وغيرهما، كما كنت أحد أعضاء الفرقة الخاصة للفنانة "نانسي عجرم" لعدّة سنوات، وهذه المشاركات استمرت ما بين عامي 2008-2014. أمّا اجتماعنا والعزف معاً، فله نكهةٌ خاصة ويدفعنا لتقديم أفضل ما لدينا، حيث تكون أرواحنا مندمجة إلى أبعد مدى، وسعادتنا كبيرة في إيصال الموسيقا الهادفة التي تدخل الفرح إلى قلوب متابعينا».

الاّباء والأبناء

"دانيال تمّور" البالغ من العمر 13 عاماً، وهو ابن "فادي" يقول عن حبِّه وممارسته للموسيقا ودور العائلة في ذلك: «الموسيقا في بيتنا مثل الخبز تماماً، لذلك نشأنا على حبِّها وترعرعنا على صوت الكمان، وكجيل للأبناء في عائلتنا كان تقليد والدي وأعمامي لعبتنا كأطفال، ثمَّ التحقنا لدراسة الموسيقا في معهد "محمد عبد الكريم"، إضافة إلى العزف على الكمان، وجدت ميولي أيضاً تتجه نحو آلة البيانو، والأجمل مشاركتنا لهم في بعض الحفلات كعائلة كبيرة من أجيالٍ مختلفة، وكان حضورنا في مهرجان "القلعة والوادي" من أحب الذكريات على قلبي».

"توفيق يوسف" مخرج إذاعي وصاحب استديو موسيقي خاص، عن رأيه بالأشقاء "تمّور" يقول: «عرفتهم منذ سنواتٍ طويلة، وهم جاؤوا من عائلة تهوى الفن والموسيقا، والشقيق الأكبر "فادي" صاحب الفضل في تكوين هذا المشهد الجميل الذي يمكن تسميته بالظاهرة الموسيقية الفريدة. ومن خلال عملي معهم كمهندسٍ للصوت في حفلاتٍ كثيرة، وجدت ذلك الإبداع والتميز من خلال تقديمهم للموسيقا بطريقةٍ احترافية وذوَّاقة، والأجمل ظهور الجيل الجديد من الأطفال والشباب من أبنائهم، وإصرارهم على تهذيب مواهبهم وصقلها من خلال الدراسة الأكاديمية».

نذكر أخيراً، أنَّ الإخوة "تمّور" من مواليد محافظة "حمص"؛ "فادي" عام 1973، و"شادي" عام 1978، و"فداء" عام 1982، وهم متزوجون، وجميع أبنائهم يدرسون الموسيقا.