قاد ببراعة عملية توزيع الظل والنور فوق سطوح منحوتاته جاعلاً منها عوالم واسعة، أعماله الفنية تُمثّل رافداً مهماً لحركة النحت السوري الحديث.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت عبر شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بتاريخ 10 شباط 2016، مع التشكيلي النحات "سامر حويجة"، وعن حياته الفنية تحدث بالقول: «بالتأكيد لا يمكن لأي فنان أن يحدد تاريخاً يعدّه البداية لفنه، فهناك تجارب ومحاولات متفرقة قد تبدأ بحالة من الاندهاش أو الملاحظة التي تؤسس لبداية معينة، وهذا ما جرى معي. البدايات تعود إلى سنوات الدراسة الأولى؛ حيث كنت أمضي الساعات الطوال وأنا أعالج قطعة من الطبشور أو قطعة من الخشب محاولاً تقليد بعض الأعمال الفنية العالمية، ومع الزمن بدأت التجربة تتميز وتظهر بعد التعرف إلى مواد مختلفة كالصلصال والأحجار وقطع من الرخام، وهنا أدين بالفضل إلى الأهل الذين استوعبوا موهبتي وشجعوني للاستمرار بالبحث ومن ثم التخصص».

شخصية فنية فريدة أعطته التميز وهو المبالغة بملامح المرأة ونسبها، إيحاءاته الفنية مدروسة، هو إنسان طيب صديق، متميز بسلوكه وفنه وعطائه

عن المدارس الفنية التي تأثر بها يقول: «مسألة المدارس الفنية قد تجاوزها الزمن، فلم يعد للمدارس الفنية حدود، بل إن لكل فنان تجربته الخاصة وربما مدرسته الخاصة، لكن هناك فنانين يصعب ذكرهم مرور الكرام كالنحات "مايكل أنجلو، رودان، مايول"، ومدارس فنية تشد النظر إليها وتفرض حضورها بقوة كالتأثيرية والتعبيرية».

من منحوتاته عن المرأة

عن أعماله الفنية يقول: «في الحقيقة لم أقدم نفسي كرسام وملون إلا نادراً، وكل نتاجي المعلن هو أعمال نحتية تتنوع ما بين الرخام والخشب والبرونز وخامات أخرى، لكنني رسمت الكثير من اللوحات باستخدام الألوان الزيتية والألوان المائية والغواش والأكرليك، كما أقوم بدراسات للأعمال النحتية بطريقة الرسم السريع، وربما أقوم بتلوينها بالألوان المائية، واختياري للنحت يعود إلى خاصيته الفريدة التي تتلخص بإمكانية الإحساس بالناتج ولمسه باليد، وهذا يخلق حيزاً في فضاء واقعي؛ أي إنه بعد انتهاء العمل يكون هناك شيء ملموس يمكننا محاورته والتعامل معه، هذه المسألة لا تتوفر في اللوحة والمطبوعة، ثم إن النحت يعد من أكثر الفنون صعوبة لما يتطلبه من مواد خام وحيز خاص لإنتاجه، أما المواضيع التي تستهويني فهي موضوع "الأنثى وربطها بالأسطورة"، وقد انشغلت كثيراً في هذا الاتجاه فقدمت "عشتار، عشتارات، اختطاف بيرسفوني"؛ وكلها من الميثولوجيا الإغريقية والآشورية والسومرية، وقد سخّرت لهذه الأعمال مواد كثيرة، منها الحجر والرخام والبرونز والخشب؛ فكل مادة تتميز عن الأخرى بطاقات مختلفة».

