رحلة بحث مضنية أمضوها في أغنيات التراث، من "أم كلثوم" حتى "محمد عبد الوهاب" إلى الموشحات، ليجدوا أغنيات ليست مألوفة أو مستهلكة، لتشدَّ الشباب وتلامس وجدانهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت قائد فرقة "وتر" للموسيقا الشرقية "زرياب الهاشمي" بتاريخ 28 كانون الثاني 2019، ليحدثنا عن نشأة الفرقة ومشاركاتها فقال: «كانت انطلاقة الفرقة منذ قرابة العامين، بعازفين ومغنٍّ ومغنية، هم: أنا على العود، و"رائد العواني" على الرق، و"مصعب شيخ السوق" و"آمنة خان" غناء، ثم ازداد العدد ليصل إلى 15 عضواً ما بين عازف ومغني كورال، لكنه عاد ليتناقص، منهم: عازف الكمان "نوفل دربولي"، وعلى الإيقاع "رائد العواني، ومنذر الحايك"، عازف الناي "عباس ربعوني"، وغناء كل من "آمنة خان، وغربة عبيد، ونتالي الصالح، ويارا علوان، وخالد الحسن، وزين العابدين حمدان"، وأغلب أعضاء الفرقة من طلاب كلية الموسيقا وبينهم طلاب مدارس وهواة، وقد كان لنا العديد من المشاركات، منها في مهرجان "الثقافة الموسيقية" عام 2018، والعديد من الأمسيات في رابطة الخريجين الجامعيين، ومهرجان "أيام ثقافية" بكنيسة "الأربعين"، وكان لدينا مشاركة أيضاً بـ"يوم المهندس العربي"».

أدرس في كلية الموسيقا، قسم الغناء، وكان لي شرف المشاركة بكافة حفلات الفرقة، وأتعلم العزف على العود بإشراف الأستاذ "زرياب درويش"، وأطمح كهاوٍ بأن أكون مع فرقة موسيقية لأحقق رسالتي الفنية، وأتمنى أن أحقق هدفي من خلال فرقة "وتر"

أما عن مقر التدريب وكيف يتم اختيار الأغنيات، فقال: «كانت دائماً إدارة "رابطة الخريجين الجامعيين" متمثلة برئيسها "عبد الحفيظ رجوب" داعماً لنا، حيث اتخذنا الرابطة مقراً للتدريب في أي وقت نختاره. أما الأغاني التي نقدمها، فهي من التراث غير المألوف وغير المستهلك، وكذلك الأدوار والموشحات، فكنا نغوص في أعماق التراث لنستخرج اللؤلؤ والمرجان من الأغاني والموشحات، وأغاني السيدة "أم كلثوم"، حيث لديها 150 أغنية، والمعروف منها لا يتجاوز 15 أغنية، فننتقي من أغانيها ما ليس معروفاً ونغنيها بإحساسنا وطريقتنا ونقدم قطع موسيقية (سماعيات)، ولا ننسى الموسيقار الخالد "محمد عبد الوهاب، وسيد درويش، وصباح فخري" ووصلات مصرية فيها روح الحركة لكي تناسب هذا الجيل الذي لم يألف سماع هذه الأغاني، فنقدم له الدور والموشح الذي يناسبه، ونحن برحلة بحث دائمة عن أغنيات طربية و"طقطوقة" تناسب روح العصر، ويكون وقعها طربياً وفيها إحساس وموسيقا جميلة، حيث لا ننحدر بمستوى الفرقة، وفي ذات الوقت لا نكون ثقلاء على أذن المستمع الجديد في هذا النوع من الموسيقا والغناء، وقد حظينا بتقدير العديد من الشخصيات، وتمتلك الفرقة سمعة جيدة، وفي الحفلات التي قدمناها كان عدد الحضور أكثر من عدد المقاعد حتى على مسرح الثقافة».

