يعتبر نادي دوحة الميماس من أهم الأندية الاجتماعية التي تهتم بالموسيقى العربية والتراث الفني الموسيقي إضافة إلى اهتمام النادي بالحياة المسرحية على مستوى المحافظة.

وللتعرف على مسيرة هذا النادي منذ تأسيسه وأهم النشاطات التي شارك فيها والفنانين الذين تخرجوا منه eHoms التقت الأستاذ محمد بري العواني رئيس النادي والذي حدثنا قائلاً:" تأسس نادي دوحة الميماس للموسيقى والتمثيل في حمص عام 1933 وذلك بعد أن تداعى عدد من مثقفي ومسرحيي وفناني حمص لتأسيس النادي امتثالاً لاستمرار الحركة المسرحية والموسيقية باعتبارها ثقافة مقاومة للثقافة التي كان يشيعها الاستعمار الفرنسي آنذاك وعلى هذا فقد كان تأسيس النادي متابعة لمجموعة من الفرق المسرحية والموسيقية والأندية التي كانت ماقبل الثلاثينيات وتعمل تحت غطاء أحزاب سياسية وطنية.

وقد استعار مؤسسو النادي اسم النادي (دوحة الميماس) من اسم مجلة نسوية كانت تصدر تحت هذا الاسم وكانت تصدرها السيدة ماري شقرا حيث صدرت منها أعداد سنة كاملة ثم توقفت عن الصدور. أما أهم الذين تداعوا لتأسيس النادي فهم الأساتذة: رضا صافي، مراد السباعي، أنس الملوحي، عبد الرحمن الملوحي، سليمان المعصراني والذي أعطى النادي مصداقية في أوساط المجتمع الحمصي والذي كان أغلب مؤسسيه يمارسون نضالهم الوطني ضد المستعمر الفرنسي بالكلمة وبالسلاح، وتحفظ الوثائق أسماء العديد من الشخصيات الحمصية كفيليب كبا وإليان طرابلسي وتثبت هذه الوثائق أن الحركة الفنية والسياسية كان يقودها في حمص مثقفون من مختلف المذاهب الدينية تحت شعار الدين لله والوطن للجميع.

أعضاء النادي في بداياته

ويضم النادي وفق نظامه القديم قسماً للمسرح وقسماً للموسيقى وقسماً للرياضة وكان الهدف من الأخير تدريب الشباب على فنون القتال كالمصارعة والملاكمة لزجهم في صفوف الثوار. وفي العام 1959 ألغي القسم الرياضي بعد تعديل النظام الداخلي بسبب استقلالية الأندية الأخرى التي كانت موجودة".

وعن طبيعة عمل وتوجه النادي بشكل خاص قال العواني:" لقد عمل النادي منذ تأسيسه وحتى اليوم على إحياء التراث الغنائي والموسيقي العربي خاصة فيما يتعلق بالموشحات الأندلسية والقصائد والموواويل وغير ذلك من قوالب الموسيقى العربية.

الفرقة الموسيقية حديثاً

أما في الجانب المسرحي فقد كان المخرجون والمؤلفون يحرصون على استلهام التاريخ العربي والوقائع والشخصيات التي اتصفت بالبطولة والمقاومة كخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وطارق بن زياد، لأنها كانت تلبي النزوح الوطني للتحرر والاستقلال".

وتابع العواني قائلاً:" لقد عاش النادي فترته المتألقة الأولى مابين عامي 1933 و1945 حيث نشط مسرحياً وموسيقياً وثقافياً بعد أن أقام علاقات صداقة متميزة مع عدد من فناني ومثقفي سورية وعلى رأسهم الشيخ علي الدرويش الحلبي، وعبد اللطيف النبكي الذي ترأس معهد الموسيقى الشرقية في بغداد، والكاتب المسرحي والناقد خليل هنداوي وغيرهم من الأدباء والمبدعين، وضم النادي خلال هذه الفترة أهم الأصوات الغنائية والمسرحية وأهم العازفين، ففي المسرح كان الأستاذ رضا صافي ومظهر طليمات، ومراد السباعي وماهر عيون السود ومحمود طليمات، وفي الموسيقى أمير البزق محمد عبد الكريم.

شعار النادي

أما بين الفترة 1945 و1955 عاش النادي فترة ركود بسبب بعض الخلافات لكنه استطاع بعدها أن يسترد عافيته في تنسيبه لكثير من الشباب، وقد استطاع أن يشارك في المسابقة الوطنية التي نظمتها وزارة الثقافة السورية عام 1961 في حلب للفرق الموسيقية وقد فاز النادي يومها بالجائزة الأولى، حيث غنى يومها عبد الواحد الشاويش أحد أهم الأصوات الحمصية في تلك الفترة دوراً لسيد درويش وكانت الفرقة بقيادة الموسيقي الأستاذ مصطفى الربّاط".

وعن فترة مابعد الركود ذكر العواني أنها كانت مابين 1960 حتى 1970 وتميزت بازدهار فني ممتاز للنادي وما ميزها أكثر حسب قوله هو العودة إلى عقد الصداقات مع فنانين وباحثين وعلماء عرب، حيث حفل النادي في منتصف الستينات باستضافة دائمة للعلامة الشيخ حيدر الجوادي الأستاذ في جامعة النجف ببغداد وهو إلى جانب كونه رجل دين فهو عالم بالأنغام والإيقاعات والموسيقى العربية.

وأضاف العواني أن هذه الفترة شهدت وعلى الدوام حضوراً بهياً لشخصيتين اعتباريتين دينيتين هما الشيخ نديم الوفائي والخوري أديب مسوح اللذين كانا يغنيان على الدوام مع فرقة موشحات النادي داخل المقر تجديداً ويضبطان في كثير من الأحيان الأوزان والإيقاعات والنغمات، ويضاف إليهما العلامة الشيخ محمد نور الشيخ عثمان رئيس الطريقة المولوية بحمص وكان عالماً بالموسيقى العربية.

وفي العام 1968 شهد النادي ازدهاراً جديداً وذلك بعد أن انتسب إليه جملة من المثقفين وعلى رأسهم المرحوم الدكتور سمير الضاهر وفرحان بلبل وهاني شموط ومصطفى بستنجي وآخرين. وبدأوا يقيمون جلسات الاستماع الدورية للموسيقى الكلاسيكية التي طورت في ذائقة النادي فنياً والتي دامت لسنوات، إلا أن ماهو مميز في هذه السنة هو أن فرحان بلبل كان قد أنجز أول عرض مسرحي طويل بعنوان (الجدران القرمزية) وهو من إخراج المخرج المصري محمود حمدي وقد لاقى العرض نجاحاً باهراً على مدى الأيام التي قدم فيها على مسرح الزهراء حينها.

وفي ختام الحديث ذكر العواني أن النادي قد استمر في حفاظه على تقديم التراث الغنائي العربي الكلاسيكي إضافة إلى تطويره العروض المسرحية اعتباراً من العام 1987 مع بداية مهرجان حمص المسرحي وحتى اليوم سواء بعروض جماعية أوبعروض تعتمد على الممثل الواحد.

وفي هذه الأثناء كان النادي قد أقام أسابيع ثقافية وأمسيات وندوات ومحاضرات في الشعر والقصة والرواية والنقد والإعلام وكرم الكثير من الأدباء والفنانين التشكيليين كما أقام أسبوعاً للثقافة الفلسطينية وذلك بدعم الكثير من الأصدقاء والمثقفين في حمص. وما زال النادي يتابع مسيرته الثقافية والفنية حتى هذه اللحظة.