فنانة متعددة التقنيات، تمسك أطراف اللوحة لتجذبك إلى خباياها، وتسحرك بدقة المصور الذي أتقن رسم التفاصيل، لتضع خطواتها الثابتة بقوة في الساحة الفنية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 أيار 2017، الفنانة التشكيلية "فاتن عمران" لتحدثنا عن بداياتها في عالم الرسم، حيث قالت: «منذ الطفولة كان لدي ميول فنية، وكان لأهلي دور بارز في رعاية موهبتي وتقديم الدعم المعنوي والنفسي، وكبرت هذه الميول في مراحل الدراسة، فلم تفارق الألوان يدي منذ كنت في المرحلة الابتدائية، حيث مثّل الرسم مساحة كبيرة لتفريغ شغب الطفولة ضمن إطار مميز، لفت نظر المدرّسين، فتلقيت التشجيع والتهنئة من أساتذتي الذين أعجبوا بموهبتي، ولم تكن مفاجأة كبيرة لأحد عندما فزت بالمركز الأول على مستوى القطر بمسابقة الريادة التي تقيمها منظمة "اتحاد شبيبة الثورة" في الصف الحادي عشر في مادة الرسم؛ لذا وضعت لنفسي هدف الدخول إلى كلية الفنون الجميلة، وأجعل من موهبتي عملي الدائم».

كانت رحلة "فاتن" مبكرة في الفن، وهي تمتلك وسائل تعبيرية وأسساً وتقنيات مساعدة تتناغم بين التصميم والخط واستخدام أدوات مختلفة، لتكوّن لنفسها أسلوباً خاصاً يحمل الكثير من الخصوصية والإبداع الشخصي، وتركز في أعمالها على التفاصيل والخطوط الدقيقة المرادفة للظل واللون لتشكل اللوحة سمفونية بصرية في غاية الجمال

وتابعت: «تبلورت هذه الموهبة في مرسمي، حيث لا يمكن أن تتكوّن الشخصية الفنية من دون عمل دؤوب، لكن لم تمثّل الجامعة حلقة دفع قوية لي بقدر العمل، فاختصاصي كان الإعلان، وما زلت أشعر بالندم حتى اليوم لأنني لم أختص في مجال التصوير، وقد عزز العمل ضمن المؤسسات الخاصة موهبتي، حيث سمحت لي باستخدام تقنيات جديدة أكثر خبرة ودقة وحرفية، وأعطتني خبرة أعمق بالرسم، خصوصاً النمط الواقعي وتقنيات استخدام الألوان الخشبية؛ لذا انتظرت حتى التخرج لأبدأ وضع لمساتي الشخصية على رسوماتي الخاصة، فمنذ بداياتي تمسكت بالمدرسة الواقعية، حيث إنها الأبجدية الأولى في الفن، وأسعى إلى تطوير أسلوبي فيما بعد تدريجياً إلى التعبيري، لأنني أفضّل المدارس التعبيرية بقوة، وخصوصاً "نصير شورى"».

تصميم لكرت معايدة

أما عن خبايا تشكيل اللوحة، فقالت: «تأخذك اللوحة في مغامرة تجريبية مشحونة بالطلاسم لوناً وحرفاً، وأعتمد أسلوب البحث عن جمال اللوحة واللون من خلال تأثير الألوان وتمازجها مع بعضها، وإعطاء المساحة اللونية الكبيرة التي تصنع الجو النفسي مرتكزةً على تقنيات مختلفة بالتلوين، وفي الوقت نفسه أترك لنفسي حرية التنفس واللعب بحيوية فضاء اللوحة، حيث لا يكفي أن يكون الفنان صاحب نظرة ثاقبة، وإنما عليه أن يضيف من عمق تجربته الروحية».

أما بالنسبة للخط، فقالت: «أعشق الخط الديواني، حيث تتناغم الحروف بشكل فني، ويجمع الخط العربي بين الليونة والصلابة في تناغم مذهل، وتتجلى فيه قوة القلم وجودة المداد المستمدة من النفحات الروحانية التي تهيمن على الخطاط المبدع في لحظة إبداع فني لا تكرر نفسها، وأجد في الخط تحفة فنية تعبر أصدق تعبير عن الحالة الذهنية للفنان التشكيلي، حيث تعكس اللوحات تمازجاً بين جمال الخط العربي وليونته، فتأتي إبداعية في صياغتها لبعض الآيات القرآنية الكريمة، ليشكل في نهاية الأمر عملاً بقالب هندسي قوامه الحرف العربي، وأحب اللون الأحمر؛ فهو محور للإيقاع في الكثير من اللوحات، ويمتد بتدرجاته الرشيقة ليغطي التكوين كله، وبالتوافق المنضبط في النسب المطلوبة بين ضربات الفرشاة، لتنصهر في علاقة واضحة تساعد في بناء اللوحة بطريقة مميزة».

لوحة فنية بقلم الرصاص

أما عن التقنيات التي تفضّلها، فقالت: «أفضّل "تقنية البخ"، وهي مع صعوبتها لاستخدام فرد البخ في التلوين عبر التحكم بفتحة رأس الفرد، إلا أنها تغطي التفاصيل بدقة، وتعطي المساحات جماليتها، وتمتاز بصعوبة استخدام "الماسك" الذي يحدد الحواف ويحمي المناطق الثانية من الرذاذ، ثم يتم تفريغ المنطقة التي تحتاج إلى التلوين وتغطيتها، ثم يتم التفريغ مرة ثانية للون آخر حتى يكتمل المشهد الفني، وأفضّل أيضاً تقنية "الغواش"؛ أي الرسم بالتبسيط، وهي من التقنيات التي تستخدم ألواناً سميكة، وأيضاً يتم استخدام "الماسك" فيها».

أما عن سبب عشقها لرسم الوجوه والبورتريه، فقالت: «أعشق رسم العيون، حيث إن عين الإنسان هي التي تعطي الشبه الفعلي، فأي خلل في رسمها يلغي التفاصيل الأخرى، ثم أبدأ رسم الوجه بالكامل وأترك للإضاءة ومساحات الظل تحديد الخطوط الصغيرة، وأحب الألوان الزيتية مع أنها تسبب رائحتها النافذة، وتمثّل الأنثى حالة خاصة أشعر بأن فيها جمالية أكثر من أي شيء آخر، وسأقوم بافتتاح معرض خاص بي في الأيام القادمة».

زبيدة سليمان

أما عن تطور "فاتن" في الفن التشكيلي، فالتقت المدونة الفنانة "زبيدة سليمان"، وهي مصممة في بطاقات الرهونجي، وقالت: «كانت رحلة "فاتن" مبكرة في الفن، وهي تمتلك وسائل تعبيرية وأسساً وتقنيات مساعدة تتناغم بين التصميم والخط واستخدام أدوات مختلفة، لتكوّن لنفسها أسلوباً خاصاً يحمل الكثير من الخصوصية والإبداع الشخصي، وتركز في أعمالها على التفاصيل والخطوط الدقيقة المرادفة للظل واللون لتشكل اللوحة سمفونية بصرية في غاية الجمال».

بقي أن نذكر، أنّ "فاتن عمران" من محافظة "حمص" قرية "تلعداي"، مواليد عام 1978، وتعمل حالياً مُدرّسة لمادة التربية الفنية في مدارس "ريف دمشق".