عاش المغني "ياسر المظلوم" فترة فنية غنية بالإنجازات مكنته من الوصول إلى نخبة مستمعي الفن الحمصي الغنائي الأصيل؛ ولا سيّما "السبعاويات"؛ لينصب ملكاً على هذه الفئة الفنية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 كانون الثاني 2016، الفنان "سرمد شلال"؛ الذي عاصر الراحل "ياسر المظلوم" مدة زمنية لا بأس بها، وتحدث عن مسيرة هذا الفنان قائلاً: «عاش "المظلوم" ضمن عائلة محافظة وهو الولد الثالث لأبيه الحاج "حسين"، وترعرع في كنف والده الذي كان عمله "حمصاني"، وعلى الرغم من اجتهاده في المدرسة إلا أنه ترك مقاعدها مرغماً بسبب ظروف العائلة المعيشية، وذلك لم يحل بينه وبين شغفه بالقراءة وخاصة الشعر والأدب، كما اهتم بمجالس الذكر والإنشاد منذ صغره، وكان يتردد باستمرار إليها؛ ولا سيما مجلس الشيخ "سليم خلف" الذي جذب حينها أكبر المنشدين في "حمص" و"حلب"، وتالياً حفظ الكثير وتعلم أداء المقامات والموشحات».

يعد من أعلام الفن الحمصي الأصيل مع أنه لم يأخذ الغناء كمهنة، بل عمل في تجارة "البرادات"، وفيما بعد أصبح لديه معمل صغير خاص به

وعن مرحلته الفنية يضيف: «يعدّ من أهم الأصوات في "سورية"؛ فقد نشأ على أداء المدائح النبوية وتميز في أداء الموال والموشحات والقصائد والأدوار؛ وهو ما لفت الأنظار إليه فسطع نجمه في "حمص"، ومن ثم ذاع صيته في المجتمع السوري بوجه عام، حيث جابه العادات والتقاليد السائدة حينها التي تعدّ الموسيقا عيباً وحراماً، ليسجل بصوته أغنية لكوكب الشرق "أم كلثوم" ويرسلها إلى مصر عام 1968، فرد عليه الراحل الموسيقي "عبد الرحيم نويره": "لو كان هذا فعلاً صوته، فليأتِ إلى مصر حتى نجعل منه كوكب الشرق الرجل"».

سرمد شلار

وأضاف: «لم يأخذ "المظلوم" حقه إعلامياً لكونه لم يتخذ الفن مهنة، وكان لديه أصدقاء من نخبة الفنانين، أمثال: "نجيب السراج، منجد العقاد، صباح فخري"، وغيرهم، وفي حينها كان يقول القدير "صباح فخري" بحفلاته في "حمص" بمعنى: "لديكم المظلوم لماذا تأتون بي"؛ وهذه دلالة على قوة صوته ورخامته، حيث سجّل أغنية يتيمة خاصة به عنوانها: "لا تسافر"».

الموسيقي "عبود جلال" عاصر أيضاً "المظلوم" عبر مراحل مختلفة من حياته، حدثنا عنها بالقول: «يعد من أعلام الفن الحمصي الأصيل مع أنه لم يأخذ الغناء كمهنة، بل عمل في تجارة "البرادات"، وفيما بعد أصبح لديه معمل صغير خاص به».

عبود جلال

وتابع "جلال" قائلاً: «لكن المبدع لا يخفي نفسه؛ فقد كانت له حفلات كثيرة لا تعد، حتى إن الحجز عليها يتم قبل شهرين تقريباً لشعبيته وجماهيريته، أحيا حفلات في "لبنان ومصر" ومختلف المحافظات السورية، إضافة إلى مشاركته في عمل مسرحي من إخراج "أحمد منصور"؛ اسمه "العرس الحمصي" ثمانينيات القرن الماضي، كما شارك مع فرقة نقابة المعلمين بقيادة المرحوم "محي الدين الهاشمي"، وهو ملك "الموال"، وأجمل من غنّى القصيدة، عزف على آلة العود قليلاً، لكنه كان يؤدي المواويل من دون موسيقا؛ فالتلوينات الموسيقية كان يؤديها بحنجرته أفضل من أي آلة موسيقية».

يشار إلى أن الفنان "ياسر السيد المظلوم" من مواليد مدينة "حمص - حي جورة الشياح"، 1944، توفّي على المسرح عام 2013 خلال إحدى حفلاته في "القاهرة"؛ وهو يؤدي "موّالاً" يجسد فيه حبه لوطنه، مطلعه:

"يلي مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه

ويلي مضيع محب يمكن سنه وينساه

ويلي مضيع وطن وين الوطن يلقاه؟".