عن العلاقة التي تربطه بالمنحوت من لحظة الفكرة وحتى النهاية يقول: «الفن ليس ترفاً فكرياً بل هو حاجة نفسية وجدانية، والفكرة تخلق بذهن الفنان فيحس بدافع داخلي للقيام بتنفيذها، وهي تعويض وتوازن دقيق، فتخلق هناك حالة من المخاض الفكري يتمخض عنها إنتاج قد يوفق حيناً وقد يخفق أحياناً أخرى، ومن هنا نجد الفنان في حالة من القلق والتشكيك في مدى نجاحه بإيصال فكرته، كما أن هناك مصادفات يمكن للفنان توظيفها وتسخيرها في تأكيد فكرته، أو يمكن أن تخلق أفكاراً جديدة من خلال حواره مع المادة، وهذا لا ينقص من أصالة العمل أو الفكرة، وفي المحصلة ندرك أن العمل النحتي والفني عموماً ليس إلا جزءاً من الفنان ذاته يقتطعه من خياله ومن ذاته ويقدمه للمتلقي، بمعنى آخر الفنان هو نتاجه، ونتاجه هو الفنان ذاته».

المرأة بلوحاته التشكيلية

وعن مشاركاته بالمعارض يضيف: «حرصت على المشاركة في أغلب المعارض الفنية الجامعة؛ وخصوصاً المعارض السنوية لاتحاد الفنانين التشكيليين، وبحكم دراستي بتونس لتحضير الدكتوراه اشتركت بمعظم المعارض الفنية التشكيلية التونسية، ومنها: معرض "نبض الرخام، البالمريوم، المحرس"، إضافة إلى مشاركاتي بمعارض بـ"سورية"، منها: "معرض الربيع للفنون الجميلة، تحية إلى تشرين، تحية لحمص القديمة، اللوحة القديمة"، وهناك مشاركات عالمية في دول مختلفة كاليابان، هنغاريا، فرنسا..».

عن الرسالة التي يرغب بإيصالها من خلال أعماله يقول: «أريد إيصال فكرة التكامل والتماهي بين مكونين أساسيين من مكونات العنصر البشري؛ وهما الذكورة والأنوثة مستحضراً شخوصاً وأفكاراً من الأسطورة باعتبارها مخزوناً لا شعورياً للمجتمع، برأيي الرسالة التي يؤديها الفنان ليست مهمة، بل المهم هو العمل النحتي بحد ذاته، وعلى كل قارئ أن يفهم الرسالة التي تناسبه».

التشكيلي عبد القادر عزوز

"إيميل فرح" وهو فنان تشكيلي، قال عن تجربة "حويجة": «شخصية فنية فريدة أعطته التميز وهو المبالغة بملامح المرأة ونسبها، إيحاءاته الفنية مدروسة، هو إنسان طيب صديق، متميز بسلوكه وفنه وعطائه».

أما "عبد القادرعزوز" وهو تشكيلي أيضاً، فقال: «يعتمد "حويجة" برسوماته الأسلوب الواقعي وهو ملتزم بالتعاليم الأكاديمية، يطرح نفسه كنحات على الرغم من تكامل شخصيته في الرسم والنحت، له أعمال تصويرية بخامات متنوعة بين المائي والزيتي، أما منحوتاته فهي تعتمد الخط المنحني الأقرب إلى الجسد الأنثوي، وتتميز بالكتلة الضخمة وتكاد تشبه منحوتات في بلاد ما بين النهرين، شخصيات منحوتاته تحمل وجعها الداخلي، أعماله تشبه بعضها كنحت وتصوير؛ أي إن شخصيته متكاملة وواحدة في الاتجاهين».

يذكر أن التشكيلي "سامر حويجة" من مواليد "حمص" 5 أيار 1968، يحمل إجازة بالفنون الجميلة قسم النحت، دبلوم تأهيل تربوي من جامعة "دمشق"، دبلوم الدراسات المعمقة من المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس، دكتوراه في علوم وتقانات الفنون من المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس، وله عدد من الأبحاث العلمية والفنية، منها: "فن النحت على الحجر، مفهوم الزمانية في العمل الفني"، درّس مادة النحت والخزف بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة "حلب"، أستاذ مادة النحت بمركز صبحي شعيب للفنون التشكيلية، أستاذ مادة الرسم الحر والظل والمنظور في الجامعة الوطنية الخاصة بـ"حماة"، عضو نقابة الفنون الجميلة بـ"سورية"، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين، أعماله مقتناة بوزارة الثقافة ومتحف كلية الفنون الجميلة بـ"سورية"، ومقتنيات خاصة باليابان، هنغاريا، بيروت، تونس.