يعدّ "بيت الجحجاح" الواقع في قرية "الكمية" بـ"ريف حمص" من الأماكن الأثرية؛ لقدم بنائه وتاريخه البعيد، مرّ الزمن عليه وأصبح مهجوراً من قبل أصحابه، باستثناء قاصديه، وكان رمزاً للخيول ومشرفاً على ميدان السباق.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 تشرين الأول 2017، زارت "بيت الجحجاح"، والتقت "عصام سعد الدين" من قرية "الكيمة" المقيم بجانب المكان، ليحدثنا عنه قائلاً: «يقع في مدخل القرية، وهو عبارة عن بناء قديم يعود إلى عائلة "الجحجاح". تم بناؤه من قبل "عزيز الجحجاح" عام 1908، جدرانه من الحجارة السوداء المرصوفة بعضها فوق بعض لتنتهي بسطح من القرميد ذي اللون "الخمري" الداكن. ينقسم إلى عشر غرف موزعة على شكل صندوق مفتوح، وتوجد ساحة واسعة في وسطه، وهناك خمس غرف أو قاعات متتالية من الجهة المطلة على الشارع الرئيس للقرية، ثم ثلاث غرف تقع بالجهة المقابلة لها، وغرفتان موجودتان تحت الأرض، وهما عبارة عن أقبية كانت تستخدم كمستودعات أو لأغراض أخرى في ذلك الوقت.

المنزل مفتوح دائماً؛ حيث يوجد باب من الخلف يدخل الناس من خلاله إليه، أحياناً كثيرة تأتي فرق الكشاف أو رحلات الشبيبة وتدخل إلى المنزل بهدف زيارته والتعرف إليه، في هذه الأيام أصبح المنزل مهجوراً ونمت فيه النباتات البرية، وهو بحاجة إلى إصلاح وترميم من جديد ليعود إلى طبيعته الأولى، ويكون شاهداً على أشخاص وأسماء كثيرة مرت به وأصبحت جزءاً من الماضي

الغرف والقاعات من الداخل جميعها مبنية على نظام القناطر والعقد بحسب أنظمة البناء القديمة، وبعضها كانت تستخدم لاستقبال الضيوف، وبعضها لحفظ الخيول، وغرف أخرى كانت لتسيير أعمال العائلة المالكة للمنزل».

إحدى القاعات

وعن أهمية المنزل عند سكان القرية، يضيف: «للمنزل مكان مهم عند أهالي القرية، لأنه واحد من المعالم الأساسية والمهمة فيها، إضافة إلى أن تاريخه القديم وموقعه عند المدخل الرئيس يساعد الناس على إحياء الذاكرة الشعبية من القصص والروايات المختلفة، والشارع الذي يقع عنده المنزل يدعى "الميدان"، حيث كان ميداناً لسباق الخيول ويشرف على المسابقات، ويتابع قدوم الفرسان من أماكن مختلفة.

تم إدراجه من قبل منظمة "اليونسكو" ضمن الأماكن الأثرية في محافظة "حمص" رسمياً؛ لتحقيقه الشروط والمواصفات المطلوبة لنظام الإدراج. وكان يستقطب شركات الإنتاج التلفزيوني للتصوير بداخله؛ لأنه مؤهل للمشاهد التاريخية وخاصة القريبة من فترة الاحتلال العثماني، فمثلاً تم تصوير مشاهد من مسلسل "نهاية رجل شجاع"، وأيضاً مسلسل "أسمهان". كما تم تصوير مسلسل للفنانة اللبنانية "ورد الخال"، إضافة إلى عدة مشاهد تلفزيونية مختلفة».

داخل البيت

وحول الطريقة لزيارة المنزل، قال: «المنزل مفتوح دائماً؛ حيث يوجد باب من الخلف يدخل الناس من خلاله إليه، أحياناً كثيرة تأتي فرق الكشاف أو رحلات الشبيبة وتدخل إلى المنزل بهدف زيارته والتعرف إليه، في هذه الأيام أصبح المنزل مهجوراً ونمت فيه النباتات البرية، وهو بحاجة إلى إصلاح وترميم من جديد ليعود إلى طبيعته الأولى، ويكون شاهداً على أشخاص وأسماء كثيرة مرت به وأصبحت جزءاً من الماضي».

"نقولا سلوم" من سكان المنطقة في عقده السابع، تحدث عن "منزل الجحجاح" بالقول: «هذا المكان عندما تسير بجانبه يجبرك على الوقوف عنده لتتأمل في الجدران والغرف القديمة، فتعود الذاكرة إلى الوراء، وتسترجع الكثير من الصور والأحداث التي مرت عليه، يخاطبك هذا البيت ويقول: لدي الكثير من القصص والروايات عن سباق الخيل والفلاحين الذين عملوا فيه، وأيضاً زيارات الباشا أيام العثمانين؛ وكلها الآن حكايات شعبية رواها لنا أجدادنا، ونحن نرويها للأولاد.

منظر من الداخل

للمنزل قيمة تاريخية من حيث البناء وأسلوب توزيع الغرف، وأيضاً طريقة إنشاء السطوح القديمة بشكل هرمي، وحجارته السوداء، إضافة إلى إدراجه ضمن قائمة الآثار في المحافظة، كل هذا جعل من هذا المكان معلَماً وموقعاً رفيع المستوى عند سكان القرية والأماكن المحيطة به، وأصبح صورة تروي الماضي وذكرياته».

مختار القرية "مازن العاصي"، تحدث عن معلوماته عن المنزل بالقول: «"بيت الجحجاح" من المواقع الأثرية المهمة في المنطقة بوجه عام، وفي قرية "الكيمة" بوجه خاص، كان منزل الحاكم في تلك الأيام، الذي كان يحكم نحو 35 قرية في زمن الاحتلال العثماني، وكان يحتوي أيضاً دائرة القضاء والمحكمة والسجن، إضافة إلى إسطبل للخيول. أسلوب البناء الحجري القديم الذي هو عبارة عن قناطر داخلية وأقواس، أعطته رونقاً وجمالاً مميزاً عن بقية الأماكن التي تشبهه في المنطقة، وحولته إلى صرح أثري بمرور الزمن، يشهد على الروايات والوقائع التي قضاها أجدادنا داخل جدرانه الحجرية».