التشكيل عندها نوعان تشكيل بالموسيقا وتشكيل بالألوان؛ فأفكارها تجسدها بالموسيقا والألوان؛ فالعلامات الموسيقية تعطي لحناً موسيقياً، والألوان لوحة تحكي قصة عاطفية أو شاعرية.. إنها الموسيقية الرسامة "سارة سهيل يازجي" التي اتخذت من الموسيقا والألوان حياة لها.

مدونة وطن "eSyria" التقت الموسيقية الرسامة "سارة سهيل يازجي" بتاريخ 7 أيلول 2014، في منزلها "ببلدة مرمريتا"، وكان لنا معها هذا الحوار:

أحب كثيراً الموسيقا وخاصة الغربية منها، وبالمصادفة تعرفت الآنسة "سارة يازجي"، فبدأت معها منذ سنتين وتعلمت دروساً بالموسيقا، وتعلمت أولاً مبادئ الصولفيج الموسيقي ثم بدأت تعليمي على آلة البيانو، وهذا ما كنت أطمح إليه منذ سنوات؛ لأنني لم أجد في بلدتي مدرساً يمكن أن يعلمني أصول العزف على آلة البيانو. وفي خلال هاتين السنتين اكتسبت من هذه الدروس خبرة موسيقية مقبولة، وعدداً من تكتيكات العزف على آلة البيانو، وأكثر شيء فرحت به هو مشاركتي مع آنستي في الأمسية الموسيقية التي أقامها "المركز الثقافي العربي بمرمريتا" في "مهرجان ليالي وادينا"؛ الذي أقامته "محافظة حمص"، وكانت هذه أول مرة أعزف أمام جمهور واسع، والآن أطمح إلى الاستمرار في دروسي الموسيقية مع آنستي التي اكتسبت منها خبرة موسيقية تجعلني أعزف بشكل مقبول على آلة البيانو

  • عادة نرى موسيقيين أو رسامين كل منهم على حدة، وقلما نجد أحداً يجمع بين هاتين الموهبتين، كيف جمعت "سارة يازجي" موهبتي الموسيقا والرسم التشكيلي؟
  • الموسيقية الرسامة "سارة سهيل يازجي"

    ** التشكيل الفني يجمع بين الموسيقا والرسم، فالموسيقا هي عبارة عن تشكيل بالعلامات الموسيقية بواسطة آلة موسيقية، والرسم هو تشكيل بالألوان بواسطة الريشة، وأنا بذلك أعتبر أن الألوان هي كالعلامات الموسيقية تماماً؛ فعملية تلحين أي لحن موسيقي مشابهة لعملية تشكيل أي لوحة. لذلك اخترت آلة البيانو لكي أشكل بالعلامات الموسيقية ألحاناً كثيرة، وفي نفس الوقت أخذت الريشة والألوان لكي أشكل اللوحات، فالأولى تشكيل سمعي، والثانية تشكيل بصري، وكله نابع من عواطفي وأفكاري.

  • الموهبة تظهر عند الفنان منذ سنوات الطفولة، هل تحدثينا عن طفولتك، وكيف برزت موهبتك؟
  • مدونة وطن تلتقي الفنانة "سارة يازجي"

    ** ولدت في "دمشق" عام 1991، ونشأت في "حي القصور" الدمشقي، ودرست في مدارس "دمشق"، وعندما أنهيت المرحلة الثانوية سجلت في كلية الصيدلة في "الجامعة الأوروبية" الخاصة، ومازلت أدرس الصيدلة.

