حَلم بأن يصبح طياراً حربياً كوالده الشهيد، لكن عشقه للسينما وميوله الفنية دفعته ليكون مخرجاً سينمائياً له رؤيته الخاصة للواقع.

إنه المخرج الشاب "المهند كلثوم" الذي التقاه موقع eHoms فكان الحوار التالي:

"المهند" يمتلك مواصفات المخرج المثالي، من حيث الرؤية الشاملة للعمل الذي يقدمه بالتوازي مع حرصه على تحقيق إضافة للعمل الفني بكافة تفاصيله، يضاف له سلاسته وذوقه في تعامله كانسان ومخرج مع فريق العمل ككل

  • ما أثر بيئتك المحيطة منذ طفولتك في توجهك نحو الفن بشكل عام؟
  • المخرج "كلثوم" أثناء تصوير إحدى مشاهد أفلامه في أوكرانيا

    ** «منذ الطفولة كان حلمي بعيداً جداً عن "فن الإخراج"، ولكن بنفس الوقت كان بداخلي ميول فني واضح أمام من حولي، حيث إنني منذ مرحلة الطفولة التي قضيتها في مدينة "حمص" حتى مرحلة الوعي كنت أشاهد مسرحيات وأشارك في بعضها، وكنت متعلقاً بالأفلام السينمائية بشكل كبير، كما تعلقت بالتصوير بكافة أنواعه، فأنا أذكر "الكاميرا الفوتوغرافية الفورية" التي جلبها لنا والدي منذ طفولتي، حيث كنت أتبادل الصور مع إخوتي، وتعلقي بها كان واضحاً جداً مع أن حلمي الوحيد هو أن أكون طياراً حربياً مثل والدي العقيد الطيار الشهيد "محمد كلثوم"».

  • لماذا تحولت نحو عالم الفنون ولم يبصر حلمك بأن تصبح طياراً النور؟
  • أثناء تصوير فيلم "البرزخ" في "دمشق"

    ** «طبعاً بعد استشهاد والدي تولّد لدى والدتي نوع من الخوف والحرص بمنعي من تحقيق حلمي أن أكون طياراً وان ألتحق بالكلية الحربية، فدفعتني للتوجه للمجال الفني لما لاحظته من ميول لدي في هذا المجال، فكان سؤالي لها: "ألا تخشين من دخولي عالم الفن؟ فقد أصبح مخرجاً أو ممثلاً؟" فكان جوابها إيجابياًَ، وبالعكس شجعتني على دخول هذا العالم الشيق، مع أنه ليومنا هذا فكرة العمل الفني أو العمل في مجال الفن غير مرحب بها لدى كثير من العائلات، فدخولي عالم الإخراج السينمائي هو تشجيع من الأهل إضافة لوجود هاجس حالي لمتابعة تقدمي في هذا المجال»

  • كيف كانت بداياتك في العمل الفني وما سبب دراستك الإخراج السينمائي؟
  • غلاف أحد أفلامه التي نالت إعجاب الكثيرين

    ** «بداياتي في العمل الفني كانت في مدينة "دمشق" من خلال دراستي في مدارس أبناء الشهداء، حيث كنت ضمن الفرقة المسرحية التابعة للمدرسة، وفي وقت لاحق خضعت لدورة بإشراف وزارة التربية واتحاد شبيبة الثورة تهدف إلى إعداد مخرج مسرحي، وطبعاً المسرح كما هو معروف هو أبُ الفنون، ولكن كان تعلقي بالسينما أقوى وأكثر، وسورية للأسف في ذلك الوقت لم يكن فيها كليات أو معاهد أكاديمية متخصصة بعالم الإخراج السينمائي أو التلفزيوني، فاضطررت للسفر إلى أوكرانيا في عام 2003 وبدأت هناك دراسة الإخراج».

  • ماذا حققت خلال فترة دراستك في أوكرانيا؟
  • ** «لقد حالفني الحظ هناك بأن أكون سفيراً لبلدي سورية ضمن المجال الفني، فقد دخلت إلى صميم المجتمع الأوكراني بعاداته وتقاليده فاستطعت أن أكسب ود من حولي هناك، وأن أناقش بأفلامي التي أخرجتها هموم الشباب هناك، إلى جانب استلامي رئاسة القسم الإعلامي في الجالية السورية بمدينة "خاركوف"، وأظن أن هذه الجالية من أنجح الجاليات السورية في العالم، فكان لنا بصمة واضحة على صعيد المعارض الفنية والسياحية والأعمال السينمائية التي تعرّف ببلدنا الغالي سورية، وقد حصدنا العديد من الجوائز والتقدير من الحكومة الأوكرانية هناك».

  • ما أهم أفلامك السينمائية التي قدمتها خلال وجودك في أوكرانيا وما أهم الجوائز التي حصلت عليها؟
  • ** «لقد قدمت مجموعة من الأفلام القصيرة ضمن المرحلة الدراسية ومن أهمها مشروع حصولي على شهادة "البكالوريوس" وهو عبارة عن فيلم روائي قصير بمدة لا تتجاوز 15 دقيقة بعنوان "أمل.. إيمان.. حب" وقد تطرق لمشكلة "الأنا" الموجودة عند معظم الشباب، كما تطرق الفيلم بشكل خاص لمناسبة عيد المرأة العالمي.

