لوحات تشكيلية عبرت فيها عن أحاسيسها وأفكارها بأسلوب أشبه بالقصة، وجعلت من اللوحة التشكيلية صديقة لها ومن الفن التشكيلي متنفساً لحياتها.

إنها الفنانة "نداء الدروبي" التي التقاها موقع eSyria وأجرى معها الحوار التالي:

الفن التشكيلي بدأ يتطور في سورية بشكل واضح وهناك اهتمام كبير فيه، وخلال السنوات الخمس الماضية أصبح لدينا العديد من صالات العرض والمعاهد التي تدرّس أصول الفن التشكيلي، وبدأ الناس يهتمون نسبياً بهذا الفن الراقي وهذا ما لم يكن موجوداً في السابق، ولكن أنا أرى أن الفنان التشكيلي يحتاج لرعاية ودعم أكبر لكي يتطور فنه نحو الأفضل. كما أشجع المعارض الجماهيرية التي تقام في الهواء الطلق بعيداً عن صالات العرض، لأني أحب أن أرسم والناس من حولي هذا يعطي شعوراً للفنان لا يمكن وصفه ويجعله أكثر قرباً من الناس

  • الرؤية التشكيلية للفنان تتشكل في بداية حياته، هل يمكن أن تحدثينا عن سنوات طفولتك وشبابك؟
  • الفنانة التشكيلية "نداء الدروبي"

    ** «أنا من عائلة أحبت الفن بأنواعه، فمنذ أن كنت طفلة صغيرة عشقت الفن، ولا أذكر نفسي إلا وأنا أرسم أو أحلم بالرسم والتشكيل، وأنا ولدت في مدينة "دمشق" عام /1970/ وترعرعت فيها ودرست كافة المراحل الدراسية في مدارسها، وكنت ومازلت أتأثر بجمال "دمشق" الأخاذ وخاصة في الشوارع والأزقة القديمة في "باب توما" و"القشلة" و"سوق الحميدية" والزخارف الرائعة على جدران "الجامع الأموي"، هذا كله طبع في نفسي حباً للفن التشكيلي، وأنا ببساطة رأيت "دمشق" القديمة كأنها مجموعة من لوحات مجسمة.

    وهذه الرؤى جعلتني أبدأ برسم لوحات صغيرة منذ أن كان عمري ست سنوات، فكان لي مرسمي الخاص الذي أقضي فيه ساعات طويلة، لذلك أعتبر أن طفولتي كانت حافلة وزاخرة بالأفكار التشكيلية التي بدأت في التكوّن والتبلّور عندما بلغت من العمر خمس عشرة سنة».

    "المرأة الفلسطينة" إحدى لوحات الفنانة "الدروبي"

  • بعد سنوات الطفولة التي أوجدت في نفسك عشقاً للفن التشكيلي، كيف بدأت بتعلم أصول الرسم؟
  • ** «كان لوالديّ الأثر الأكبر في تطوّر موهبتي التشكيلية، لأنهما لاحظا أنني بدأت برسم لوحات مميزة، وقد اشتركت فيها بعدة معارض طلابية في المدرسة، ولكن دراستي الأكاديمية للفن التشكيلي بدأت في العام /1986/ عندما دخلت "مركز أدهم إسماعيل" للفن التشكيلي "بدمشق"، وفيه تعلمت الرسم بطريقة أكاديمية. فدرست فيه لمدة خمس سنوات، تعرفت خلالها على العديد من الفنانين التشكيليين وأساتذة الفن التشكيلي أمثال "عزيز إسماعيل" و"علي الصابوني" و"ميلاد الشايب".

    وكانت هذه السنوات غنية بالمعلومات والأساليب التشكيلية التي عملت على تطوير أسلوبي ومساعدتي في رؤية الفن التشكيلي من زوايا أشمل وأفكار أعمق. وبعد هذه السنوات في "دمشق" انتقلت عائلتي إلى العيش في مدينة "حمص" التي أحبها لأنها كانت الحضن الدافئ الذي وجدت فيه النجاح في مجال الفن التشكيلي الذي طالما عشقته».

  • لكل فنان رؤيته التشكيلية وطريقته التي يتفرّد فيها، ما هو أسلوبك في الفن التشكيلي؟
  • ** «خلال دراستي التشكيلية وقراءتي للعديد من الكتب التي تتحدث عن الرسم ومدارسه العالمية تأثرت بالعديد من الفنانين التشكيليين، وبالحقيقة أحببت الفن التشكيلي الواقعي الكلاسيكي الذي يحاكي الواقع ويوثّقه، فقد تأثرت بريشة الانطباعيين ودقة فناني عصر النهضة والتراث الفلكلوري السوري، فلديّ كثير من اللوحات التشكيلية التي جمعت كل هذه العناصر.