    طفولتي كانت حافلة بالنشاط الموسيقي؛ فلا أذكر نفسي إلا وأنا أسمع الموسيقا الغربية ولا سيما الكلاسيكية منها، ومن الصور الأولى التي أذكرها أني عندما كنت في الصف الثاني الابتدائي كنت أصغي إلى الدروس الموسيقية التي كان يأخذها أخي "إياد" في صالون المنزل. الموسيقا جذبتني منذ أن كنت طفلة صغيرة، واللافت أن والدي لاحظوا ذلك، ومن أجل أن ينموا هذه الموهبة الصغيرة بدؤوا إعطائي دروساً موسيقية في المنزل، وكنت حينها في الصف الثاني الابتدائي. وكانت تأتي الآنسة لتدريسي الموسيقا والعزف على آلة البيانو في المنزل، وبقيت كذلك حتى الصف السادس عندما دخلت "معهد صلحي الوادي"؛ وكان اسمه آنذاك "المعهد العربي للموسيقا"، وذلك في عام 2000.

    الموسيقا بالرسم التشكيلي

    قبل بدء الدراسة في "معهد صلحي الوادي" قامت لجنة موسيقية باختباري موسيقياً لتحديد المستوى الموسيقي الذي سأبدأ دراستي الموسيقية به، وبعد الاختبار وضعت في المستوى الثالث، وكان هذا المستوى عالياً بالنسبة لطفلة في الصف السادس الابتدائي، وهنا بدأت رحلتي الموسيقية الأكاديمية وتخرجت في هذا المعهد عام 2008، وكانت هذه السنوات حافلة بالنشاط والتطور الموسيقي، فهذا المعهد الموسيقي جعل مني عازفة على آلة البيانو. ومن أهم ما اكتسبته خلال هذه السنوات هو إتقان العزف على آلة البيانو وقراءة الصولفيج بشكل أكاديمي.

  • بعد هذه السنوات الموسيقية كيف اخترت دراسة الصيدلة، وفي نفس الوقت بقي عشقك للموسيقا؟
  • ** في العام 2008 تخرجت في "معهد صلحي الوادي"، وكنت آنذاك في الصف الثالث الثانوي، وكنت أمام مفترق للطرق؛ الأول هو متابعة الدراسة في "المعهد العالي للموسيقا"، والثاني دراسة الصيدلة، والحقيقة إنني اخترت الطريقين؛ وذلك بالتسجيل في كلية الصيدلة ومتابعة دراستي الموسيقية بشكل فردي وبواسطة التواصل مع أصدقائي والأساتذة الموسيقيين في معهد صلحي الوادي والمعهد العالي للموسيقا. وكنت ومازلت أطمح أن أدرّس الموسيقا والعزف على آلة البيانو في "معهد صلحي الوادي"؛ لأن تدريسي للموسيقا يعمل على صقل وتطوير الموهبة الموسيقية للعازف، ولكن دراسة الصيدلة منعتني من ذلك. ولأنني أحب تدريس الموسيقا جعلت من غرفتي معهداً صغيراً للموسيقا، فدرست الموسيقا لعدد من الأطفال.

    عندما بدأت الأحداث المؤسفة في "سورية" منتصف عام 2011، توقف نشاطي الموسيقي وانتقلت أسرتنا للعيش في "بلدة مرمريتا" التي بدأت فيها مشواراً جديداً.

  • في سنوات الدراسة في "معهد صلحي الوادي"، هل كان لك أمسيات موسيقية؟ وهل كان لك مثل هذه الأمسيات خارج المعهد؟
  • ** كانت أجواء المعهد موسيقية بامتياز؛ فأنت تعيش في جو موسيقي بكل أبعاده، وهذا كاف ليصبح الطالب موسيقياً، فأنت تسمع وتعيش الموسيقا في كل مكان لذلك خلال فترة الدراسة في المعهد أقمت 3 أمسيات عزف منفرد على آلة البيانو، وكنت حينها في المرحلة الثانوية، هذه التجربة أعطتني الكثير من الشجاعة والثقة بالنفس، لأن هذه الأمسيات كانت تقام أمام أساتذة كبار للموسيقا وعدد كبير من الدارسين الموسيقيين، إضافة إلى كل ذلك اشتركت بعدد من أمسيات العزف المشترك التي كانت تقام بشكل دوري.