زرياب الهاشمي

وعن الأشخاص الداعمين للفرقة، قال: «أهم الأشخاص الداعمين "عبد الحفيظ رجوب" كما أسلفنا، أما الدعم المعنوي، فيتمثل بالمسرحي الكبير "فرحان بلبل" و"محمد بري العواني"، و"أميل روميه" رئيس فرع نقابة الفنانين بـ"حمص"، من خلال متابعتهم لأعمالنا، فنحن ندعوهم دائماً للاستفادة من آرائهم خلال تحضيرات العروض، لنتدارك أي ثغرة خلال العمل، ونتقبل النقد برحابة صدر».

والتقت المدونة عدداً من أعضاء الفرقة، فقال "رائد العواني" عن دوره بالفرقة وماذا أضافت له: «تعلمت العزف على الإيقاع عام 1996 ضمن نادي "الميماس" للموسيقا والتمثيل، وأول الحفلات التي شاركت فيها كانت مع النادي عام 1998 على أنغام الأدوار والموشحات والتراث الطربي، ثم توقفنا عام 2011، ثم عدتُ مع فرقة "وتر"، فكانت تجربة مميزة أحيت أرواحنا، وأرى أن الفرقة تعمل على رفع المستوى الثقافي الفني لدى الشباب عن طريق تقديم التراث بحلة جديدة ليقترب من أذواقهم ويستقطبهم بمحاولة للتمسك بجذورنا، ونحن مستمرون وحفلاتنا لا تنتهي، ويحضرها من عمر 16 حتى 80 عاماً. وتجربتي مع "وتر" كانت مميزة من خلال الجو المملوء بالمحبة والألفة».

رائد العواني

المغني "مصعب شيخ السوق" قال عن تجربته مع الفرقة: «أدرس في كلية الموسيقا، قسم الغناء، وكان لي شرف المشاركة بكافة حفلات الفرقة، وأتعلم العزف على العود بإشراف الأستاذ "زرياب درويش"، وأطمح كهاوٍ بأن أكون مع فرقة موسيقية لأحقق رسالتي الفنية، وأتمنى أن أحقق هدفي من خلال فرقة "وتر"».

الكاتب والمخرج المسرحي والموسيقي وعضو جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب "محمد بري العواني" المواكب لنشاطات الفرقة، قال: «تعد فرقة "وتر" من الفرق الموسيقية الغنائية الشبابية الجديدة في "حمص"، وقد ظهرت خلال الحرب الإرهابية العالمية على "سورية" جنباً إلى جنب مع الكثير من الفرق التي أرادت التعبير الفني والسياسي والاجتماعي عما يجري، في محاولة لدعم الناس نفسياً وعاطفياً واجتماعياً، وكان ذلك عملاً عظيماً لهذه الفرق، وظهور مثل هذه الفرقة التي خالفت جميع الفرق الموسيقية الغنائية من حيث نوع الموسيقا والغناء كان لها رصيد قوي من الجمهور المحب للموسيقا العربية التي تتمثل بالموشحات والأدوار والقدود وغير ذلك، وهذا يعني أن الفرقة تراثية من حيث توجهها وعملها، وتعد فرقة "وتر" استمراراً فنياً لما كان سائداً من الفرق التراثية ما قبل الحرب على "سورية"، لكن القوة التي فرضتها هذه الفرقة منذ انطلاقتها تنبع من قائدها الفنان "زرياب الهاشمي" الذي نشأ في بيت والده المرحوم الفنان التراثي الممتاز "محيي الدين الهاشمي"، الذي أسس وقاد فرقة نقابة المعلمين في "حمص" في ثمانينات القرن العشرين، وقدمت أعمالها في "مصر، وتونس".

محمد بري العواني

وقد أثبتت فرقة "وتر" قدرتها على تقديم التراث الموسيقي والغنائي العربي بأساليب شبابية، وهذا ما أكسبها شعبية جيدة من الشباب المتحمسين للموسيقا وخاصة الغناء، وأخيراً: تحية للفرقة وقائدها "زرياب الهاشمي"، راجياً لها دوام التألق والنجاح».