    وبعد دراسة طويلة حاولت إيجاد مدرسة تشكيلية خاصة بي فعملت على اللعب على اللون وتفاصيل الشكل وتماسك الرؤية البصرية بحيث تصبح اللوحة عنصراً واحداً مع أنها عدة عناصر، وأعتبر أن اللون هو العنصر الأساسي الذي يعطي اللوحة مضمونها وخاصة الألوان الواحدة المتدرجة، فمثلاً أجد أن اللون البنفسجي أجمل الألوان وخاصة أنّ عمل الفنان يرتكز على الرسم بواسطة تدرّجات هذا اللون.

  • ما الموضوعات الأبرز التي تعالجينها في لوحاتك؟
  • ** «معظم لوحاتي التشكيلية تعالج موضوعاً معيناً فللمرأة نصيب كبير في لوحاتي ولاسيما حقوقها ونظرة المجتمع إليها، إضافة لذلك كان للقضية الفلسطينية حيز كبير في لوحاتي، فلوحتي عبارة عن كتاب مفتوح يعالج قضية إنسانية ما، فالفن التشكيلي بنظري يجب أن يكون فن الناس وعينهم، فهو بالدرجة الأولى خادم للفكر البشري.

    والآن أحاول أن أطور أسلوبي التشكيلي برسم لوحات كبيرة الحجم ذات ألوان كثيرة تحوي بعضاً من "الكولاج" لخدمة الفكرة، وأريد من ذلك كله أن تكون اللوحة عبارة عن قصة ذات فصول متعددة».

    وعن رؤيتها للفن التشكيلي في سورية قالت:

    «الفن التشكيلي بدأ يتطور في سورية بشكل واضح وهناك اهتمام كبير فيه، وخلال السنوات الخمس الماضية أصبح لدينا العديد من صالات العرض والمعاهد التي تدرّس أصول الفن التشكيلي، وبدأ الناس يهتمون نسبياً بهذا الفن الراقي وهذا ما لم يكن موجوداً في السابق، ولكن أنا أرى أن الفنان التشكيلي يحتاج لرعاية ودعم أكبر لكي يتطور فنه نحو الأفضل.

    كما أشجع المعارض الجماهيرية التي تقام في الهواء الطلق بعيداً عن صالات العرض، لأني أحب أن أرسم والناس من حولي هذا يعطي شعوراً للفنان لا يمكن وصفه ويجعله أكثر قرباً من الناس».

    وعن رأيها بالفنانة التشكيلية "نداء الدروبي" حدثتنا الفنانة التشكيلية "نجاح الدروبي" التي واكبت مسيرتها التشكيلية منذ أيام الطفولة فقالت:

    «أنا أعتبر أن الفنانة التشكيلية "نداء الدروبي" استطاعت خلال هذه السنوات الطويلة من الرسم والتجارب التشكيلية أن توجد لنفسها مدرسة تشكيلية فريدة من نوعها، وهي القصة المرسومة، فاللوحة عندها عبارة عن قصة أو قصيدة ولكن مكتوبة بالألوان، فالمشاهد للوحة يرى فصولاً ومراحل كمراحل وفصول القصة، وهذه طريقة تشكيلة تعمل على جذب المشاهد وتجعله يتعلق باللوحة وكأنه يتعلق بقصة.

    ومن خلال ملاحظتي للمراحل التشكيلية التي مرت بها الفنانة أجد أنها تنقلت بين المدرستين الكلاسيكية التصويرية والتجريدية، ولكن أظن أنها اعتمدت أكثر على الأسلوب الكلاسيكي التصويري لكي تحافظ على الشكل بدقته مضيفة إليه بعض التجريد الذي قد يخدم فكرتها وهذا ما أكسب لوحاتها قيمة تشكيلية مضافة».

    الجدير ذكره أن الفنانة التشكيلية "نداء الدروبي" شاركت في العديد من المعارض التشكيلية الفردية والجماعية أبرزها كان في "المركز الثقافي الروسي" بدمشق عام /2004/ و"المركز الثقافي العربي بحمص" عام /2005/ ومعرض فردي في لبنان عام /1998/ ولها عدد من الدراسات في النقد التشكيلي والفنون الجميلة.