    ومن الأمسيات المهمة التي أقمتها خارج المعهد أمسية عزف منفرد في حفل تخرج الطلاب على مدرج "كلية العلوم" في "جامعة دمشق"، وكانت هذه الأمسية هي الأضخم والأطول وذلك عام 2008، وفي العام 2013 أقمت أمسية موسيقية فردية على آلة البيانو على مسرح "جامعة الحواش"، وذلك في حفل تخرج الطلاب أيضاً، وكان عدد من أمسيات العزف آخرها في "المركز الثقافي العربي في مرمريتا" في "مهرجان ليالي وادينا" في صيف 2014.

  • تعرفنا عليك عازفةً موسيقية، كيف بدأت تظهر موهبتك في الرسم التشكيلي؟
  • ** عندما بدأت الأحداث المؤسفة في "سورية" منتصف عام 2011، انقطعت عن الدراسة لفترة طويلة وتوقفت دراستي الموسيقية أيضاً وذلك لأسباب عدة؛ ما أدى لبقائي في المنزل لأيام كاملة وربما لأسابيع، وكنت حينها في صدمة حقيقية لما يحدث في هذا البلد الطيب وراودتني الكثير من الأفكار؛ فكنت أجلس لساعات وأنا أعزف على آلة البيانو. العزف لساعات طويلة يجعلك ترى مشاهد حياتية وأفكاراً كثيرة، وهذا ما دعاني إلى رسم وتشكيل هذه الأفكار والمشاعر، والبدء برسم خربشات منها واقعي ومنها ما هو سريالي، وقد واجهت صعوبات عدة في بداية محاولاتي في الرسم التشكيلي، واكتشفت من خلال ذلك أن في داخلي رساماً يختبئ وراء الألحان، فعندما أطلقت العنان ليميني بدأت رسم لوحات تشكيلية دون أن أتعلم ذلك، وهذا ما أذهل الكثيرين.

  • ما هو أسلوبك في الرسم التشكيلي؟ وهل للوحاتك علاقة بالموسيقا؟
  • ** عندما قرأت عن الرسم التشكيلي، اكتشفت أن لوحاتي تنتمي إلى المدرستين الواقعية والتجريدية، وأرسم بالألوان الزيتية وأعتبر نفسي في طور تعلم الرسم؛ فموهبتي بالرسم عمرها 3 سنوات فقط.

    الرسم التشكيلي بالنسبة لي له علاقة مباشرة بالموسيقا؛ فموهبتي الموسيقية أنجبت موهبة تشكيلية، فالتشكيل بالموسيقا أنجب التشكيل بالألوان، والآن بعد ساعات العزف على البيانو أقوم بالرسم التشكيلي مباشرة، فالعزف هو العزف سواء كان على آلة البيانو أو على قماش اللوحة، الأول للأذن والثاني للعين، وكلاهما نابعان من الفكر.

  • ما هي نظرتك للموسيقا؟ وكيف ترين الموسيقا والرسم في "سورية"، وخاصة بعد سنوات الأزمة السورية؟
  • ** في "سورية" هناك اهتمام بالموسيقا العربية أكثر من الموسيقا الغربية، فعازفو البيانو قلائل مقارنة بالعازفين على الآلات الموسيقية العربية كالعود والقانون، فقلما تجد عازفاً على آلة البيانو، وتبقى هذه الآلة في إطار الدراسة الأكاديمية فقط.