    أما الفيلم الذي أحدث نوعاً من الضجة السينمائية هناك فقد كان لنيلي شهادة "الماجستير" وكان بعنوان "كفى" فهو يتطرق لموضوع العنصرية النازية المتجسدة بحركة "كتنهيدي"وهذه الحركة ترفض الوجود الأجنبي على الأراضي الأوكرانية وتدعو لفكرة التميز العرقي بألوان البشرة، وكان الفيلم يعالج وينتقد هذه الحركة، وبسبب الفيلم تم تكريمي من قبل محافظ "خاركوف" بعام 2010 بجائزة المدينة.. "ميخائيل دوبكان" لتواصل حضارات الشعوب بعضها مع بعض، وبنفس العام كرمت من قبل الجالية السورية بجائزة "المغترب السوري المبدع لعام 2010"، وكانت هذه الجائزة عن مجمل أعمالي التي أهمها المعرض الفوتوغرافي لتشجيع السياحة في بلدنا سورية».

  • كيف بدأت تجاربك الفنية عند إنهائك الدراسة وعودتك إلى بلدك سورية في العام الحالي 2011؟
  • ** «عند عودتي بدأت أتعرف على الأسلوب المتبع هنا في الأعمال السينمائية، وكانت انطلاقتي الأولى بالعمل على إخراج فيلم "البرزخ" الذي يحكي قصة شابة فلسطينية استطاعت بعزيمتها عبور الحاجز الشائك على الجولان السوري المحتل في يوم العودة 15 أيار 2011، وتابعت مسيرها حتى "بحيرة طبريا" وتم اعتقالها هناك وترحيلها إلى مكان قدومها».

  • ما أبرز المشاريع الفنية التي تعمل عليها حالياً والتي تنوي القيام بها مستقبلاً؟
  • ** «مؤخراًَ انتهيت من كتابة فيلم روائي قصير بعنوان "سيغار سوري" يشرح الوضع الذي تعيش به سورية في ظل الظروف الحالية، وعلاقة الحب والعشق التي تربط الشباب السوري ببلدهم، حيث سيتم البدء بتصوير هذا الفيلم في وقت قريب، بالإضافة إلى أنني أخطط لأعمال ضخمة وجديدة وهادفة سوف يتم الإعلان عنها قريباً».

    نالت أعمال المخرج "كلثوم" إعجاب العديد من الفنانين والمخرجين الذين تحدثوا عنه وكان من بينهم "المونتير" "ماجد الرنكوسي" الذي حدثنا عن شخصية "المهند كلثوم" وعلاقته بمن حوله بقوله: «الحقيقة أن "المهند" شاب مبدع ومميز، استطاع خلال فترة قصيرة أن يثبت وجوده على الصعيد السينمائي فهو إضافة لكونه مخرجاً سينمائياً، فهو كاتب ذو بصيرة بعيدة وأنا من خلال تعاملي معه والتعاون في ما بيننا أستطيع القول إنه منفتح على الحوار والنقاش، وخاصة أنه يتقبل النقد حتى من أصغر كوادر العمل أثناء التصوير، كما أنه يضفي على جو العمل طابع الفكاهة والمرح على الرغم من جديته أثناء التصوير وهذا برأيي جزء هام بشخصية صانعي السينما».

    أما الآنسة "رولا بريجاوي" فحدثتنا عما يميز "المهند" من غيره من المخرجين بصفتها مساعد مخرج شاركته في العديد من الأعمال والأفكار السينمائية حيث قالت: «"المهند" يمتلك مواصفات المخرج المثالي، من حيث الرؤية الشاملة للعمل الذي يقدمه بالتوازي مع حرصه على تحقيق إضافة للعمل الفني بكافة تفاصيله، يضاف له سلاسته وذوقه في تعامله كانسان ومخرج مع فريق العمل ككل».

    وأيضاً من الأشخاص الذين تحدثوا عن علاقة "المهند" بمن حوله وحماسه لمهنته التي بدأ مزاولتها مبكراً، الأستاذ المخرج "نبيل المالح" حيث حدثنا عن شخصية "المهند كلثوم" بقوله: «أهم شيء هي الحماسة الموجودة لدى "المهند" في عمله، فهو رغم الظروف التي عشناها مؤخراً كسوريين استطاع أن يثبت وجوده كمخرج صاعد وأن يكسب ود من حوله، وخاصة فيما يقدم من أفكار مبدعة ذات بعد إنساني، وهذا أيضاً دليل على المسيرة التي يسير بها في أعماله السينمائية.

    وبالنسبة للأفكار المبدعة التي يمتلكها فهي بحاجة لفرص أكثر في الظروف الراهنة، فالإنسان الآن أسير لما يحيط به، وطموحه بأن يكون شخصاً مختلفاً عن غيره هو ما ميز علاقتي به، واستغلاله لخبرته التي كسبها في الخارج في مثل هذه الظروف أمر مهم، فنحن بحاجة لمثل هؤلاء الشباب في نهضة وتطوير البلد».