برزت موهبة الفنان التشكيلي "مؤيد كنعان" في العقد الثاني من عمره، حيث التزم الفنّ والصمت مدة طويلة ليلقي الضوء بعد سنوات على فن سيطر من خلاله على واقع صعب، مبتكراً أدوات وتقنيات ميّزت لوحاته.

في لقائه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 نيسان 2018، تحدث الفنان التشكيلي "مؤيد كنعان" عن نشأته وبداياته قائلاً: «نشأتي الاجتماعية كان فيها الكثير من الصخب الصعب، متمثلة بمضاربات بين الفوضى والهدوء؛ وهو ما لوّن طفولتي بالحرمان وبعض الألم، كان الحلم بكل شيء يطور موهبتي بالرسم من الأدوات والتقنيات والبيئة الحاضنة التي قد تعطيني الدعم والأمان لأستمر. كان عمري 14 سنة حين رسمت لوحتي الأولى، ونالت إعجاب المدرسين، ثم أبعدت موهبتي عن الضوء، وصقلت نفسي بمفردي من خلال قراءات مستمرة أستوحي منها خيالات وموضوعات لوحاتي، كما أن الهروب من واقعي الذي ولدت فيه ساهم في الغور بعوالم كثيرة قد تحقق لي فنياً ما افتقدته واقعياً.

التقيت الفنان "مؤيد" أثناء تحضيره لمعرضه الأول، وعملت على تشجيعه ودعمه، فهو موهبة تستحق الإضاءة والانتشار، وبحكم خبرتي السابقة في هذا المجال، قدمت له الفائدة وتبادلنا الأفكار الفنية، خاصة أنه في بداية طريقه الفنيّ، كما برزت موهبته ومخيلته الغنية في اللوحات المعروضة من حيث الأفكار والألوان، وكان رسمه بالقهوة لافتاً؛ لأن الرسم بها ليس عادياً ونادراً، فأحكم السيطرة على لون القهوة وتدرجاته في اللوحة، وكانت أعماله غير مباشرة ومملوءة بالإيحاءات والرموز، وبعضها واضح

الظروف الصعبة جعلتني بعد المرحلة الإعدادية أنخرط في العمل وأفكر بمستقبلي وأبنيه بالتدريج، فقد عملت أعمالاً كثيرة ومختلفة تطلبت مني جهداً جسدياً كبيراً، لكن بقي الرسم الموهبة الصامتة التي نمّيتها بطريقتي ومتابعتي الذاتية».

رسم بالقهوة

أتقن الرسم بالقهوة والملعقة، محاولاً التفرد بهذه الطريقة، تحدث عن ذلك بالقول: «الرسم بالقهوة مزاج طقسي متقلب، أستهوي فيه حميمية الشعور والرابط بين المشاعر والماء والورق والملعقة التي تدير وتمزج الحواس كما أفكر بها لحظة شربي للقهوة، وهذا ما يحتم علي استقطاب الأفكار أحياناً من الطقس، وأهم من كل ذلك ما وجدته في عيون الآخرين لهذا الطرح ونقل هذه التجربة، فالقهوة إحدى وسائلي على الرغم من صعوبة تثبيتها، لكن لجأت إلى أكثر من مادة، كالغراء وغيرها لأبدع لوحاتي، وأرسم خطوطها بالقهوة مستخدماً الملعقة كأداة في الرسم، ولا أقول إنني مبتكر هذا النوع من الرسم، لكنني ربما ملكت الجرأة في بعض المفاصل التي لم يتطرق إليها أحد أثناء بحثي».

وعن معرضه الفردي الأول بجامعة "البعث" في آذار 2018، يتحدث قائلاً: «معرضي الفردي الأول في جامعة "البعث" الذي عملت عليه بصمت ودقة لسنوات عدّة كان المحطة البارزة لفني، فقد قدمت ضمن المعرض 55 لوحة مستعملاً وسائل مختلفة في الرسم، كالسكين والريشة والملعقة والقهوة والألوان الزيتية بمواضيع متنوعة، كما جسدت في لوحاتي المدن الكبرى والحياة في الشوارع وبعض المناطق التي تحمل بعداً تاريخياً وتراثياً، كذلك قدمت لوحات جسدت فيها تفاوت المستوى العمراني، حيث يستطيع المتلقي أن يفهم مضمون اللوحة التي غلبها الوضوح.

أثناء افتتاح المعرض

كما استطعت بلوغ ما لم يبلغه الفن التشكيلي على صعيد اللوحة الجدارية في بلداننا إلا بنسب قليلة جداً، والعمل بأدوات مختلفة عن السائد، كالاستعاضة عن الريشة بالسكين في مجمل الأعمال، هذا ما أرغب التحدث عنه بثقة عالية وأغوص في هذا النوع أكثر من غيره لأنني أحبه وأرى تفرّداً فيه، واتخذت منه مشروعاً أقوم به بخطوات متأنية لأقدم الأفضل».

أما الفنان التشكيلي "إبراهيم سلامة" وعضو اتحاد الفنانين التشكيلين بمدينة "حمص"، فيتحدث عن فن "كنعان" قائلاً: «التقيت الفنان "مؤيد" أثناء تحضيره لمعرضه الأول، وعملت على تشجيعه ودعمه، فهو موهبة تستحق الإضاءة والانتشار، وبحكم خبرتي السابقة في هذا المجال، قدمت له الفائدة وتبادلنا الأفكار الفنية، خاصة أنه في بداية طريقه الفنيّ، كما برزت موهبته ومخيلته الغنية في اللوحات المعروضة من حيث الأفكار والألوان، وكان رسمه بالقهوة لافتاً؛ لأن الرسم بها ليس عادياً ونادراً، فأحكم السيطرة على لون القهوة وتدرجاته في اللوحة، وكانت أعماله غير مباشرة ومملوءة بالإيحاءات والرموز، وبعضها واضح».

إبراهيم سلامة

يُذكر أن الفنان التشكيلي "مؤيد كنعان" من مواليد "حمص" عام 1975، وهو شاعر وكاتب، لديه كتابان شعريان قيد الطباعة.