    الفن في "سورية" تأثر بشكل مباشر بالأزمة، وأظن أن هناك فناً في "سورية" سوف يطلق عليه فن الأزمة، وهو الفن الذي سيصور معاناة السوريين ومأساتهم لما أحدثه الإرهاب العالمي في بلدهم الهادئ، وهذا الفن بأشكاله ولا سيما الموسيقا والرسم هو تحد للإرهاب وللقتل والتطرف؛ فـ"سورية" تاريخياً هي مهد الحضارات وموطن الجمال وبلد الفنون، ففيها كتبت أول نوطة موسيقية، وفيها نقشت أول أبجدية، وفيها رسمت أولى اللوحات التشكيلية الجدارية.. وأعتقد أن الإرهاب سيقف عاجزاً أمام الحضارة السورية الممتدة من عمق التاريخ عبر الفنانين إلى يومنا هذا.

    أنا متأثرة جداً بالموسيقيين الغربيين الذين أسسوا الموسيقا الكلاسيكية، مثل: "بتهوفن"، و"موزارت". وأنا الآن بصدد تطوير وإعادة توزيع المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية التي خصصت للعزف على آلة البيانو.

    لدى الموسيقية الرسامة "سارة" العديد من الطلاب الذين تعلموا منها العزف على آلة البيانو، واشتركوا معها بالعديد من الأمسيات الموسيقية، ومنهم الآنسة "شام حنا" التي حدثتنا عن تجربتها الموسيقية معها، فقالت:

    «أحب كثيراً الموسيقا وخاصة الغربية منها، وبالمصادفة تعرفت الآنسة "سارة يازجي"، فبدأت معها منذ سنتين وتعلمت دروساً بالموسيقا، وتعلمت أولاً مبادئ الصولفيج الموسيقي ثم بدأت تعليمي على آلة البيانو، وهذا ما كنت أطمح إليه منذ سنوات؛ لأنني لم أجد في بلدتي مدرساً يمكن أن يعلمني أصول العزف على آلة البيانو.

    وفي خلال هاتين السنتين اكتسبت من هذه الدروس خبرة موسيقية مقبولة، وعدداً من تكتيكات العزف على آلة البيانو، وأكثر شيء فرحت به هو مشاركتي مع آنستي في الأمسية الموسيقية التي أقامها "المركز الثقافي العربي بمرمريتا" في "مهرجان ليالي وادينا"؛ الذي أقامته "محافظة حمص"، وكانت هذه أول مرة أعزف أمام جمهور واسع، والآن أطمح إلى الاستمرار في دروسي الموسيقية مع آنستي التي اكتسبت منها خبرة موسيقية تجعلني أعزف بشكل مقبول على آلة البيانو».

    وفي نفس السياق العديد من الفنانين التشكيليين شاهدوا لوحات الآنسة "سارة يازجي"، ومنهم الفنانة التشكيلية "نداء الدروبي"، وهي إحدى الفنانات التشكيليات في "محافظة حمص"؛ التي تعيش الآن في العاصمة "دمشق"، وقد حدثتنا عن رأيها بهذه اللوحات فقالت:

    «اللوحات عبارة عن مزيج من الأشكال والمناظر الطبيعية التي تعبر عن أفكار الفنانة التي تريد تجسيدها بشكل بصري، ومن خلال ملاحظتي لهذه اللوحات وجدت أن هناك مزجاً بين الواقعية والسريالية، إضافة إلى لمسات تجريدية؛ وهذا يدل على موهبة تشكيلية يمكن تطويرها. الألوان عند الفنانة كثيرة جداً ومن الملاحظ أنها تحب مزج الألوان؛ فلوحاتها براقة وهي تختار المواضيع الرومانسية الممزوجة أحياناً برسم علامات موسيقية؛ ربما لأن الفنانة في الأصل موسيقية، وهذا لا بد أن يؤثر بشكل أو بآخر في الأسلوب التشكيلي لدى الفنانة.

    الجدير ذكره أن الموسيقية الرسامة "سارة يازجي" شاركت في العديد من المعارض التشكيلية في "دمشق" و"بلدة مرمريتا"، وكان آخرها في "المركز الثقافي العربي بمرمريتا"، وقد أقامت عدداً من الأمسيات الموسيقية في "دمشق"، وفي "بلدة مرمريتا".